خبر الاسير كريم يونس يدخل عامه ال 34 في سجون الاحتلال

الساعة 01:51 م|06 يناير 2016

فلسطين اليوم

أفادت هيئة الاسرى والمحررين ان الاسير الفلسطيني كريم يونس سكان عارة في فلسطين المحتلة عام 1948 يدخل عامه ال 34 في سجون الاحتلال الاسرائيلي وهو أقدم اسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية وفي العالم ايضا.

ووفق التقرير، اعتقل كريم يونس في 6/1/1983 وحكم عليه بالسجن المؤبد الذي حدد فيما بعد بـ 40 عاما، وقد كان يفترض ان يفرج عنه خلال الدفعة الرابعة وفق التفاهمات التي ابرمها الرئيس الفلسطيني مع حكومة اسرائيل والتي تقضي بالافراج عن كافة الاسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاقيات اوسلو، ولكن حكومة الاحتلال تنصلت من الافراج عن الدفعة الرابعة والتي كانت تتضمن 30 اسيرا منهم 14 اسيرا من الداخل الفلسطيني وهم الاقدم في السجون.

وقالت هيئة الاسرى ان حكومة اسرائيل حاولت الابتزاز والمساومة بما يتعلق بالافراج عن اسرى الداخل، وانها على كافة المراحل السابقة وخلال المفاوضات او صفقات التبادل كانت ترفض الافراج عن اسرى من الداخل او تضع شروطا معقدة حول ذلك.

ويعتبر كريم يونس رمزا لنضال الحركة الاسيرة في السجون والذي رفض اي ابتزاز او مساومة او اي عملية تمييز وفصل بين الاسرى من الداخل او بقية الاسرى في الضفة وغزة والقدس، مؤكدا انهم مناضلون فلسطينيون ناضلوا وضحوا من اجل فلسطين وحرية فلسطين .

ومن ابرز مواقفه خلال محاولة اسرائيل فرض الضغوطات السياسية والابتزاز على القيادة الفلسطينية في فترة تعليق الافراج عن الدفعة الرابعة ومطالبة اسرائيل من القيادة الفلسطينية الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل وبشرعية المستوطنات وغيرها من المواقف المرفوضة فلسطينيا، قال كريم يونس: انا مستعد ان اقضي مائة عام اخرى في السجون، وارفض ان نستخدم كوسيلة ضغط سياسي على القيادة الفلسطينية على حساب الحقوق الاساسية والثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني.

صفحات من حياته

وفق تقرير الهيئة: في بلدة عارة ولد كريم في 24-12-1956 لاسرة فلسطينية تنتمي للوطن وتعشق الارض والقضية، درس المرحلة الابتدائية والاعدادية ثم انتقل للناصرة ليحقق النجاح في الثانوية العامة، وخلال دراسته في جامعة “بن غوريون ” كان اعتقاله في التاريخ الذي لم تنساه والدته ام كريم في مثل هذا اليوم من عام 1983 ، وتقول ” لا يمكن للحظة ان ننسى تلك اللحظات التي حولت مسار حياتنا، خاصة وانه في الليلة التي سبقها كانوا اقتحموا منزل ابن عمومتنا سامي يونس واعتقلوه، وتضيف بعد منتصف الليل استيقظنا على صوت طرق شديد على بوابة المنزل، وما كاد زوجي يفتح الباب حتى فوجيء بالعشرات من الجنود المدججين بالسلاح كمن حضر لساحة معركة، وقبل ان نسأل طلبوا منا احضار كريم، فابلغناهم انه غير موجود لانه  يدرس في جامعة بن غوريون في بئر السبع، فغادروا وهم يتوعودنا باعتقاله وهذا ما حدث ففي اليوم الثاني اعتقلوا من جامعته وبعدها بأيام اعتقلوا قريبنا ماهر يونس وثلاثتهم اقتاودهم للتحقيق دون ان ابلاغنا باي معلومة حول اعتقالهم .

 

الحكم القاسي

في مرحلة الاعتقال الاولى تقول ام كريم « عانينا كثيرا ونحن نبحث عن مصيره وهم يحتجزونه مع رفاقه رهن التحقيق، وكانت الصدمه عندما بدات جلسات المحاكم المريرة،  وبعد 27 جلسة محكمة على مدار سنة كاملة، اصدرت المحكمة قرارا باعدام  كريم وماهر شنقًا بالحبل، كانت صدمتنا كبيرة ولكن القرار كان سياسي ومبرمج ويستهدف تدمير معنوياتنا والتضييق علينا خاصة انه لدى صدوره كنا نعرف جيدا انه لا يوجد في القانون الاسرائيلي اعدام، لكن الاحتلال اراد ان يستغل القضية لفرض حالة من الرعب والخوف والحرب النفسية لاننا نعيش في الداخل وبلغة اخرى ارادوا ان  يعاقوبننا على كوننا مواطني اسرائيل الذين “خنا المواطنة“ ونقل رسالة لكل فلسطينيي الداخل الذين يفكرون بانتهاج المقاومة ضد الاحتلال، وتضيف رفضنا ان نسلم بقرار المحكمة وبدأنا السعي لافشال والغاء القرار وبعدا متابعة وجهد كبير استانفنا على الحكم وقررت المحكمة اصدار حكم بالسجن المؤبد المفتوح، لحظتها ورغم قساوة الحكم حمدنا الله كثيرا، فالسجن اهون من القبر والاعدام، ولم نتوقف عن الدعاء لحريته ونهاية هذا العذاب المستمر حتى اليوم ».

 

مناضل من طراز اخر

  تنقل كريم بين السجون مكرسا شخصيته النضالية والوطنية فرفض الخضوع لابتزاز ومساومات ادارة السجون والمخابرات لعزله عن الحركة الوطنية الاسيرة في السجون، وكريم يعتبر من ابرز قيادات الحركة الاسيرة ورموزها  وقد كان ممثل الاسرى في اكثر من معتقل، عبر عن انتماءه وحبه لقضيته في كل المواقف، مناضل من الطراز الاول يرفض الاستكانة والاستسلام رغم انه هاديء الطبع  وفي الصراع مع ادارة السجن يتفانى في النضال والجهد والعمل من اجل حقوق الاسرى، يمتلك الكثير من الوعي والخبرة والثقافة التي كرسها في خدمة الحركة الاسيرة وتطوير اوضاعها وقدراتها الوطنية والنضالية والتنظيمية والاعتقالية، جاء في التقرير.

وذكرت هيئة الاسرى ان الاسير « كان في الموقع القيادي الاول في جميع المعارك التي سطرتها الحركة الاسيرة في كافة المراحل في صراعها المرير مع ادارة السجون، ورغم تعرضه للعقاب والعزل والنفي من سجن لاخر لم يكن يتاخر عن المشاركة في ادارة دفة الصراع دفاعا عن الحركة الاسيرة ومكتسباتها . وانه كان يفخر بهويته الفلسطينية ولم تنال منه سنوات الاعتقال ولم تؤثر على معنوياته ومبادئه محطات المعاناة بعدما شطب اسمه من كل عمليات التبادل ».

وأضافت: يسجل لكريم انه ناضل بقوة ضد محاولات ادارة السجون بث الفتنة والفرقة والتجزاة بين ابناء الحركة الاسيرة وفصل العلاقة بين اسرى الداخل عن باقي الحركة الاسيرة التي تفخر ببطولات كريم وتصر على ان يكون دوما مع كل اسرى الداخل على راس الاولويات في أي صفقات تبادل قادمة.

 

ارادة وعطاء

وفي محطات العطاء والصمود التي لا تتردد الوالدة عن الحديث عنها، تقول ” ان كريم لم يستسلم للامر الواقع وهو يتحدى ظروف الاعتقال ويحافظ على صحته حتى لا تؤثر اوضاع السجون على صحته، اضافة الى انه تحدى الحكم الجائر وسنوات الاعتقال المريرة من خلال اصراره على مواصلة دراسته الجامعية فهو يدرس علوم سياسية وصحافة ، فهو يدرس ويشجع الاسرى على كسر احد اهداف الاعتقال لان الاحتلال يريد طمس روح الوعي والثقافة لدى الاسير  ويتمنى ان يتخرج من الجامعة وهو اكبر انتصار على السجن والسجان« .

بين صوره التي تزين واجهة منزلها في قرية عارة في المثلث الشمالي في الداخل تعيش وترسم  الوالدة صبحية وهبة يونس الكثير من الامنيات في انتظار لحظة الافراج عن نجلها الاسير كريم يوسف فضل يونس الذي يحتل المرتبة الاولى في قائمة قدماء وعمداء الاسرى والذي يدخل اليوم عامه ال 34 في الاسر . ورغم اللحظات العصيبة التي امضتها في انتظار اللحظة الاجمل في حياتها فان الوالدة تتامل في كل لحظة ان يتحقق حلمها، وتقول :” اعيش العذاب والحزن والالم ولكني في كل زيارة التقي فيها كريم يؤكد لي انه سيعود،  ولطالما قال لي ابني كريم لا تحزني ولا تياسي ولا تستسلمي للامر الواقع، عدي الساعات  وستريني عائدا لاحضانك  على غيرِ موعد، فأصدقه واصلي لله لكي يحقق ذلك الحلم فانا اشتاق لضمه لصدري وعناقه لاشم رائحته الزكية وتتكحل عيني من رؤيته وطلعته البهية، وتنتهي رحلة العذاب على بوابات السجون الظالمة “.

 

على بوابات السجون

 

الوالدة التي تبلغ من العمر اليوم (83 عاما) لم تنقطع عن زيارة كريم منذ اعتقاله في 6-1-1983 حتى وهي تعاني المرض كانت تشد الرحال للسجون التي تحفظ اسماءها عن ظهر قلب وتعرف الطريق اليها بسهولة، وتقول »في كل محطة من اعتقاله كانوا يتعمدون نقله من سجن لاخر فاصبحت احفظ طريق السجون واعرفها جيدا لانه لا يوجد سجن لم يترك في قلوبنا غصة او نتجرع على ابوابه مرارة الانتظار او الحزن، وجدرانه المظلمة تغتصب حياة ابني الذي تنقل من نفحة لعسقلان ومن جلبوع للرملة ومن مجدو حتى ريمون وعسقلان  وهداريم، وفي كل زيارة اتمنى ان تكون المحطة الاخيرة وان تكون التالية منزلنا في عارة الذي تسكنه الاحزان على فراق حبيب القلب، فلو نطقت تلك الجدران لبكت حزنا والما وانتصارا لدموعي التي لن تتوقف حتى ارى كريم حرا بلا الواح زجاجية وعيون ترقبنا وكانها تحصي الانفاس، ستكون اجمل لحظة في حياتي عندما ننتصر على تلك السجون ويتحرر ابني وكل رفاقه الذين لا زالوا يعيشون هذا الظلم بقرارات وسياسات اسرائيل الظالمة" .

الفرحة المؤجلة

 في السجن لم ينقطع الاسير كريم  عن الاهتمام بمتابعة اوضاع اسرته واشقائه الخمسة واصدقائه، ورغم غيابه الطويل تقول والدته فانه يتمتع بذاكرة قوية يسأل في كل زيارة عن الجميع وعن اخبارهم وهو يوصيني بالتواصل مع كل الاهل والاصدقاء ونقل تحياته ومحبته لهم، ولكن رغم ذلك فإن قلبي لا تفارقه الاحزان، خاصة في الاعياد فلا احتمل غيابه ونحن نودع العيد تلو الاخر وهو لا زال اسير، وتضيف  كانت اقسى لحظات العمر عندما تزوج اشقاؤه وشقيقاته ، كل الناس كانت تفرح والجميع يحاولون التخفيف عني، وحتى اسيري الحبيب كريم لم يكن يتوقف عن مطالبتي بالفرح لافراح اخوانه كأنه موجود، ولكن هو قلب الام الذي لا يمكن ان يتغير، وعندما تزوجت شقيقته كنت حزينة لانه لم يكن مع والده يمسك بيدها ليزفها لمنزل شقيقها، فافراحي ستبقى مؤجلة ولن يشعر قلبي بطعمها الا عندما ارى كريم عائدا لمنزلنا ولاحضاني وافرح بزفافه، فليل نهار اصلي لله ان يطيل بعمري حتى ارى كريم وعروسه .