خبر نتنياهو والعملية في تل أبيب -يديعوت

الساعة 10:29 ص|04 يناير 2016

فلسطين اليوم

هو ليس مذنبا

بقلم: ناحوم برنياع

 (المضمون: ليس لدى نتنياهو حل لموجة الارهاب التي تجتاح الدولة. الزعيم الحقيقي كان سيوجه نظرة الى مواطني دولته ويقول لهم الحقيقة. اما نتنياهو فعندما يعجز يبحث عن مذنبين. المذنب الفوري، المريح، هو الجمهور العربي في اسرائيل  - المصدر).

 

          بضعة أسباب تجعل العملية في تل ابيب يوم الجمعة الماضي حدا خطيرا على نحو خاص. أولا، استخدام السلاح الناري؛ ثانيا، عدد المصابين؛ ثالثا، حقيقة ان القاتل هو عربي اسرائيلي؛ رابعا، اختفاؤه من الساحة، مع سلاحه، بلا اصابة؛ خامسا، هوية المصابين – مواطنين وليس جنودا. وهناك من يضيفون حجة سادسة: المكان. هجوم ارهابي في كريات جات، في بئر السبع أو مفترق الغوش لا يؤثر في احد خارج دولة اسرائيل. أما هجوم في قلب تل ابيب فهو نبأ عالمي.

 

          العملية ليست كارثة طبيعية: فهي من فعل الانسان. في خلفيتها هناك أفعال وقصورات لاناس خاصين ومؤسسات الدولة، كان يمكنهم ان يمنعوا ولم يمنعوا. أحد ما مسؤول؛ أحد ما مذنب. هذه فرضيتنا الاساس كاسرائيليين. في شعوب اخرى، في بلدان اخرى، الناس يقتنعون بان الضربات التي تقع عليهم هي قدر، ارادة الله، أما نحن فنختلف. نحن نبرر، ننتقد، نستخلص الدروس. هذا هو الامر المثالي؛ هذا هو التراث؛ هذه هي التوقعات.

 

          بطبيعة الحال، عيوننا تتطلع الى رئيس الوزراء. هذا صحيح بالنسبة لكل رؤساء الوزراء، ولكنه صحيح على نحو خاص بالنسبة لنتنياهو في ولايته الرابعة. في الحكومة الحالية هو سائد: نحو ثلث الحقائب في يده؛ أحد من الوزراء لا ينافسه؛ المعارضة ضعيفة وفزعة. خيرا كان أم شرا، لا مجال بدونه.

 

          هذا لا يعني أنه يمكن أن نرى فيه مسؤولا عن كل شيء سيء يحصل هنا. فنتنياهو ليس مربية الاطفال في الروضة ونحن الاطفال في الروضة. اذا ما قرر شاب من وادي عارة ان يأخذ سلاحا في حقيبته وان يطلق النار على الناس، فالمسؤولية هي قبل كل شيء مسؤوليته، وبعد ذلك مسؤولية من سمح له بالوصول الى السلاح، وبعد ذلك مسؤولية سلطات الامن التي اعادت لابيه السلاح رغم معرفتها الخلفية الصارخة للابن، واخيرا مسؤولية الشرطة التي اصدرت امر حظر نشر جارف ولعلها بذلك سهلت على القاتل الهرب. كل هذه قصورات وافعال تتطلب الفحص. وهي ليست في مجال مسؤولية رئيس وزراء.

 

          صحيح، لو كان نتنياهو في هذه اللحظة رئيس المعارضة، لكان وصل الى ديزنغوف منذ يوم الجمعة، التقطت له الصور على رصيف مليء بالدماء ولاتهم رئيس الوزراء بالقصور. هكذا تصرف في عهد العمليات الانتحارية حيال رابين وبيرس.ولكن خطاياه القديمة لا يجب أن تعنينا عن ان نرى ما هو مطلوب من رئيس الوزراء وكل ما ليس مطلوبا منه.

 

          بنود مسؤولية نتنياهو يجب البحث عنها في اماكن اخرى. فعندما زار مكان الحدث في منتهى السبت اتهم الوسط العربي بانه دولة في داخل دولة. في دولة العرب « يوجد سلاح غير قانوني بالجملة يطلق منه في احيان قريبة النار في الاعراس، في الافراح وكذا في احداث الجريمة »، قال.

 

          كله صحيح، باستثناء حقيقتين. الاولى حامشية: هذه ليست الحالة. هنا السلاح كان قانونيا تماما، مثل كل السلاح الذي يقترح وزراء من الليكود ايداعه في ايدي كل مواطن يحب اطلاق النار. الاخرى جوهرية: يوجد قصور شديد في انفاذ القانون في الوسط العربي، وهو يقع على رأس نتنياهو. في السنوات السبعة الاخيرة هو الذي يتولى منصب رئيس الوزراء. في هذه الفترة عاد النواب العرب، وعلى رأسهم احمد الطيبي وحذروا، مرارا وتكرارا رئيس الوزراء من أن الوسط يتفجر بسلاح غير قانوني، بعنف وبالجريمة. افعل شيئا ما. اما نتنياهو فاستهتر. اما الان، فعندما رفع الموضوع الى جدول الاعمال، فانه يضع قصوره على حافة باب الاخرين.

 

          ليس لديه حل لموجة الارهاب التي تجتاح الدولة. الحقيقة هي أن ليس للاخرين في هذه اللحظة صيغة سحرية، لا في الساحة السياسية ولا في جهاز الامن. الزعيم الحقيقي كان سيوجه نظرة الى مواطني دولته ويقول لهم الحقيقة. ليس نتنياهو. فعندما يعجز يبحث عن مذنبين. المذنب الفوري، المريح، هو الجمهور العربي في اسرائيل.

 

          مثلما في بثه الكاذب في يوم الانتخابات، انه يدفع اليهود والعرب في اسرائيل الى مواجهة بينهم. وسط مقابل وسط. في هذه اللحظة ليس في هذه الخطوة منفعة سياسية: الانتخابات بعيدة؛ وبالتأكيد ليس فيها منفعة أمنية. اكثر مما يكشف هذا عن دهاء نتنياهو فانه يكشف عن مخاوفه، وضعف طبيعته.

 

          لا يمكن أن نستبعد امكانية ان في داخل نتنياهو يوجد سموتريتش صغير بين الحين والاخر يتفجر الى الخارج. مثلما في ساعة العصفور السويسرية، فانه يهتف كوكو، كوكو، وعندها يعود الى عشه، حتى الكوكو التالية.