خبر المبادرة السعودية لمحاربة ايران -هآرتس

الساعة 10:44 ص|06 يناير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: ازمة العلاقات بين ايران والسعودية قد تعيق أو تفشل الجهود الدولية لانهاء الحروب في سوريا واليمن - المصدر).

 

          قطع العلاقة الدبلوماسية بين السعودية وايران هو خطوة رسمية لخصت علاقة محطمة أصلا بين الدولتين. وقد كانت الذروة في اعدام العلامة الشيعي الراديكالي نمر باقر النمر اضافة الى 46 شخص (بعضهم من نشطاء القاعدة) أُدينوا باعمال ارهابية والحاق الضرر بأمن الدولة. السعودية رفضت الضغط الدولي ويشمل ذلك ضغط الامم المتحدة والادارة الامريكية التي خشيت من الصدام الطائفي في الشرق الاوسط. الرد كان فوريا. فقد تم احراق السفارة السعودية في طهران وهرب موظفوها. ورغم استنكار الرئيس حسن روحاني للحريق ومطالبته اعتقال المسؤولين. إلا أن السعودية قامت بقطع العلاقات.

 

          السؤال هو هل كانت السعودية تعرف حجم الرد وأوجدت عن قصد سببا لقطع العلاقات. حسب مصادر عربية، الجواب هو نعم. إنهم يذكرون أن السعودية لم تتردد في قطع علاقاتها مع قطر حينما اعتقدت أنها تنافسها في قيادة الشرق الاوسط. ولم تكن بحاجة في حينه الى حدث دراماتيكي من اجل جر البحرين والامارات وراءها. في هذه المرة ايضا لم يتأخر الجواب: البحرين قطعت علاقاتها مع ايران، ودولة الامارات قلصت التمثيل الدبلوماسي في طهران والسودان طردت السفير الايراني من الخرطوم ومصر لم تعلن عن موقفها بعد.

 

          وعموما، الاعدام في السعودية وايران ليس شيئا نادرا. فحتى شهر تموز الماضي تم اعدام 700 شخص في ايران على الاقل منهم نشطاء سنيين. وفي 2015 أعدمت السعودية 150 شخصا. لكن طالما أن الاعدام هو عقاب على جرائم جنائية فان الاهتمام الدولي يقتصر على التنديد والتقارير الغير مفيدة لمنظمات حقوق الانسان. حقوق الانسان في ايران والسعودية مسجونة داخل جدران واقية، بُني بعضها بـ « التبرع » من الدول الغربية لمنع الحاق الضرر بالمصالح مثل الاتفاق النووي مع ايران، أو الحفاظ على التحالف السعودي الامريكي. لكن في هذه المرة قد تؤثر القضية بشكل بعيد المدى ليس فقط على العلاقات بين السعودية وايران.

 

          خلال أكثر من ثلاث سنوات، منذ اعتقاله في السعودية، تعاملت ايران مع نمر النمر كبطل وأيقونة يجب انقاذه من السجن السعودي. وسائل الاعلام الايرانية ولا سيما تلك التي تبث الاخبار باللغة العربية عظمت من شخصيته وطلبت من السعودية اطلاق سراحه. في محادثات سرية وخطابات علنية طلبت ايران من السعودية عدم الحاق الضرر بالعلامة وحذرت من الرد الممكن. يبدو أن تعظيم العلامة قد أوضح للسعودية أن لديها ذخر « استراتيجي » ضد ايران يمكن استخدامه بعدة اشكال. قبل سنة حينما كانت المحادثات النووية في ذروتها وجهت ايران تلميحات علنية بأنها معنية باصلاح العلاقات مع السعودية، بل وتم الحديث عن امكانية زيارة وزير الخارجية الايراني جواد ظريف للدولة. وأوضحت ايران ايضا أنها تريد الحديث عن مصير النمر. ولم تسارع السعودية في الرد رغم أن الولايات المتحدة أعطت أهمية كبيرة للتقارب بين الدولتين. حيث أن الرياض وضعت نفسها كرأس حربة ضد الاتفاق النووي. وفي محادثات سرية أوضحت للامريكيين أنها تعتبر هذا الاتفاق خيانة للسياسة المناهضة لايران والتي تم الاتفاق عليها بين القصر الملكي وبين البيت الابيض.

 

          خوف السعودية كان وما زال من أن الولايات المتحدة قد تفضل ايران عليها، وأن الاتفاق النووي ستكون له نتائج كارثية على مكانة السعودية في الشرق الاوسط واقتصادها عندما يتم رفع العقوبات عن ايران. لم تقتنع السعودية من رسائل التهدئة التي قدمها الرئيس اوباما ووزير الخارجية جون كيري للملك السعودي والقيادة في المملكة – لا سيما بعد أن فهمت أن الولايات المتحدة مستعدة للتنازل ايضا في موضوع الحرب في سوريا.

 

          بعد اربع سنوات من الصمود الامريكي ضد استمرار نظام الاسد، تم اهمال هذه السياسة في صالح توافق امريكي، ايراني وروسي – حيث كان مطلوبا من السعودية أن تهز رأسها ولا تلحق الضرر بهذه التفاهمات. وبالفعل جلس ممثلو السعودية وايران في الشهر الماضي على طاولة المباحثات مع الولايات المتحدة في فيينا وعدد من الدول التي استدعيت لنقاش الحل السياسي في سوريا.

 

          لكن « جلسة الاخوة » هذه لم تصمد. ففي ذلك الشهر استدعت السعودية الى الرياض بضع عشرات من ممثلي  المليشيات والمعارضين السوريين من اجل الاتفاق على صيغة الحوار السياسي الذي سيتم مع الحكومة السورية، وعلى المجموعات التي ستمثل المعارضة. ايران غضبت كثيرا وكان هذا من اجل سحب البساط من تحت اقدامها واعطاء السعودية رافعة التأثير على الحوار ولا سيما على المشاركين. التحالف السني ايضا الذي اعلن عن اقامته الملك سلمان في الشهر الماضي « من اجل محاربة الارهاب » تم اعتباره في ايران صراعا على التأثير، ومن اجل كبح تأثير طهران، أكثر من كونه اعلان الحرب على الارهاب.

 

          اشارة اخرى واضحة على نية السعودية « ملاحقة » ايران في كل مكان في الشرق الاوسط ظهرت من خلال اعادة فتح السفارة السعودية في بغداد بعد 25 سنة من القطيعة الدبلوماسية الرسمية. العراق صاحب الاغلبية الشيعية، والذي يعتبر حليف ايران، تحول ايضا الى ساحة للصراع بين الدولتين. هذا اضافة الى الحرب التي تديرها السعودية في اليمن ضد الحوثيين الذين هم ايضا موالين لايران.

 

          الشرخ بين ايران والسعودية من شأنه افشال الجهود الدبلوماسية على انهاء الحرب في سوريا واليمن لأن الانتقال الى عدم الاتفاق في المواقف بين السعودية وايران أضيف اليه الآن البعد القومي الديني الذي من شأنه افشال الاعتبارات العقلانية والسياسية التي يجب أن تكون في مركز الجهود الدبلوماسية.

 

          السعودية التي قادت قبل سنة قرارات دول « الاوبيك » عدم تقليص انتاج النفط رغم انخفاض الاسعار، لم تظهر حتى الآن أنها تنوي تغيير سياستها رغم أنها بحاجة الى اسعار نفط أعلى. يبدو أن السعودية ستزيد الآن من انتاج النفط من اجل الحاق الضرر بايران قبل رفع العقوبات. واذا فعلت السعودية ذلك فان اقتصاد روسيا سيتأثر من الصدام السعودي – الايراني وكذلك العراق. هذا فقط مثال على التحول الدراماتيجي في الاستراتيجية السعودية التي بدأت بعد تنصيب الملك سلمان. وقياسا بالعقود السابقة التي اعتمدت فيها السعودية استراتيجية سلبية، فان الملك سلمان وخصوصا إبنه محمد، قد انتهجا استراتيجية فعالة ومبادرة بدأت منذ اليوم الاول لوجودهما في الحكم. تغيير المناصب السريع في السعودية والحرب ضد اليمن ولي ذراع مصر واقامة تحالف سني واصلاح العلاقات مع تركيا والتصريحات الانتقادية العلنية ضد سياسة الولايات المتحدة – كل ذلك يُبين أن هناك حقبة جديدة في السعودية.