خبر الصفقة الدائرية: الكهرباء مقابل الماء

الساعة 11:57 ص|04 ديسمبر 2015

بقلم

(المضمون: مبادرة جديدة لفريق اسرائيلي – اردني – فلسطيني يتطلع الى حل ثلاث ازمات في اتفاق واحد: الاردن ينتج لاسرائيل والفلسطينيين الطاقة الشمسية، واسرائيل تنقل لهما المياه المحلاة والكل يتمتع بتخفيض انبعاث غاز الدفيئة وتلوث الهواء - المصدر).

          مع وفرة الاشعاع الشمسي على مدى معظم ايام السنة والعلم الذي راكمته على مدى السنين، كان يفترض باسرائيل أن تكون نورا للاغيار في كل ما يتعلق بانتاج الكهرباء الشمسية. ولكن بحثا جديدا يطرح الامكانية في أن الاغيار بالذات هم الذين سيوفرون النور لاسرائيل. وصحيح حتى نهاية العام 2015 تنتج اسرائيل أقل من 2 في المئة من كهربائها من مصادر متجددة، وليس لان لديها فائضا من الكهرباء.

 ولكن البحث الذي تجريه منظمات البيئة وباحثون من الاكاديميا يطرح امكانية جديدة وابداعية لحل المشكلة، ستعزز ايضا التعاون الاقليمي.

وها هي الصيغة: حقول شمسية تقام في الصحراء الاردنية تورد الكهرباء لاسرائيل وللسلطة الفلسطينية وبالمقابل تورد اسرائيل الماء لجارها. يبدو هذا التعاون ذا صلة خاصة على خلفية مؤتمر المناخ المنعقد هذا الاسبوع في باريس وتمهيدا له وضعت اسرائيل هدفا لتخفيض انبعاث غاز الدفيئة. توريد الكهرباء المستندة الى الطاقة الشمسية، سيساعدها على تحقيق هذا الهدف.

          عرضت المبادرة امس في ندوة في معهد بحوث الامن القومي في تل أبيب، من قبل اعضاء المنظمة البيئية « اكوبس » والتي تضم في عضويتها باحثين اسرائيليين، اردنيين وفلسطينيين. احد اعضاء لجنة التوجيه للمشروع هو البروفيسور ايتان ششنسكي الذي ترأس اللجان التي عنيت بالمردودات لقاء استخدام المقدرات الطبيعية في اسرائيل.

          وحسب استنتاجات البحث الاولية، والذي اجري بتمويل صندوق « اديناور » وبمشاركة اعضاء المنتدى الاسرائيلي للطاقة، كان يمكن ان تقام في الاردن منشآت شمسية على مساحة مئات الكيلومترات المربعة، لتزود قسما هاما من الكهرباء التي يحتاجها هو وجيرانه. ومن أجل توريد نحو خمس استهلاك الكهرباء التي تحتاجها اسرائيل في العام 2030، ستكون حاجة الى مساحة 195 كيلومتر مربع. كلفة الاستثمار ستكون 16.5 مليار دولار. وهذه الكلفة أدنى بـ 30 في المئة من كلفة الكهرباء للمستهلك الاسرائيلي حتى ذاك العام. « نحن نقدر بان كلفة اقامة حقول للطاقة الشمسية في الاردن ستقل »، قال المدير العام الاسرائيلي لـ « اكوبس »، جدعون برمبرغ، « لانه ستكون مساعدة من الدول في العالم ».

          الماء حسب الخطة، ستضخ في الاتجاه المعاكس، من اسرائيل الى الاردن والى السلطة الفلسطينية. وحسب نتائج البحث، فانه من أجل التغلب على النقص المتوقع، سيتعين على اسرائيل تقريبا ان تضاعف حجم تحلية المياه، لصل الى مليار ومئة مليون متر مكعب في السنة. وهذا يتضمن منشأتي التحلية التي ستفعل في قطاع غزة (للسكان المحليين) وما يحليه الاردن في المنشأة التي يقيمها قرب العقبة.

          خلفية المشروع هي أزمة المياه القاسية في المنطقة، قال برمبرغ. « في عمان توجد اماكن لا يتم فيها توريد المياه الا مرة واحدة في الاسبوع والناس يجمعون الماء في البراميل ».

          اليوم تورد اسرائيل الماء الى الاردن من بحيرة طبريا، ومؤخرا تم توسيع هذا الاتفاق. ولكن حسب برمبرغ، يوجد اعتراض حاد في الاردن على هذه الاتفاقات، خوفا من خلق تعلق. وعليه، فقد اعتقد « اكوبس » بانه يجب خلق اطار واسع من التعاون ومشاركة السلطة الفلسطينية ايضا. ويقوم التعاون على التعلق المتبادل كونه لا يمكن تحلية مياه البحر او تفعيل شبكات نقل المياه بدون كهرباء. « لدى اسرائيل توجد تكنولوجيا التحلية وقدرة وصول الى البحر المتوسط وهذه ميزتها »، قال برمبرغ. « بالمقابل، لدى الاردن مساحات واسعة في الصحراء لا توجد مشكلة بيئية فيها لاقامة حقول للطاقة الشمسية بحجم كبير ».

          ان الافكار التي تم وضعها في مشروع البحث عرضت مؤخرا امام مندوبي الوزارات الحكومية المختلفة. وجاء من وزارة الطاقة، البنى التحتية الوطنية والمياه بانهم سيردون على الموضوع بعد انتهاء العمل. ومع أن هذه ليست مبادرة حكومية، من المهم أن نتذكر ان « اكوبس » ادى دورا هاما في وضع خطة لاعادة تأهيل نهر الاردن الجنوبي، والتي في نهاية المطاف تبنتها جهات حكومية في الاردن وفي اسرائيل. خطط التحلية في اطار المشروع تقف على نقيض، صحيح حتى الان، مع قرار سلطة المياه، لتقليص حجم التحلية. صعوبة اخرى تثور في المستقبل تنبع من أن شركة الكهرباء تدعي بانه من الصعب دمج الطاقات الشمسية بشبكة الكهرباء الاسرائيلية وستكون حاجة الى اجراء ترتيب معقد.

ومع ذلك اذا ما خرج هذا التعاون الى الدرب، فضلا عن حقيقة ان كل الاطراف ستتمتع بتخفيض لانبعاث غازات الدفيئة وتلوث الهواء، فانه كفيل بان يكون حرجا لمصالح اسرائيل التي تحتاج الى استقرار سياسي في الاردن، والذي هو المفتاح لصد انتشار المحافل المتطرفة مثل المنظمات التي تقاتل في سوريا. ولكن ليس فيها فقط. فتوريد آمن للماء والكهرباء يمكنه أن يحسن جوهريا جودة حياة سكان السلطة الفلسطينية بشكل عام وغزة بشكل خاص، والذين في التسوية التي تضم ايضا الاردن لن يكونوا متعلقين بعد اليوم باسرائيل فقط. « الماء والطاقة هما موضوعان يتجاوزان الحدود، وعليه فمن المهم التعاون في استغلالهما »، يقول البروفيسور ششنسكي. « اعتقد أن الطريق الصحيح لعمل ذلك هو ليس من خلال مخصصات تعطى لكل طرف بل من خلال استغلال مشترك وواعٍ للمقدرات ».