خبر سيناريوهات إسرائيلية لحرب محتملة في 2016 ..نضال محمد وتد

الساعة 07:03 ص|23 فبراير 2016

منذ عدوان تموز/ يوليو على لبنان عام 2006، وبعد الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، لم تتوقف التقديرات والتوقعات الإسرائيلية من نشوء حرب أو اندلاع مواجهة عسكرية جديدة على الحدود الشمالية (مع حزب الله في لبنان) وعلى الحدود الجنوبية (مع حركة حماس في قطاع غزة). مع ذلك كانت التقديرات الإسرائيلية تبرز عامل عدم رغبة الطرفين (حزب الله في الشمال وحماس في الجنوب) في التصعيد أو في خوض مواجهة عسكرية، مع التأكيد على أن أي حادث أو عملية من شأنها أن تتدهور إلى مواجهة شاملة.

وقد نشرت صحيفة « يسرائيل هيوم » أخيراً، تقديرات مشابهة، تفيد بأن « الجيش الإسرائيلي يتوقع نشوب حرب في العام الحالي، وأنه طلب من عناصره أن يكونوا على درجة تامة من الجهوزية القتالية العالية، لمواجهة حالة حرب جديدة قد تندلع خلال العام 2016 ».

مرة أخرى استدركت الصحيفة بالقول إن « هذه التوقعات لا تعود لوجود احتمالات كبيرة للحرب أو تضاعف هذه الاحتمالات، بل لأن فرص وقوع القتال باتت ممكنة وكامنة في حالات أو أحداث كثيرة. غير أن مميّزات وملامح الحرب المقبلة ستكون في حال اندلاعها، ووفقاً للسيناريو الإسرائيلي، مغايرة كلياً لتلك التي وقعت في العقود الثلاثة الأخيرة. الحرب القادمة في حال اندلاعها ستشهد: ضرب قطع عسكرية بحرية، واحتمالات إسقاط مقاتلات جوية وإغلاق مطار اللدّ (ديفيد بن غوريون وفقاً للاحتلال الإسرائيلي) الدولي ووقف حركة الطيران المدنية إلى إسرائيل.

ومع أن الجيش الإسرائيلي يدّعي أنه يملك القدرة لتوجيه ضربة قوية لكل من يضرب إسرائيل، إلا أن التقديرات تؤكد أنه من الخطأ الاعتقاد بأنه يمكن إنهاء الدورة القادمة من المواجهة العسكرية خلال 48 ساعة، بل إن المواجهة المقبلة، بحسب الجيش الإسرائيلي نفسه، ستكون شائكة ومركّبة للغاية، وذلك على ضوء كميات السلاح الهائلة المتوفرة في الشرق الأوسط والتعقيدات الشائكة في المنطقة.

وفي وقتٍ جرى القول فيه في الأعوام الأخيرة، إن حالة الغليان السائدة في الوطن العربي، والثورة السورية، إلى جانب عدم الاستقرار، صبّت في خانة انتهاء خطر الجيوش التقليدية على إسرائيل، وتحسين حالتها الاستراتيجية، إلا أن تقديرات الجيش الإسرائيلي تفيد بأن تعقيد الوضع الإقليمي بات شائكاً لدرجة لا يمكن معها توقع التطورات القادمة، وإنما فقط محاولة ترسيم خطوط عامة، وتحديد مفترقات رئيسية لقرارات مفصلية.

وفقاً للاعتقاد السائد في الجيش الإسرائيلي، فإن العوامل الرئيسية الخمسة المؤثرة بالوضع في المنطقة للعام 2016، تتمحور في التدخّل الروسي في سورية، والاتفاق النووي مع إيران، ونشاط داعش، والتغييرات الجارية في السعودية، والانتفاضة الفلسطينية والتوتر المرافق لها في الساحة الفلسطينية، وإن كان تأثير الأخيرة معدوماً على نطاق المنطقة ككل، رغم أهميته على الصعيد الإسرائيلي.

اللافت أنه في ظل هذه التقديرات الإسرائيلية، لا يزال هناك نوع من البلبلة في الجانب الإسرائيلي في تحديد ملامح وتدريج، مُتفق عليه إسرائيلياً، لمكامن الخطر المباشر الذي يهدد الأمن الإسرائيلي. في هذا السياق، تشير »يسرائيل هيوم« إلى خطاب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، أمام مؤتمر أبحاث الأمن القومي، الشهر الماضي، عندما اعتبر أن »حزب الله يشكل مصدر الخطر الأساسي على إسرائيل« ، إلى جانب تحديد الساحة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، باعتبارها تُشكّل التحدي الأول لإسرائيل، خصوصاً أنه لا يمكن الركون إلى حلّ عسكري في الساحة الفلسطينية، خلافاً للوضع في حالة حزب الله.

وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، فإنه على الرغم من احتمالات التوصل إلى وقف لإطلاق النار في سورية مثلاً، إلا أن الامتحان الحقيقي لهذا الاتفاق سيكون في إمكانية تطبيقه وفرضه على الأرض. وتفيد التقديرات العسكرية بأنه لا يمكن إعادة سورية إلى ما كانت عليه قبل الثورة.

في هذا السياق، ومع الحديث عن تحولات في الموقف الإسرائيلي المعلن من الأزمة في سورية، فإن الجيش يجد صعوبة في تحديد من الأفضل لإسرائيل، تنظيم »الدولة الإسلامية« (داعش) أم المحور الإيراني. ومع أن إسرائيل تعلن أنها لن تعارض القرار الأممي بمحاربة »داعش« ، إلا أنها تتخوف من خروج المحور الإيراني أقوى ممّا كان عليه.

وكانت تصريحات إسرائيلية قد صدرت الأسبوع الماضي عن وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، بيّنت أن إسرائيل تتجه في المرحلة الحالية إلى محاولة تكريس حالة الحرب في سورية، وتفضيل خيار التقسيم لصالح إقامة دولة »سورية المفيدة« ، بما يضمن تبديد أي خطر مستقبلي يمكن أن تشكله الجبهة السورية، عبر إدخال سورية في حالة من القتال المستمر بين مختلف الجهات و »الأقاليم السورية« ، في حرب استنزاف طويلة ومستمرة.

وعلى بالرغم من تهديدات حزب الله الأخيرة بشأن ضرب حاويات الأمونيا في ميناء حيفا، إلا أن إسرائيل ترى بأن حزب الله الغارق في الحرب السورية، غير معني في واقع الحال بمواجهة عسكرية مع إسرائيل، فيما يبدو أن الساحة الفلسطينية هي المرشحة عملياً لاندلاع الحرب الجديدة، مع أن هناك رسائل وبوادر تشير إلى احتمال تحول المصالحة التركية الإسرائيلية، في حال التوصل إليها وإقرارها والمصادقة عليها، عامل تهدئة وضبط للأوضاع على الحدود بين غزة وإسرائيل.

وفي مقابل احتمال تحوّل تركيا إلى عامل كبح وضبط في الحدود الجنوبية مع قطاع غزة، فإن الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، تشهد باستمرار تصعيداً في عدد ونوعية العمليات، وإن كانت معطيات الاحتلال تشير بين فترة وأخرى إلى جزر في تراكم العمليات، سرعان ما يتبعه مد وتكرار للعمليات خاصة في القدس، وعلى تخوم المستوطنات الإسرائيلية.

تحاذر إسرائيل من فقدان السلطة الفلسطينية لسيطرتها على أجهزتها الأمنية عموماً، ومن انضمام الذراع العسكري لحركة »فتح" للعمليات، ونشوء حالة مد شعبي مساند للعمليات الفدائية الفردية، التي امتازت لغاية الآن بكونها مستقلة عن أي تنظيم أو فصيل فلسطيني.