خبر أسباب الانخفاض المتواصل لأسعار النفط مقابل الدولار الامريكي

الساعة 06:20 م|19 يناير 2016

بقلم : أمين فايق أبو عيشة

المستشار المالي الدولي  

منذ سنوات ارتفت اسعار النفط وبشكل كبير ومهول وتحديا غداه الازمة المالية العالمية التي عصفت بأكبر اقتصاد في العالم الا وهو الاقتصاد الامريكي في العام 2008 حتي وصل هذا الارتفاع الى اعلي مستوياته في شهر يونيو / حزيران من العام 2014 ، ثم بعد ذلك بداءات اسعار النفط في الانخفاض والهبوط والتهاوي امام عملة الدولار الامريكي  ، فيا تري ما هي الاسباب الرئيسية لهذا الهبوط ؟ والي أي حد ممكن ان يستمر ويصل  هذا الهبوط لأسعار النفط  مستقبلاً ؟ 


وفقا لما سبق في رأي هنالك العديد من الاسباب التي ادت الى التراجعات الكبيرة في اسعار النفط الخام من مستويات قياسية  في العام 2014 حين وصل سعر البرميل لحاجز التداول 115 دولار امريكي ، كما انه في  اعتقادي ان هنالك العديد من العوامل التي عملت بشكل كبير على هذا الانحدار المتواصل وما يهمنا هنا في هذا الطرح هو معرفة الاسباب الحقيقية لهذا التراجع في اسعار النفط الخام في نظري هنالك عشرة اسباب ادت لهذا التراجع المستمر والمتواصل في اسعار النفط الخام اضافة لوجود العديد من العوامل والاسباب الظاهرية التي ساهمت وشاركت في الهبوط :

السبب الاول : هو وجود التجمع النفطي في كل دول العالم سواء الفائض التجاري او الاستراتيجي ، في ظل استمرارية الانتاج من قبل الدول المنتجة للنفط والبيع بأي سعر.

السبب الثاني : هو ارتفاع مستويات الانتاج في الولايات المتحدة الامريكية ولجوئها لعمليات التصدير الخارجي وهو ما تم فعلاً هذا الشهر من تصدير حيث تم التصدير الفعلي لشحنة منه  الي ايطاليا وربما للعالم الخارجي مستقبلا  اضافة لزيادة مستويات مخزونها النفطي وهذا ما ادي لإضعاف طلبها على النفط وتحديداً الطلب المشتق من دول غرب افريقا وبالتالي عمل هذا الامر على زيادة التخمة النفطية المعروضة لدول منظمة اوبك مما اجبر المنتجون لخفض السعر.

السبب الثالث : زيادة الانتاج العالمي من النفط للعديد من الدول النفطية وبشكل يتجاوز حدود المعقول ، من اجل اهداف ومرامي سياسية في اغلب الحالات مما زاد من التخمة النفطية دون أي مواجه مقابلة لجانب الطلب العالمي .

السبب الرابع : وجود فيما يعرف بالاقتصاد الرقمي وهو ما وفر استهلاك الطاقة للعديد من السلع حول العالم وتحديداً منطقة اوروبا والذي ادخلت التقنيات وتكنولوجيا المعلومات في انتاجها وتوفيرها لاستهلاك الطاقة وابرز مثال هنا سياراتها المدخرة لاستهلاك الوقود.

السبب الخامس : ارتفاع سعر الدولار الامريكي ، حيث يعتبر الدولار الامريكي هو المقوم الاساسي لسعر النفط فالنفط مسعر ومقوم  بالدولار وارتفاع سعر صرف عملة الدولار الامريكي يجعل سعر النفط اعلي بالنسبة لمستخدمي العملات الأخرى حول العالم .

السبب السادس : سياسات اوبك ، حيث انتهجت اوبك سياسات وقواعد خاطئة من خلال رفض العديد من اعضائها ومنتسبيها التدخل في سوق النفط واعادة التوازن من جديد لهذا السوق الذي يعاني من تخمة كبيرة ، هذا الامر دفع اسعار النفط للانخفاض لمستويات 50% منذ اجتماعها الاخير في اواخر العام 2014 .

السبب السابع : هو وجود العديد من البدائل التي اصبحت اليوم شبة بديل للنفط وهو ما بات يعرف بمصادر الطاقة البديلة ، فمثلا لو اقفلت محطة التوليد عندنا في غزة وجعلت الطاقة البديلة « سواء الشمسية او المائية » فإن استهلاكنا حتما سينخفض من النفط « السولار الصناعي » .

السبب الثامن : هنالك مضاربات شديدة في اسواق النفط وهي نتاج سياسات نفطية خاطئة ، جعلت المضاربون بهذه الاسواق المالية  يضغطون وبشكل قوي على الاسعار في ظل غياب وتغييب استراتيجيات الضبط وهو ما يعرف « بغياب الكبار وتحكم الصغار ».

السبب التاسع : الركود العالمي والصيني : ان الركود الاقتصادي وخاصة في الصين والتي تعد محركاً اساسياً للاقتصاد العالمي اثر وبشكل مباشر على اسعار النفط حيث تراجعت طلبات المصانع والشركات وانخفضت الصادرات الصينية  بنسبة 8.3% بسبب الضعف في الطلب على المنتج الصيني ، نتيجة لضعف النمو للاقتصاد الصيني وارتفاع معدلات عدم التوظيف ( جدير بالذكر ان الاقتصاد الصيني يحتاج سنوياً مليار ونصف وظيفة وهو بحاجة لمعدل نمو سنوي 9% لهذا التوظيف والتشغيل ) وهو ما اوهن التوظيف والتصنيع حيث ان اخر معدل نمو سجل للاقتصاد الصيني هو ادني من 7% . 

السبب العاشر : ان توقيع الاتفاق النووي الايراني في 14 يوليو من العام السابق وازالة العقوبات المالية والاقتصادية خلال هذا الاسبوع على ايران سيحسن من مستويات الانتاج التي انخفضت من مستويات انتاج نفطية ايرانية 4 مليون برميل  يومياً قبل فرضها في العام 2011 وحتي 1 مليون خلال الاربع سنوات الماضية ، حيث انه من شأن رفع العقوبات على ايران عودتها لانتاج 500 الف برميل خلال هذا الشهر وربما 3مليون خلال الربع الاول من العام 2016 وهذا ما سيحفز الانتاج العالمي من النفط في ظل ثبات الطلب العالمي والنتيجة انحدار اخر لأسعار النفط الخام من جديد . 

بالرغم من الاسباب التي ذكرتها في التحليل السابق ، يبقي في اعتقادي ان الخطأ الاكبر والسبب الاكبر لانخفاض اسعار النفط الخام واستمرارية الهبوط مستقبلاً هو السياسة الخاطئة لهذه المنظمة « منظمة اوبك » وعدم تقنين الانتاج العالمي منه ، وبالتالي فإنه ومن اجل ارتفاع الطلب العالمي على النفط ليس هنالك الا طريقين هما تحسن معدلات النمو الاقتصادي في الصين ومن ثم اعادة تحفيز طلب مصانعها على النفط او على الاقل اتخاذ منظمة اوبك قرار بخفض الانتاج ،لكن هذا الامر سيواجه بمعارضة من بعض الدول وعلى راسها ايران التي تمر بأزمة مالية جراء دعمها المتواصل للعديد من بؤر التصارعات في المنطقة وحاجتها لسد عجوزاتها التي استمرت منذ العام 2011 ، وفقاً لذلك استطيع ان اقول ان الانخفاض ما زال سيد الموقف لأسعار النفط وربما سننتقل من مستويات 30 دولار امريكي اليوم للبرميل للعودة لمستويات 26 دولار او ادني وهو السعر الذي كان سائداً قبل ثلاثون عاماً وتحديداً شتاء العام 1986 ، ...لكن وفي نفس الوقت تبقي حرب الاسعار بين الدول المنتجة للنفط سببا لا يمكن زواله حتي اللحظة لذلك فإن النهاية تكن مثل البداية وهي اقرار خفض الانتاج اليومي لكل الدول المنتجة للنفط والا سيصبح لتر النفط بسعر الماء العادي بعد ان اصبح سعر لتر الماء الصحي ارخص من لتر البنزين ....