خبر استراتيجية إسرائيلية ثلاثية لمواجهة إيران ..صالح النعامي

الساعة 11:30 ص|21 يناير 2016

لم ينجح التهديد الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع الحكومة الأخير بمناسبة رفع العقوبات عن إيران، والتي ركزت على عدم السماح بحصول طهران على سلاح نووي، في إخفاء الخلافات السائدة داخل أروقة صنع القرار في تل أبيب إزاء مستقبل التعاطي مع طهران.

وفاجأ رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، النخب الأمنية والأكاديمية والإعلامية التي كانت تستمع لكلمته التي ألقاها، الاثنين الماضي، في مؤتمر « تغيير قواعد المواجهة »، الذي نظّمه « مركز أبحاث الأمن القومي » الإسرائيلي في تل أبيب، إذ اعتبر أنّ الاتفاق النووي مع إيران يحمل الكثير من الفرص لإسرائيل، ولا ينبغي التركيز فقط على المخاطر التي ينطوي عليها هذا الاتفاق. وتبنّى الجنرال تامير باردو، الذي تقاعد من رئاسة جهاز الموساد قبل أسبوع، موقف إيزنكوت، إذ أشار إلى أنّه لا يوجد تهديد « وجودي » على إسرائيل في الوقت الحاضر.

وعلى الرغم من التباين في تقييم مخاطر النووي الإيراني بعد التوصل إلى اتفاق مع القوى الكبرى ورفع العقوبات عن طهران، فإنّ هناك ما يدلّ على أن المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي اعتمد استراتيجية واضحة للتعامل مع الملف النووي الإيراني. ويأتي تكثيف جمع المعلومات الاستخبارية عن الأنشطة النووية الإيرانية في مقدمة هذه الاستراتيجية.

وذكرت صحيفة « معاريف »، في عددها الصادر الخميس الماضي، أن هذه المهمة (جمع المعلومات) يجب أن تكون من أولويات الرئيس الجديد لجهاز « الموساد » يوسي كوهين، الذي سبق له أن قام بدور مركزي في جهود إسرائيل لإحباط المشروع النووي من خلال قيادته وحدة تجنيد العملاء « تسوميت »، ومن خلال منصبَيه كنائب رئيس الموساد ومستشار الأمن القومي لنتنياهو.

واقتبس الصحافي شلومو تسيزنا، في تقرير نشرته صحيفة « يسرائيل هيوم » في عددها الصادر الخميس الماضي، ما ورد على لسان كوهين في محاضرة ألقاها قبل تسميته رئيساً للموساد، إذ قال إن « مواجهة البرنامج النووي الإيراني يجب أن تكون في مقدمة الأولويات القومية في إسرائيل ». ويهدف جمع المعلومات الاستخبارية عن الملف النووي الإيراني إلى العثور على أي دليل وتقديمه للقوى الدولية لإدانة إيران، لتبرير استئناف فرض العقوبات الاقتصادية على طهران. ولن تكتفي إسرائيل بمراقبة أنشطة إيران النووية، بل ستتابع تحركاتها في مجال تطوير الصواريخ الباليستية.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء الماضي، عن أوساط رسمية في تل أبيب قولها، إنّ قرار الولايات المتحدة الذي صدر أخيراً بفرض عقوبات على مسؤولين وشركات إيرانية تساهم في تطوير الصواريخ الباليستية، يجب أن يشجع على مواصلة تعقّب برنامج الصواريخ الإيراني في المرحلة المقبلة.

أما الخطوة الثانية من الاستراتيجية الإسرائيلية، فتتمثّل في توظيف الاتفاق النووي في تبرير مطالبة الولايات المتحدة بتزويد الجيش الإسرائيلي بمنظومات التسلح الأحدث والأكثر تطوراً. وقال معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، أودي سيغل، إنّ حكومة نتنياهو تستغل تجنيد الأغلبية الجمهورية في مجلسَي الشيوخ والنواب لصالح تل أبيب وتعهدات الرئيس الأميركي باراك أوباما السابقة في تسويغ المطالبة بالحصول على دعم عسكري غير مسبوق في كمّه ونوعيّته.

وخلال تعليق بثّته القناة، يوم الجمعة الماضي، نوّه سيغل إلى أنّه لولا الاتفاق النووي لما وافقت الإدارة الأميركية بهذه السهولة على تزويد إسرائيل بطائرات « الشبح » النفاثة من طراز « أف 35 ».

وتتمثّل الخطوة الثالثة من مركّبات الاستراتيجية الإسرائيلية، في استنفاد الطاقة الكامنة في القواسم المشتركة مع بعض الدول العربية التي تشاطر تل أبيب مخاوفها من النووي الإيراني في تعزيز علاقاتها معها، وفقاً للرؤية الإسرائيلية. واعتبرت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، يوم الثلاثاء الماضي، أنّ الزيارة التي قام بها وزير الطاقة والبنى التحتية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، إلى دولة الإمارات العربية، مطلع الأسبوع الحالي، تعدّ ترجمة مباشرة للتقارب الكبير بين تل أبيب وأبوظبي في أعقاب التوصل للاتفاق النووي.