لانعدام شعورهم بالأمن

تقرير « الخواجات » يهربون بالآلاف من « إسرائيل »!

الساعة 08:45 م|03 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

رصد تقرير صادر عن (المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية –حيفا)، ارتفاعا ملحوظا في تنامي الهجرة اليهودية خارج فلسطين المحتلة، بسبب فقدان الأمن.

وأشار التقرير إلى أن عوامل الطرد الديمغرافي داخل أراضي الـ48 تعاظمت في السنوات الأخيرة، فأصبحت أعلى من عوامل الجذب إليها، وذلك بسبب الهواجس الأمنية للعديد من اليهود، وانعدام الشعور بأمنهم الشخصي في عمق جبهتهم الداخلية، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية المتمثلة في الضائقة المعيشية والوضع الاقتصادي.

وقال التقرير إن حجم الهجرة المعاكسة ارتفع بشكل ملحوظ منذ بداية الألفية الثالثة، خاصة في فترة أوج الانتفاضة الثانية وتحديدا خلال السنوات 2001-2003، ثم هبط بعض الشيء، ليرتفع مرة أخرى في عامي 2006-2007 في أعقاب الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، فيما استمر عام 2012 الاتجاه نحو ميزان هجرة سلبي، إذ وصل إلى الداخل المحتل 16,558 يهوديا، ونزح عنها في ذات السنة 23,258 يهوديا؛ أي أن حجم الهجرة المعاكسة هو 6,670، ما يعني أن المزيد من اليهود الإسرائيليين يفضلون الانسلاخ سنويا من أراضي الـ48 والعيش خارجها« .

 

 تقرير: تصاعد الهجرة اليهودية العكسية بسبب فقدان الأمن

 

وتشكل ظاهرة الهجرة المعاكسة من »إسرائيل« كابوسا حقيقيا للساسة الإسرائيليين ودوائر صنع القرار فيها.

ويختلف قادة الاحتلال في تقييمهم لظاهرة الهجرة المعاكسة، إذ يحمل أقطاب المعارضة الحكومة مسؤولية هذه الظاهرة.

مدير مركز أطلس للدراسات الإستراتيجية عبد الرحمن شهاب يؤكد انه على الرغم من عدم الوثوق في دقة الأرقام التي تنشرها مراكز الدراسات والثقل الإسرائيلية حول الهجرة المعاكسة، والتي قد تَبْني عليها بعض الدراسات العربية نتائجها، إلا أن هناك مصادر ومعلومات من خارج »إسرائيل« تؤكد ارتفاع معدلات الهجرة المعاكسة بشكلٍ كبير.

 شهاب: انتفاضة القدس الحالية سترفع من معدلات الهجرة بصورة غير مسبوقة


عبدالحرمن شهاب

وأوضح شهاب لـ »فلسطين اليوم« أن التقاريرَ الإسرائيلية والعربية التي ترصد تنامي الهجرة المعاكسة تعطي دلالة واضحة على حجم الرغبة لدى اليهود في ترك »إسرائيل« والعيش خارجها، ويعطي دلالة قوية على عدم ثقة يهود العالم بأن »إسرائيل دولتهم الآمنة« كما يُروج صناعة القرار فيها.

ولفت شهاب أنه لابد من أخذ الأرقام الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بالهجرة المعاكسة بعين الريبة، وعدم الوثوق فيها، لأسبابٍ موضوعية وهي أن »إسرائيل« ودوائر القرار فيها لا تُفصح بصراحة ودقة عن أعداد الهجرة المعاكسة لأسباب عديدة؛ من بينها الخشية في تنامي الظاهرة، والخوف من إشعار يهود العالم بعدم قدرة »اسرائيل« على حمايتهم؛ الأمر الذي قد يؤثر على الهجرة إلى الكيان.

وقال: الاحتلال يضع قيوداً كبيرة على أرقام الهجرة المعاكسة، ومراكز الإحصاء تحيطها هالة كبيرة من السرية، وتخضع للرقابة العسكرية، التي تحدد ما تريد نشره، وتحظر ما تريد إخفاءه.

شهاب: الرقابة العسكرية تمنع الإحصاء الإسرائيلي من نشر الأرقام الحقيقة حول الهجرة المعاكسة والارقام قد تكون ضخمة

وأضاف: أعتقد ان أرقام الهجرة المعاكسة كبيرة، وذلك يمكن تَلمُسُهُ من المصادر العربية في المدن المحتلة عام 1948، والأصدقاء في المدن حول العالم وخاصة الأوربية الذين يرصدون هجرة الإسرائيليين إليهم، وبعض الآراء التي تَخرجُ عن دائرة الرقابة الإسرائيلية.

ويرى شهاب أن هناك علاقة وطيدة بين الهجرة المعاكسة والشعور بالأمن داخل »إسرائيل« ، وان المعادلة تقول كلما ارتفع الشعور باللأمن والخوف، ارتفعت معدلات الهجرة العكسية، وهذا ما رصدناه بداية الانتفاضة الثانية.

وتوقع شهاب ان ترفع انتفاضة القدس الحالية معدلات الهجرة بصورة غير مسبوقة، مشيراً ان ثلاثة أسباب تدفع الإسرائيلي للهجرة خارج الكيان أولها من ناحية نفسية أن صورة الإعدامات الميدانية للفلسطينيين في الشوارع على مرأى ومسمع الجميع تلقي ظلالاً سلبية في نفس الإسرائيلي، وتشعره بعدم أخلاقية دولته المزعومة التي تروج لذلك.

وبين ان الدافع الثاني للهجرة المعاكسة يتمثل في يقين الإسرائيليين أن الفلسطينيين لن يطول صبرهم على الاعدمات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وأنهم لن ينسوا جراحات أَبْنَاءهُمْ، ولا سيما أن تقاريرَ ودراسات إسرائيلية ترى ان الانتفاضة لن تستمر بوتيرتها الحالية (الحجر والسكاكين)، وإنما ستنتقل للمواجهة المسلحة، وبعدها ستتجه نحو العمليات الاستشهادية داخل المدن المحتلة.

وثالث الدوافع من وجهة نظر شهاب، يكمن في أن الإسرائيلي بدافعٍ شخصي يرى أن المكان المناسب للعيش والعمل له ولعائلته هو أوروبا، وأنها المكان الأفضل من »إسرائيل« التي تعاني من مشاكل أمنية وسياسية واقتصادية عديدة.

في السياق يرى الكاتب السياسي د. أسعد عبدالرحمن في مقالة له بعنوان »الهبة الفلسطينية« .. ماذا تحقق؟ أن من بين الإنجازات التي ستحققها انتفاضة القدس تَصاعُد الهجرة المعاكسة منها ونقص الهجرة الوافدة إليها.

ويقول عبدالرحمن في مقالته المنشورة في صحيفة الاتحاد الامارتية بتاريخ 13/11/2015: ولأن من أكثر ما تخشاه الدولة الصهيونية هو الديموغرافيا، وبسبب تراجع الإحساس بالأمن إسرائيليا، وانتفاء ديمومة إسرائيل »واحة للهدوء والديمقراطية وجنة موعودة لليهود« ، بات من المرجح تصاعد الهجرة المعاكسة منها ونقص الهجرة الوافدة إليها، الأمر الذي يؤثر على سياسة الاستيطان وإضعاف وتائره.

 

كاتب سياسي: من بين الإنجازات التي ستحققها انتفاضة القدس تَصاعُد الهجرة المعاكسة منها ونقص الهجرة الوافدة إليها


اسعد عبدالرحمن

 

وتشير تقارير »إسرائيلية« إلى اتجاه حاد للهجرة المعاكسة، وبالتالي إلى تناقص متراكم للعنصر البشري في الكيان.

فقد جاء في تقرير للمؤتمر اليهودي العالمي أنه منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، بلغ متوسط الهجرة المعاكسة نحو 20 ألف سنوياً، بينما يتراجع باستمرار عدد المهاجرين إلى الكيان.

فعلى سبيل المثال؛ في حرب تموز (يوليو) 2006 التي واجهت فيها المقاومة الوطنية اللبنانية الكيان، رصدت الإحصاءات الإسرائيلية في عام 2007 أن عدد اليهود الذين هاجروا من فلسطين المحتلة أكبر من أولئك الذين كان متوقعاً أن يهاجروا إليها، في الفترة نفسها، أي أن ميزان الهجرة كان سلبياً.

 

تقارير إسرائيلية: هجرة معاكسة مع تراجع الهجرة إلى إسرائيل بشكل ملحوظ

ووفق جريدة »يديعوت أحرونوت« الصادرة يوم 20/4/2007 كان »من المتوقع أن تصل الفجوة بين الهجرة إلى « إسرائيل » والهجرة العكسية إلى خمسة آلاف لمصلحة الهجرة العكسية.

ومن خلال استطلاع « إسرائيلي » للرأي تبين أن 30 في المئة من اليهود درسوا بجدية الهجرة من إسرائيل في حال أتيحت لهم الفرصة في أعقاب الحرب على غزة (صيف 2014)، حيث بدت الصورة قاتمة، فلم تعد مغادرة الكيان « خيانة وطنية »، كما كانت توصف سابقاً، بل فرصة أخرى للحياة.

 وجاء هذا الاستطلاع من خلال لقاءات مع « إسرائيليين » هاجروا إلى بلدان أوروبية أعربوا فيها عن سعادتهم بهجرتهم، معتبرين انه لا يمكن أن يكون الخوف والتوتر والضيق الاقتصادي قدرهم إلى الأبد، فيما سعى بعضهم إلى تنظيم حملات هجرة جماعية.

وفي استطلاع آخر سئل أحد اليهود المهاجرين من الكيان عن سبب هجرته فأجاب: « ليس السؤال لماذا رحلنا، بل السؤال لماذا بقينا هناك طوال هذه المدة قبل أن نرحل »!