خبر مهرجان الى اللامكان -يديعوت

الساعة 10:12 ص|01 نوفمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: وهذا محزن. يعيش هنا شعب كفؤ جدا، مليء بالحيوية، الابداع، الطموح، ينجح في كل عمل من اعماله الى أن تصل الامور الى السياسة. هناك نحن مشلولون. نحن نبذر أنفسنا حتى الجنون - المصدر).

 

أقدر أنه من شاشات التلفزيون بدا المهرجان مثيرا للانفعال. فليس في كل يوم يأتي الى هنا بيل كلينتون، ليس في كل يوم يمتلىء الميدان بعشرات الاف الاشخاص، معظمهم من الشباب. ذكرى رابين حظيت بأمسية محترمة.

 

ولكن الاحساس في الميدان كان مختلفا. كان هناك حضور، ولم تكن طاقة. في ذروة فترة صعبة جدا، فانه حتى للديمقراطية الاسرائيلية، حتى للاتفاق الذي بسببه قتل رابين، حتى لامن الدولة، الموضوع الذي كان دوما في رأس سلم اولوياته، حتى لعلاقاتها الخارجية، كان ممكنا ان نتوقع رسالة اخرى، حرارة اخرى. فالاحتجاج الابرز في الميدان كان لمعارضي صفقة الغاز الذين احتجوا على الضغط الذي يمارسه كلينتون في صالح شركة « نوبل انيرجي ».

 

لسنا بحاجة الى كلينتون كي نكتشف بان رابين اراد اتفاق سلام تطلب اخلاء لمعظم المناطق وربما كلها؛ لسنا بحاجة لكلينتون كي نكتشف بان اسرائيل لا يمكنها أن تكون احتلالا، يهودية وديمقراطية في نفس الوقت؛ لسنا بحاجة لكلينتون كي نعرف بان على الزعيم ان يؤمن بالتغيير، والا يدمن على الشلل؛ لسنا بحاجة لكلينتون كي نفهم بان اسرائيل هي دولة قوية جدا، عسكريا واقتصاديا، ولهذا فان بوسعها أن تسمح لنفسها باعطاء فرصة لابناء جيرانها أيضا.

 

لقد قال كلينتون كل الامور الصحيحة هذه بلغة رقيقة، أديبة، كما يجدر بضيف جاء للمبيت. اما الاسرائيليون الذين تحدثوا قبله وبعده فقد كانوا حذرين بلغتهم. فمنظمو المهرجان، رجال الحركة الناضجة للشبيبة العاملة والمتعلمة، ارادوا مهرجانا رسميا، أي نقيا، جديرا بكل رأي، بكل روح، من بني عكيفا وحتى هشومير هتسعير، وفي الغالب حصلوا على ما ارادوا. فقد منعوا السياسيين من الظهور. وحتى شمعون بيرس كان سياسيا جدا بالنسبة لهم (ويقال في صالح بيرس انه رغم أنه لم يسمح له بالحديث الا انه جاء الى المهرجان، جلس بين ريفلين وايهود باراك وصفق للخطباء).

 

ولكن هم ليسوا المشكلة. المشكلة هي ان لهذا النوع من الغضب – الغضب على انهيار القيم الديمقراطية، على تنمية الكراهية للغريب، على العنصرية، على العنف في المجتمع – لا يوجد اليوم ناخبون. الشعب يسير يمينا، وهذا على ما يرام تماما، ولكن احدا ما يجب أن يحذره عندما يأخذون به الى حافة الهوة. نظرت الى النواب من احزاب اليسار ممن جاءوا الى المهرجان واصطفوا في الزاوية التي خصصت لهم، تحت المنصة. حتى لو سمحوا لهم بالحديث، فما كان لاحد لان ينال أذنا صاغية. ولا حتى دافيد غروسمان، او عاموس عوز. فالمجتمع الاسرائيلي يعاني في هذه اللحظة من مشاكل في السمع. وينطبق الشلل ايضا على ما سمي ذات مرة باليسار: فهو يستلقي على ظهره، ينزل قدميه في الهواء وينتر الحذاء الذي يسحقه.

 

نظرت الى الشبيبة، من خريجي الكشافة، الشبيبة العاملة، هشومير هتسعير (الحرس الفتي) ممن جاءوا الى الميدان ببزاتهم. اولاد طيبون، بعد قليل سيكونون جنودا طيبين، وبعد ذلك تكنولوجيين كبار طيبين. فهل احد منهم سيصعد الى المتاريس عندما سيصعد موتي يوغاف ويريف لفين بالبلدوزرات على المحكمة العليا؟ أبدا لا.

 

وهذا محزن. يعيش هنا شعب كفؤ جدا، مليء بالحيوية، الابداع، الطموح، ينجح في كل عمل من اعماله الى أن تصل الامور الى السياسة. هناك نحن مشلولون. نحن نبذر أنفسنا حتى الجنون.

 

ولكن مهرجانات جميلة، حزينة، نعرف كيف نعقدها. وهذا هو الموجود.