تقرير عمليات أفراد الأجهزة الأمنية..فردية قابلة للتطور

الساعة 10:00 ص|24 فبراير 2016

فلسطين اليوم

في الثالث من ديسمبر الفائت استشهد مازن عَرّبية وهو ضابط في المخابرات العامة الفلسطينية بعد تنفيذه عملية إطلاق نار على أحد الجنود الإسرائيليين شمال شرق القدس المحتلة، عملية عَرّبية أحرجت السلطة التي خرج من صفوفها وأستعمل فيها سلاح جهازه الأمني الذي يعمل فيه، وكان قد سبقه في ذلك محمد ماهر حامد أحد أبناء الأجهزة الأمنية والذي خاض إشتباكاً عنيفاً مع قوات الاحتلال في بلدة سلواد شمال رام الله في 23 أكتوبر الفائت.

إلا أن العملية التي كانت الصادمة للأجهزة الأمنية الفلسطينية و الإسرائيلية على حد سواء هي عملية الشرطي أمجد السكري، والتي وصفت بالنوعية

وأعتبرت عملية السكري صفعة للتنسيق الأمني وخاصة أنها وقعت بعد يومين على تصريحات رئيس المخابرات العامة الفلسطيني ماجد فرج، والذي صرح بتمكن الأجهزة الأمنية من أحباط أكثر من 200 عملية خطط لها شبان فلسطينيين ضد إسرائيلي.

هذه العمليات، والتي كانت أخرها عملية عنصر الأمن في جهاز الأمن الوطني، يوم الأحد 14 فبراير الجاري ، عمر محمد عمرو، والذي نفذ مع صديقه عملية إطلاق نار في باب العامود بالقدس، وضعت السلطة وإسرائيل والرباط الأمني المقدس بينهما « التنسيق الأمني » على المحك، وألمحت بمخاوف من الطرفين من إمكانية إمتداد هذه العمليات وتكرارها بالرغم من الجهود المضنية التي تنفذها السلطة من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى على ترويض الأجهزة الأمنية.

ففي إسرائيل أشتغلت وسائل الإعلام وعلى مدار أيام في تحليل هذه العمليات ودلالاتها، كما يقول المحلل السياسي للشؤون الإسرائيلية محمد أبو علان، فإن المخاوف الإسرائيلية من هذه العمليات هي ذاتها المخاوف من كل العمليات كونها فردية، إلى أن ما يزيد الأمر هنا إن من يقوم بها أشخاص مدربون وبيدهم السلاح ولهم أمتيازاتهم.

وتابع أبو علان ومن خلال متابعته لكافة التحليلات التي خرجت في وسائل الإعلام العبرية، إن هذه العمليات غير متوقعه، وخاصة في ظل تمسك السلطة منذ بداية إنتفاضة القدس في أكتوبر الفائت بالتنسيق الأمني، والعمل على إحباط عمليات ضد إسرائيل أيضا، وهو ما جعلهم يصفونها بالنقلة النوعية كونها ليست ظاهرة.

وقال أبو علان:« كان النقاش يدور فيما لو تحولت هذه العمليات لظاهرة، وهو ما جعل الجانب الإسرائيلي يركز في إجتماعات مع الجانب الفلسطيني على ضرورة زيادة مراقبة عناصرها حاملي الأسلحة »

وبحسب أبو علان فإن إسرائيل بالرغم من هذه المخاوف ،لم تتخذ خطوات عقابية إتجاه السلطة بشك عام، وذلك لمعرفتها إن هذه العمليات عمليات فردية، خطط لها من قبل منفذيها دون معرفة قادتهم الأمنية، وهو ما أعلنوا عنه قبل تنفيذهم هذه العمليات على صفحاتهم الشخصية

مدير مركز مسارات للدراسات السياسية خليل شاهين، يقول في تفسيرة لهذه العمليات إن عناصر الإجهزة الأمنية جزء من حاله عامة من الغضب والسخط على الإجراءات القمعية الإسرائيلية اليومية، ولكن لديهم حاله ممزوجة بالغضب والشعور بالتقصير، فهم يواجهون إتهامات الموجه إليهم بالتقصير بشكل دائم.

وتابع شاهين:« هؤلاء الفئة من الشعب الفلسطيني في وضع صعب وهي حاله متوقعه بإن صبر الأجهزة الأمنية سينفذ على إيقاع تصاعد جرائم إسرائيل، فالحديث عن الالاف العناصر الأمنية التي تحمل السلاح ولا تقوم بشئ ، في المقابل فإن أطفالا وفتيات وشبانا يقاموا بما تيسير لهم من أدوات مطبخ ».

وأعتبر شاهين إن هذه العمليات طبيعية وقابلة للتطور إذا ما أستمرت السياسية القمعية الإسرائيلية، فطول فترة الإنتفاضة وشدة القمع عوامر تقلل إمكانية إستمرار السيطرة على الأجهزة الأمنية، والتناقض ما بين مشاعرهم بالمسؤولية إتجاه ما يحدث والسياسية الأمنية التي يعملون تحتها ربما تنفجر في لحظة ما.

وقال شاهين إن من يتحمل مسؤولية هذه العمليات بالدرجة الأولى إسرائيل وإجراءاتها، إلا أن السلطة الفلسطينية برأيه، وتصرفاتها بعلاقتها من الإحتلال تتحمل مسؤولية أيضا، وأضاف:« على السلطة إعادة النظر بسياستها، وموقفها من الإنتفاضة وضرورة دعمها ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، فهذه العمليات حتى الأن ليست ظاهرة، ولا تزال تحت السيطرة ولكن لا أحد يستيطع التكهن إلى متى ».

من جهته يرى النائب الثاني للمجلس التشريعي د. حسن خريشة إن لهذه العمليات دلاله كبيرة، وخاصة فيما يتعلق بالفشل الأمني لإسرائيل وللتنسيق الأمني مع السلطة، ولكل من يراهن على أنه يمكن تغير عقيدة عناصر الأجهزة الأمنية في الأنتماء لقضيتهم.

وتابع د. خريشة:« إن مشروع دايتون والسلطة في خلق فلسطيني جديد نجح على مستوى القيادات العليا للأجهزة الأمنية، إلا إن العناصر القاعدية لا تزال تنحاز لهموم شعبها ومقاومتها ».

وقال د.خريشة، والذي كان قد دعى في أكثر من مرة إلى تجنيد الأجهزة الأمنية في هذه الإنتفاضة:« علينا الآن واجب تعزيز نظرة المجتمع لهؤلاء الأفراد لأنهم ذخر إستراتيجي لأي مواجهة قادة مع الإحتلال ».

وتابع:« الآن إسرائيل تسعى لإستمرار خنوعهم من خلال الإيعاز لقادتهم بتطويقهم ومحاصرتهم، ولكن ما هو واضح أن لا أحد يستطيع أن يحرف الفلسطينيين عن المعادلة الأساسية بإن التصادم مع الإحتلال هي العلاقة الطبيعية فقط ».

هذه العمليات، وآخرى قد تكون حبلى بها الأيام القادمة، من شأنها قلب أوراق اللعب بين الفلسطينيين وإسرائيل التي لم تتمكن بالرغم من كل التنسيق الأمني وتجنيد كل أجهزتها الأمنية، كشف عملية خطط لها منفذها في المساء ونفذها بشكل فردي في الصباح.