خبر الشبكات الاجتماعية تُعظم التحريض -هآرتس

الساعة 10:43 ص|01 ديسمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: رون شيلي

 (المضمون: التحريض يتعاظم في الشبكات الاجتماعية وينتشر بطريقة أسرع من الواقع، والأدهى من ذلك أن الشبكات الاجتماعية تنشيء واقعا مشوها ومشوشا يفرض نفسه على الواقع الفعلي من خلال العنف وعدم تقبل الآخر - المصدر).

نحن نمضي جزء كبير من وقتنا في الواقع الوهمي المشوش. حيث يتم ذلك عن طريق الشبكات الاجتماعية التي تحولت الى مصدر المعلومات الاساسي لنا، ويبدو لنا أن هذا هو الواقع – لكن فعليا هذه الصورة مشوهة.

 الشبكات الاجتماعية تُحدث اصداءً كاذبة: نحن نسمع اصواتنا في الفضاء وعلى يقين أن هناك الكثيرين يفكرون مثلنا. المشكلة تبدأ حينما يخرج هذا التشويه الذي يساهم في تطرف الحوار عن حدود الشبكات الاجتماعية ويُسبب العنف في الواقع – كما يحدث في الآونة الاخيرة بين فينة واخرى.

الواقع اليومي لنا جميعا يفرضه الفيس بوك وتويتر وشبكات اجتماعية اخرى. عدد من الاحداث الصغيرة تتجمع على صفحتنا وتشكل وعينا حول الواقع الذي يحيط بنا. لكن هذه ليست أحداث الجميع – بل اصدقاءنا فقط والاشخاص الذين نتابعهم في الشبكة.

لقد وضعتنا الشبكات الاجتماعية في مجموعات: كل واحد منا مع اصدقائه والصفحات التي يتابعها يقوم بترتيب الواقع بالشكل الذي يريحه وحسب ما ينظر اليه وما يتوقعه أن يكون.

الاصدقاء والصفحات تغذي هذه المجموعات بالمضمون والاخبار وحسب ما يتوقع منهم. الاصدقاء يضعون صور سيلفي وهم سعداء، الاعمال تضع دعايات تأمل للجميع أياما سعيدة وفي السياق يقنعوننا أن كل شيء سيكون على ما يرام اذا اشترينا انتاجهم. ونحن ننتظم حول الامور المتفق عليها.

هذه ظاهرة خطيرة. غياب بؤرة قبيلة واحدة وانقسامها الى بؤر صغيرة، الامر الذي ينشيء تطرفا في المجتمع، وانفصالا وعدم رغبة في الاستماع الى مواقف مختلفة. هكذا نشهد تصاعد الحوار التحريضي والعنيف، لا سيما لدى المجموعات التي تتبنى مواقف سياسية وأجندات اجتماعية. إن الانقسام الى بؤر هو بمثابة فرّق تسُد: كل مجموعة تؤمن أنها تملك الصواب المطلق وتتبنى العنف، الامر الذي يتحول بسرعة من مجرد بوست الى حدث عنيف على ارض الواقع.

متى سيعود الواقع ويسيطر على الشبكة؟ عندما يحدث شيء متطرف وقوي يدفع الواقع الى الاستقامة، وهذه الظاهرة تسمى « العودة الى الواقع »، وقد حدث هذا مؤخرا بعد العمليات في باريس. وفي لحظة واحدة تم تلوين الشبكات بصور توحدت تحت عنوان العلم الفرنسي، حيث الذهول والتضامن قد تجاوزا حدود الحوار وفرضا رسالة واحدة. للحظة واحدة عادت القبيلة واجتمعت تحت شعار واحد.

للأسف ستعود الشبكة قريبا وتفرض الواقع. المجموعات والاصدقاء سينغلقون مرة اخرى في حوارهم الخاص ويتهمون مجموعات اخرى بالمسؤولية عن العملية ويقترحون طرق للقضاء على المسؤولين عنها ويعودون الى الحوار المتطرف. وشيئا فشيئا سينضج هذا الامر ليؤثر على المشاركين الذين يخرجون من الشبكة الاجتماعية ويزعزعون العالم بحدث أكثر تطرفا.

هذه هي دائرة العنف الجديدة. دوائر من الحوار المنفصل الذي يشوش الواقع الوهمي لنا، ومن جهة اخرى يخلق واقعا متطرفا في الميدان. ومن اجل تغيير هذا الواقع نحن بحاجة الى قادة للحوار العقلاني والبراغماتي داخل الشبكة وخارجها وتحمل المسؤولية والبدء بالحديث الواحد مع الآخر. ايضا في الشبكة وفي العالم الحقيقي، ليس التحدث فقط بل ايجاد طريق يخرج فيها الحوار من الشبكة ويترجم الى اعمال على ارض الواقع: التغيير في الدستور، التغيير في السلوك وخلق مجموعة متجانسة جديدة وحقيقية – قادرة على السيطرة ومواجهة المجموعات المتطرفة التي تهدد طريقة حياتنا.