خبر العاصفة في الشرق الاوسط -يديعوت

الساعة 11:52 ص|26 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

نحن المرسى

بقلم: غي بخور

(المضمون: في العاصفة الهائلة، التي لم تشهد المنطقة مثلها منذ الاحتلال المنغولي، قبل أقل بقليل من 800 سنة، فان اسرائيل بالذات تبقى جزيرة الاستقرار الوحيدة. في الشرق الاوسط الذي يبحث بيأس عن التوازن، بقينا نحن المرسى الوحيد - المصدر).

 

مرة  اخرى عاد وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى اسرائيل بعد أن غاب عن هنا لفترة طويلة. ولكن هذه المرة، كما نأمل ونؤمن، بات يرى الشرق الاوسط مختلف.

 

لقد اعتقد قادة الادارة الامريكية الحالية منذ يومهم الاول في الحكم بان نقطة ارخميدس في الشرق الاوسط هي اسرائيل. اذا ضغط عليها و « حللت » نزاع « ها » فان كل المنطقة ستسقط امام اقدامك. هذا هو السبب الذي جعل انشغال ادارة اوباما بالموضوع الاسرائيلي على هذا القدر من الكثافة. اوباما وكيري لم يتراخيا، بل وفي الولاية الثانية للرئيس شرعا في مفاوضات مضنية وطويلة فرضاها على اسرائيل وعلى مجموعة معينة من الفلسطينيين تسمى « السلطة الفلسطينية ».

 

كم كتبت في هذه الصفحة بان هذا خطأ جسيم، كم حذرت من أن ليس للبيت الابيض الوقت لمعالجة النزاع الذي تقادم واصبح هامشيا بينما تقع نزاعات هائلة اخرى على المنطقة وعلى العالم بأسره. وهكذا، على مدى نحو سنتين انشغلت الادارة الامريكية بنا، انشغلت في الماضي، بينما مطحنة اللحم السورية اخذت في الاتساع، العراق انهار، ليبيا اصبحت خشبة قفز للجهاديين الى اوروبا، اليمن انهار وخرائبه سقطت على السعودية واوروبا داخت تحت عبء ملايين اللاجئين.

 

معقول الافتراض بان الادارة ليست مذنبة – وانها وقعت ضحية « الخبراء »، « الدبلوماسيين » و « الاكاديميين » على أصنافهم، ممن جعلوا « النزاع » مصدرا لرزقهم، وللاولياء الاخرين ممن يريدون ان يقضموا اسرائيل ويقزموها. لسنوات انشغل اولئك « الخبراء » بالنزاع (لم يعودوا يقولون النزاع الاسرائيلي – العربي لانه تقلص ليصبح النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني) دون أن يفهموا كم هو هامشي ويشكل اداة لصرف الانتباه عن المشاكل الحقيقية للشرق الاوسط. كل حاكم عربي لم يرغب في أن يرى الناس الورطة الدينية – الطائفة – القبلية – القومية لديه في البيت، صرف الانتباه نحو اسرائيل. من  ناحيته كانت هذه ذخرا بالذات، وليس عبئا. معقول الافتراض بان اوباما بات يفهم التلاعب حول اسرائيل، ولكن يحتمل أن يكون هذا متأخرا من ناحية المنطقة. فلو كانوا عالجوا جذور داعش في الوقت المناسب لكان من المحتمل الا يتطور هذا التنظيم ليصبح الوحش الذي هو عليه الان. ولو كانوا عالجوا نظام الشر لبشار الاسد في الوقت المناسب لكان من المحتمل ألا  يكون الطاغية السورية هنا اليوم. وهكذا ايضا الازمات الاخرى في الشرق الاوسط وفي اوروبا. نعم، اوروبا هي الاخرى انشغلت باسرائيل بينما كان بيتها نفسه تتصاعد فيه النار.

 

ماذا يوجد اليوم في الطرف الاخر، حيال اسرائيل؟ فراغ كبير. ثمة مجموعة من العجاز في رام الله، عديمي القوة والشرعية، ما كان لاي اتفاق يتوصلون اليه ان يلقى القبول من اغلبية الجمهور العربية في الضفة أو في غزة، وفي كل حال لم يكن في نيتهم الوصول الى اي اتفاق. كان هدفهم الوحيد ان ينالوا مناطق ويجعلوها هدفا للهجوم التالي لتقليص واضعاف اسرائيل. لا شيء أكثر من ذلك: لا ديمقراطية، لا اقتصاد، لا قانون ولا مستقبل. ولهذا الفراغ كان هناك من يرغب في اعطاء ارض يهاجمون منها مركز اسرائيل بالصواريخ.

 

لقد سلمت الانظمة العربية بوجود اسرائيل، وبالسر وبغير السر يسعون الى الاستعانة بها. النزاع مع الفلسطينيين موجود ولكنه هامشي مقابل الشيطان السني – الشيعي، معركة الجبابرة مع الاسلام المتطرف وتسلل القوى العظمى الى الشرق الاوسط بزخم عسكري.

 

في العاصفة الهائلة، التي لم تشهد المنطقة مثلها منذ الاحتلال المنغولي، قبل أقل بقليل من 800 سنة، فان اسرائيل بالذات تبقى جزيرة الاستقرار الوحيدة. في الشرق الاوسط الذي يبحث بيأس عن التوازن، بقينا نحن المرسى الوحيد.