خبر في الذكرى ال11 لرحيل عرفات..انتفاضة رسم خطاها سابقا ووحدة تبعثرت من بعده

الساعة 08:43 ص|11 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

تصادف اليوم الأربعاء , الذكرى ال11 لوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات , الرمز الفلسطيني كما أطلق عليه العالم اجمع , الاعلان عن الوفاة كانت في مستشفى بيرسي العسكري بفرنسا، وتعددت أسباب الوفاة ، ومما قيل إنه (توفي نتيجة احتسائه سماً)، ومازال أمر وفاته سراً من الأسرار؛ لم يكشف عنه بعد، حتى اللحظة رغم الخلاف عن سبب الوفاة.

وتأتي الذكرى هذا العام , تزامناً مع اندلاع انتفاضة القدس , التي جاءت دفعاً عن المسجد الأقصى , في ظل التقاعس العالمي للدفاع عن المقدسات الإسلامية, الا ان الشرخ الداخلي قائم , فقد خالفت بعض الأطراف الفلسطينية  الوصية التي اوصي بها الراحل ياسر عرفات  بالوحدة الوطنية واصراراهم على استمرار الانقسام منذ سنوات.

أحاديث القادة والفصائل والشعب لازالت تصدح بخصال القائد الرمز الذي اعتبر المجمع للكل الفلسطيني , والمقاوم للاحتلال .

الجهاد

أكد الشيخ نافذ عزام عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم الأربعاء، أن الرئيس الراحل ياسر عرفات ترك ارثاً ثقيلاً يجب المحافظة عليه، مطالباً بضرورة التأكيد على متابعة ملابسات قتله واستشهاده وكذلك التمسك بخطه الثوري.

وأوضح الشيخ عزام في تصريح له عبر صفحته على « الفيس بوك »، أنه بعد أحد عشر عاماً على رحيل الرئيس أبو عمار تزداد الأمور تعقيداً بالساحة الفلسطينية وفي المنطقة العربية كلها وتبدو الآمال التي حملها جيل القادة الكبار وقاتلوا من أجلها أبعد عن التحقق من أي وقت مضى.

وشدد على أن في ذكرى الرئيس ياسر عرفات وعلى وقع هبة الشبان الأبطال الفلسطينيون ملزمون بالخروج بالحالة الداخلية المؤسفة وترميم العلاقات فيما بينهم وبناء اصطفاف واسع يوفر فرصة أفضل للدفاع عن الحقوق والثوابت والمقدسات وبدون ذلك ستستمر المأساة وستستمر المعاناة .

وقال الشيخ عزام: لا يجوز أن ينظر إلى أبو عمار على أنه زعيم لفتح بل يجب أن يتم تقييمه باعتباره واحداً من أهم زعماء حركات التحرر في القرن العشرين , ومهما كانت شدة الانتقادات التي وجهت إليه , ومهما كان حجم الجدل الذي أحدثه أبو عمار عشية التوقيع على اتفاق « اوسلو » , ففي الإطار العام يبقى أبو عمار زعيماً تاريخياً وواحداً من أهم القادة الذين حملوا اسم فلسطين إلى جميع أنحاء العالم.

وأضاف، أن الراحل أبو عمار ظن في لحظة انه من الممكن اقتناص فرصة إقامة موطئ قدم له ولقضيته عبر التوقيع على « اوسلو » لكن وإنصافاً للرجل فقد وصل إلى قناعة في « كامب ديفيد 2 » أنه يستحيل تحقيق سلام حقيقي وجدي في ظل توازنات القوى القائمة وفي ظل غطرسة « إسرائيل » وسياستها التدميرية وفعل ما يعتبر انسجاماً مع تاريخه النضالي العريق حين دعم انتفاضة الأقصى عام 2000 , ورفض المساومة عليها , وكان بذلك يمضي إلى حتفه واستشهاده فقد فرض الحصار عليه أمام أنظار القادة العرب وقادة العالم وبعد ذلك وعلى الأرجح دس السم له وتم قتله لتكون نهايته منسجمة تماماً مع بدايتها الثورية ونضاله التاريخي.

وشدد على ضرورة التأكيد على متابعة ملابسات قتله واستشهاده وكذلك التمسك بخطه الثوري حيث كانت « اوسلو » غير منسجمة معه وهو نفسه حاول تجاوزها في سنواته الأخيرة .

وقال الشيخ عزام:« لعل أبرز تعليق سمعناه في ذكراه وذكرى الشقاقي قبل أيام ونسمعه في ذكرى القادة أحمد ياسين وأبو علي مصطفى أننا نفتقدهم وتفتقدهم الساحة الفلسطينية هذا ابلغ احتفال بالقادة الكبار أن الكل يجمع على أننا بحاجة إليهم رحمه الله أبا عمار والشقاقي واحمد ياسين وأبو علي مصطفى وأن هبة القدس هي الصدى لنضالهم وصرخاتهم.

حماس

قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية »حماس" إسماعيل هنية، إن تسليم منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات في هذه الذكرى تأكيد على أن ملف الاغتيال ملف وطني ولا زال مفتوحاً، مبيناً أن الحركة حافظت على المنزل لرمزية الرئيس الراحل.

من جانبها قالت السيدة سهى عرفات أرملة الرئيس الراحل، في اتصال هاتفي بهنية، كنتم أوفياء في الحفاظ على البيت طوال السنوات الماضية.

وسلمت حركة حماس اليوم منزل الرئيس الراحل لمؤسسة الشهيد ياسر عرفات بعد سنوات من طلب أرملته إرجاء تسليم المنزل للمؤسسة باعتباره حقاً عائلياً.

من هو القائد

ولد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مدينة القدس لؤلؤة فلسطين وتاج الكون، منبت الأديان ومولد الأنبياء ومسراهم وقبلة الكثرة الغالبة من الأمم، كان مولده عام 1929، درج في بيت جليل بعلمه ومكانته، فوالده عبد الرؤوف بن داود القدوة كان متولياً لوقف أجداده من عائلة الدمرداش، وأمه هي زهوة بنت سليم أبو السعود، من القدس أصلاً، وتلقى تعليمه في القاهرة بمصر العروبة، والتحق بالضباط الاحتياط للجيش المصري في الخمسينيات من القرن العشرين، وقاتل في صفوفه أيام النضال من أجل تأميم قناة السويس، وقاد الكتائب الطلابية الفلسطينية والعربية ضد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وأبلى بلاء حسناً، ومنحته قيادة ثورة 23 يوليو وسام المواطنة العربية.

تخرج مهندساً من (جامعة فؤاد الأول – القاهرة الآن)، وانخرط في شبابه في الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال الانضمام إلى اتحاد طلاب فلسطين في 1944، وتولى رئاسته لاحقاً (1952-1956)، وكانت تربطه علاقة وثيقة مع الحاج أمين الحسيني مفتي القدس. وفي الخمسينيات أسس مع إخوانه من المناضلين الفلسطينيين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وأعلن ناطقاً رسمياً لها في 1968، ونجحت فتح بقيادته في جذب الأنظار إليها، والتف الناس حولها، وفي شباط 1969 انتخب رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبدأ يعرف على الساحة الدولية بزيه الزيتي وكوفيته الفلسطينية اللذين لم يتخل عنهما يوماً، وبفضل شخصيته القوية وحدسه تمكن من تعزيز سلطته السياسية، والنجاة من المؤامرات السياسية، وفي عام 1973 اختير قائداً عاماً لقوات الثورة الفلسطينية. وفي عام 1974 ألقى كلمة باسم الشعب الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

حصل على عدة أوسمة وجوائز للسلام؛ ففي عام 1979 حصل على وسام جوليت كوري الذهبي من مجلس السلم العالمي، وفي عام 1981 حصل على دكتوراة فخرية من الجامعة الإسلامية في حيدر أباد بالهند، كما حصل على دكتوراة من جامعة جوبا في السودان، وحصل في عام 1999 على دكتوراة فخرية من كلية ماسترخت للأعمال والإدارة في هولندا.

في عام 1982 قاد المعركة البطولية ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان ومعركة الصمود خلال حصار بيروت من قبل القوات الإسرائيلية، وضرب ورفاقه المقاتلون أروع آيات الصمود والتحدي في حصاره الذي استُهدف فيه شخصياً، وقال قولته المشهورة: (هبت روائح الجنة).

في نوفمبر 1984 ونيسان 1987 أعيد انتخابه رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل الدورات 17 و 18 و 19 للمجلس الوطني الفلسطيني، وفي 15/11/1988 تلا إعلان الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة أمام المجلس الوطني المنعقد في الجزائر، وفي 13/12/1988 ألقى خطاباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة في جنيف، والتي انتقلت لعقد جلستها في جنيف بسبب رفض الحكومة الأمريكية منح الرئيس ياسر عرفات تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية للذهاب إلى نيويورك من أجل إلقاء كلمته في الجمعية العامة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وخاطبها في جنيف، كما خاطب مجلس الأمن في جنيف في شباط وأيار 1995 لنفس السبب.

في 13-14/12/1988 أطلق مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط والتي فتحت، بناءً عليها، الحكومة الأمريكية برئاسة الرئيس رونالد ريغان حوارها مع منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، وفي 30/3/1989 اختاره المجلس المركزي الفلسطيني رئيساً لدولة فلسطين، وقد اختير لهذا المنصب من قبل المجلس الوطني الفلسطيني مباشرة. وأطلق سياسة (سلام الشجعان) التي توجت بتوقيع اتفاقية إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل في البيت الأبيض يوم 13/9/1993، واختاره المجلس المركزي الفلسطيني يوم 12/10/1993 رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية، وفي 31/10/1993 اختير رئيساً للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار.

الرئيس عرفات شغل نائب رئيس حركة عدم الانحياز، ونائب رئيس دائم لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وفي تموز 1994 منح جائزة فليكس هونيت بوانيه للسلام، وفي أكتوبر 1994 منح جائزة نوبل للسلام، وفي نوفمبر1994 منح جائزة الأمير استورياس في أسبانيا، وفي العام 1996 انتخب رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتزوج من سها الطويل، وأنجب منها ابنته (زهوة).

في كانون الأول/ ديسمبر 2001 ضربت إسرائيل حصاراً مشدداً عليه في مقر المقاطعة في رام الله لرفضه التنازل عن الثوابت الفلسطينية، ودفع ثمن إصراره على موقفه السياسي حصاراً دام ثلاثة أعوام في قلعته، وأعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش أن الرئيس الفلسطيني عرفات انتهى سياسياً متبنياً بذلك موقف رئيس الكيان الصهيوني أرئيل شارون آنذاك، وهددت إسرائيل بقتله مرات متتالية، بل واقتربت من جدار غرفته، وقد برهن عرفات قدرة غير عادية للخروج من أشد الأوضاع خطورة، لأن الجبل لا تهزه الرياح، وأعلنها مدوية ليسمعها القاصي والداني (شهيداً شهيداً شهيداً).

توفي رحمه الله صباح يوم الخميس 11/11/2004، في مستشفى بيرسي العسكري بفرنسا، وقيل في سبب الوفاة الكثير، ومما قيل إنه (توفي نتيجة احتسائه سماً)، ومازال أمر وفاته سراً من الأسرار؛ لم يكشف عنه بعد، وشيع في احتفال مهيب شارك فيه كل الفلسطينيين على اختلاف توجهاتهم حقيقة وليس مجازاً، وضجت الأرض لاستشهاده، وخلعت قلوب اليهود خوفاً ورعباً، واستنفروا جيشهم وشرطتهم لحراسة كل شبر في كيانهم، ووري الثرى في المقاطعة برام الله على مقربة من الأقصى، داعياً الجميع من أبناء شعبه أن يواصلوا العمل حتى تحقيق حلمه في فك أسرى (الأقصى) و(القيامة)، وجعل هذه الأرض ساحة سلام وأمان ورخاء واستقرار.

ولا أجد ما أختم به إلا قول الشاعر محمود درويش في رثاء عرفات: (كان ياسر عرفات الفصل الأطول في حياتنا، وكان اسمه أحد أسماء فلسطين الجديدة، الناهضة من رماد النكبة إلى جمرة المقاومة، إلى فكرة الدولة، إلى واقع تأسيسها المتعثر؛ لكن للأبطال التراجيديين قدراً يشاكسهم، ويتربص بخطواتهم الأخيرة نحو باب الوصول، ليحرمهم من الاحتفال بالنهاية السعيدة بعمر من الشقاء والتضحية، لأن الزارع في الحقول الوعرة لا يكون دائماً هو الحاصد).