خبر تنحية غريبة -يديعوت

الساعة 11:02 ص|28 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: ليس واضحا ما هي خطورة الجرائم التي ارتكبها رمتي. ما هو واضح هو أن جهاز الامن وفي الواقع اسرائيل فقدا احد العقول والمدراء التكنولوجيين الافضل الذين ترعرعوا في داخلنا - المصدر).

رائحة ما غير طيبة في هذه القصة. يمكن التقدير بان التحقيق الذي فتح ضد يئير رمتي على حيازة مادة سرية في حاسوبه الشخصي دار منذ عهد رئيس المسؤول عن الامن في جهاز الامن السابق، أمير كاين، الذي اعتزل قبل شهر. فما الذي حصل منذئذ. هل يحتمل أن يكون أحد ما انتظر حتى ينهي رمتي دوره كـ « مقدم » بارع لكل النجاحات الهائلة لمشروع حوما والتي عرضت في الشهر الاخير – مثل وصول حيتس 3 الى النضج وتحول منظومة العصا السحرية الى تنفيذية – وفقط بعد ذلك ركله الى الخارج مكللا بالعار؟

لا يشرح جهاز الامن أي شيء في هذا الشأن. فالادعاء الاساسي الذي يسمع هناك، والذي يعود مصدره الى دائرة الامن في الوزارة، هو ان الحديث يدور عن نوع من « المجرم المواطب »: فكم مرة سبق أن امسكوا به متلبسا بجريمة مشابهة بل وحذروه من ذلك. ولكن من الصعب التصديق بان هذه كل القصة. إذ ان من يعرف يئير رمتي – أمانته وسريته اللتين عمل بهما كل السنين – يفهم ان هذه القصة المتعلقة بجرائم المعلومات لا تلتصق بهذا العالم الذي عني كل حياته المهنية بالمواد الاكثر سرية التي يمكن للمرء أن يتصورها. وعليه، فالكثيرون في وزارة الدفاع وفي السلطات الامنية اصيبوا بالصدمة.

بقدر ما يبدو هذا مأساويا، فان رمتي ينهي حياته المهنية الفاخرة في خدمة الدولة بالضبط مثلما انهاها مراقبه، الرجل الذي تعلم رمتي على يديه: دوف رفيف، ابو مطلق الصواريخ الاسرائيلي « شفيت » والرجل الذي وضع الفكرة التي تقف خلف منظومة حيتس. رفيف هو الاخر اتهم، في منتصف التسعينيات، من ضباط الامن في وزارة الدفاع في أنه نقل مادة في مجال عمله لجهة غير مخولة في اثناء تلقيه للعلاج الطبي في خارج البلاد. وهكذا انتهت الحياة المهنية في اسرائيل لعظيم علماء الصواريخ الذين كانوا هنا. والان نجحوا في أن يصفوا ايضا الحياة المهنية، في اسرائيل على الاقل، لتلميذه الاكثر كفاءة.

بعد أن اقيل رفيف من الصناعة الجوية عين يئير رمتي مديرا لخطة حيتس. وفي عهده صعدت خطة تطوير الصاروخ الى المستويات الصحيحة – بعد سلسلة طويلة من الاخفاقات. هنا في واقع الامر، ظهر رمتي ليس فقط كعقل لامع بل وايضا كزعيم تكنولوجي رائد. ولاحقا عين مديرا لمشروع الصواريخ في الصناعة الجوية، والذي يشكل مركز انتاج للصواريخ الاسرائيلية ويعتبر أحد المشاريع الاكثر تقدما وسرية في جهاز الامن. قبل نحو اربع سنوات، بعد أن اعتزال آري هرتسوغ منصبه كرئيس لمديرية « حوما » تسلم رمتي المنصب بالشكل الطبيعي للغاية. في عهده وصلت الى النضج كل المنظومات المتعلقة بالدفاع الفاعل في الدولة، وباشرافه ادخلت في الخدمة النماذج المتقدمة للقبة الحديدية، بعضها في ظل القتال في غزة، ومنظومة العصا السحرية وصلت الى نضج تنفيذي. وبالطبع، فان سلسلة صواريخ حيتس وصلت الى مرحلة متقدمة في التطوير، مثلما وجد الامر تعبيره في التجربة التاريخية الناجحة في بداية الشهر. لقد كان رمتي ايضا رجل ارتباط محترم جدا في مشروع الصواريخ للصناعات الامنية الامريكية ووزارة الدفاع في واشنطن.

تأتي بيانات وزارة الدفاع لتشوش الصورة. ليس واضحا ما هي خطورة الجرائم التي ارتكبها رمتي. ما هو واضح هو أن جهاز الامن وفي الواقع اسرائيل فقدا احد العقول والمدراء التكنولوجيين الافضل الذين ترعرعوا في داخلنا.