خبر مكان للقلق- معاريف

الساعة 10:50 ص|18 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: اوري سفير

في نظر حكومة اسرائيل ورئيسها، توجد مجموعتان من الناس. من جهة اولئك الذين يتفقون مع الحكومة في 100 في المئة من المواضيع، ومن جهة اخرى اولئك الذين هم معادون لاسرائيل بل ولا ساميون. وهكذا، وحسب هذا الفهم، اذا قرر الرئيس اوباما عقد اتفاق مع ايران كي يمنع عنها القنبلة النووية، فانه يكون فعل ذلك انطلاقا من العداء لاسرائيل، لان حكومة اسرائيل فضلت هجوما عسكريا من الولايات المتحدة. اما اصدقاء اسرائيل، في نظر نتنياهو، فهم عمليا الجمهوريون وحدهم، ممن يسميهم « الاصدقاء الحقيقيين ». هذا فهم يكمن عميقا في عقلية الغيتو اليهودي، كما عبرت عنه في الماضي غولدا مائير: « العالم كله ضدنا ».

          حقيقة أن اسرائيل تتغذى اقتصاديا وسياسيا سواء من الولايات المتحدة أم من الاتحاد الاوروبي لا صلة لها بجنود اضطهاد نتنياهو وشركائه.

          مثل هذا الموقف مريح ايضا لاغراض الدعاية الداخلية. فلماذا التفكير على الاطلاق بشرعية المواقف النقدية، الامريكية أم الاوروبية، في موضوع الحاجة لتجميد البناء في المستوطنات، اذا كان دافعها هو المس باسرائيل وتشجيع العرب؟

          ان اختبار الدولة السيادية هو أيضا معرفة كيفية ادارة سياسة خارجية مع الاصدقاء النقديين؛ فمسموح للدولة التي تحتاج الى حلفاء في الساحة الدولية ان تراعي ايضا المواقف الدولية. اما للغيتو فلا توجد سياسة خارجية، بل اسوار دفاعية فقط. كراهية الاجانب ليست بديلا عن السياسة الخارجية، حتى لو كانت تهيىء القلوب للانتخابات التالية.

          هل فكر أحد ما في حكومة نتنياهو أن يحتمل بانه اذا كان كل العالم بلا استثناء يعارض احتلال الضفة والبناء في المستوطنات، فقد نكون نحن غير المحقين وليس كل العالم غبي او لا سامي؟

          اوروبا اليوم مصدومة من اقرار قانون الجمعيات. وقد تعرفت من مصادر رفيعة المستوى في الاتحاد الاوروبي بان وزارات الخارجية في الدول الاساس في اوروبا قلقة – ليس من الصعوبة المحتملة في نقل الاموال الى الجمعيات التي تتبنى التعايش السلمي وحقوق المواطن، بل من التآكل الخطير في اساسات الديمقراطية الاسرائيلية. ذات القلق يثور ايضا في اعقاب العنصرية التي يعتبر عنها فتيان التلال، المستوطنون وحلفاؤهم في البيت اليهودي وفي الليكود. وفضلا عن هذه المواضيع، فان اوروبا قلقة من منع تعليم كتاب دوريت ربنيان « جدار حي » بسبب قصة الحب بين يهودية وعربي. وهذا يذكر الاوروبيين باكثر الانظمة ظلامية.

          مسموح بالفعل للدول ان تكون قلقة من توسيع المستوطنات التي تمنع عن اسرائيل هويتها اليهودية والديمقراطية. ومسموح لها ان تكون قلقة من تآكل الديمقراطية. من يعرب عن مثل هذا القلق، ليس فقط ليس لا ساميا أو لا اسرائيليا؛ بل ان هذا واجب لصديق حقيقي لاسرائيل.

          اسرائيل بحاجة الى اصدقاء يكونون ايضا اصدقاء السلام الاسرائيلي  - الفلسطيني؛ اصدقاء المستوطنات قد يكونوا موجودين بين المتدينين الارثوذكسيين في بروكلين وبين عدد صغير من المنتخبين الجمهوريين.

          لقد حان الوقت لان تستيقظ اسرائيل من الصدمة التي يعتبر فيها كل انتقاد ضرر يلحقه « الاغيار » الذين يقومون علينا في كل جيل وجيل لابادتنا. نحن دولة سيادية، يتعين علينا، خلافا لما هي عليه اليوم ان تكون عضوا محترما في أسرة الشعوب.