خبر لأول مرة: طاقة خلايا جسمك تشغل حاسوبك

الساعة 08:38 م|29 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

مثلما يشغل النفط السيارة، يشغل مركب “ثلاثي أدينوسين الفوسفات ATP”، كل عملية حيوية تحدث في جسمك، أنت تتحرك، تأكل، تشرب، تتنفس، ويدق قلبك، وتفكر، بسبب هذا المركب الذي سمي بـ”عُملة الطاقة في الخلية”، بل وإنه وقود كل العمليات الحيوية في الكائنات الأخرى، فأنت تشترك فيه مع كل الكائنات الحية، بداية من أصغر بكتيريا، حتى أطول شجرة، لكن، هل تخيلت من قبل، في أكثر أحلامك جموحاً، أن يصل العلماء لتشغيل دارات كمبيوتر، بمركب الطاقة في الكائنات الحية؟

لقد حدث هذا بالفعل، عندما قام الباحثون في قسم الهندسة بجامعة كولومبيا، لأول مرة، باستخدام مركب الطاقة في الخلية، لتشغيل دارة كمبيوتر متكاملة.

وقد تم هذا عن طريق دمج دارة كهربية متكاملة “سيموس”، مصنوعة من أشباه الموصلات التقليدية، في غشاء صناعي محاكي للأغشية الحيوية الطبيعية، مكون من طبقتين دهنيتين، ويحتوي على مضخة أيونية تستمد طاقتها من ثلاثي أدينوسين الفوسفات، ما يفتح الباب لأول مرة، لصناعة أجهزة كمبيوتر تعتمد في إمداد الطاقة الخاص بها على العمليات البيولوجية، بديلاً عن الكهرباء، وقد نشرت هذه الدراسة التي قادها كين شيبرد ولاو فاميلي، الأستاذان في الهندسة الكهربائية والهندسة البيولوجية في جامعة كولومبيا.

وقد قال الأستاذ شيبرد، أن دمج تكنولوجيا صناعة الدارات الكهربية منخفضة الطاقة “السيموس” مع أداة إلكترونية بيولوجية، كما قال إن الفريق متحمس بشأن صناعة أجهزة بوظائف جديدة لم تخطر ببالنا من قبل، اعتماداً على هذا الإنجاز، بالاعتماد على عملة الطاقة في الخلية، أو الوصول إلى دارات من أشباه الموصلات، تستطيع أن تتذوق أو تشم مثلاً.

وقد قال الأستاذ شيبرد، أن الأمر بدأ عندما لاحظ أن دارات الكمبيوتر “سيموس” لا تستطيع أن تؤدي العديد من الوظائف المعتادة في الكائنات الحية، مثل التذوق والشم، والاستفادة من مصادر الطاقة الحيوية، برغم نجاحها الساحق في المجالات الأخرى، وقد خَلُص إلى أن الكائنات الحية تقوم بهذه الوظائف عن طريق نسختها الخاصة من الأجهزة الإلكترونية، المعتمدة على الأغشية الدهنية للخلية والقنوات الأيونية والمضخات، أي ما يشبه النسخة البيولوجية من الترانزوستر، فهي تستخدم الشحنات المتمثلة في الأيونات، لحمل الطاقة والمعلومات، حيث تتحكم القنوات الأيونية بتدفق الأيونات على مدى غشاء الخلية، أما الدارات الكهربية في الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية، فهي تستخدم الإلكترونات، متحكمة في إشاراتها الإلكترونية والطاقة، بواسطة الترانزوستر.

الطاقة تخزن في الكائنات الحية، على شكل فرق الجهد الموجود على طول الأغشية الدهنية، المضخات هي التي تنشئ فرق الجهد هذا، اعتماداً على الطاقة المستمدة من “ثلاثي أدينوسين الفوسفات” للعمل، وما فعله الفريق كي ينشئ منتجه المهجِّن للبيولوجيا والإلكترونيات، بمزاوجة الدارة الكهربية الإلكترونية المتكاملة “سيموس” مع خلية بيولوجية تحصد الطاقة من ثلاثي أدينوسين الفوسفات، وبذلك تمكن الجهاز من إنشاء فرق جهد كهربي بواسطة المضخات على الغشاء المحاكي الذي تم تخليقه، واستخدامه لكي يعمل.

وقد أضاف الأستاذ شيبرد، أنهم قاموا بعمل نسخة مكبرة من هذا النظام، بحيث بلغت عدة مليمترات، لكي يروا ما إن كان سيعمل أم لا، أما الآن فهم يريدون تصغيره بأكثر ما يستطيعونه، وقد قال شارحاً، أن هذه ليست المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من الحصول على الطاقة من الكائنات الحية، لكنها المرة الأولى التي ينجح فيها أحدهم بالحصول عليها على المستوى الجزيئي للخلية الحية، وعزل الوظيفة المطلوبة فقط واستخدامها للدمج مع الإلكترونيات، قائلاً أنهم لم يكونوا يحتاجون إلى الخلية الحية كلها، لذلك فقد قاموا بعزل الجزء الذي يحتاجونه فقط، وهي في هذه الحالة بروتينات الـATPases، لأنها البروتينات التي سمحت لهم بالحصول على عملة الطاقة، الـATP.

القدرة على دمج العالم البيولوجي والإلكترونيات، سوف يفتح الباب للخيال من أوسع أبوابه، فمثلاً، لماذا ما زلنا نعتمد على الكلاب البوليسية؟ ماذا إذا تمكننا من دمج عزل قدرة الشم فحسب من الكلاب، في جهاز إلكتروني، ولا نعود بحاجة للحيوان كاملاً، وليس هذا فقط، سوف تكون هناك الكثير من المفاجآت التي يأتي بها هذا المزيج العجيب.