خبر تبخيس الكارثة - هآرتس

الساعة 10:28 ص|22 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: أسرة التحرير

تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في أن مفتي القدس، الحاج أمين الحسيني هو الذي أعطى الالهام لهتلر لابادة يهود اوروبا، خطأ تام. كان يمكن ان نتوقع أقوالا أكثر توازنا من أبن مؤرخ هام.

الصحيح هو أنه في الثلاثينيات سعى النازيون الى طرد يهود ألمانيا، وبعد ذلك يهود النمسا وتشيكيا، ولكن في ذاك الوقت لم تكن اتصالات بين المفتي وبين النخبة الايديولوجية النازية.

كان المفتي بلا شك لاسامي متطرف، واصبح مؤيدا متحمسا للنازية. بعد أن فر من بلاد اسرائيل في العام 1937 الى لبنان، ومن هناك الى العراق – حيث كان بين المحرضين للاضطرابات ضد اليهود – وصل المفتي الى المانيا، عبر ايطاليا، في العام 1941. وقد استخدمه النازيون في دعايتهم للشرق الاوسط ولاقامة وحدة اسلامية في البلقان في اطار الـ أس.أس. كما ان المفتي كان نشيطا في منع خروج أطفال يهود ذوي تصاريح دخول رسمية الى بلاد اسرائيل منهم هنغاريا وأيد تأييدا تاما قتل اليهود، ولكنه لم يكن له أي تأثير على السياسة الالمانية.

التقى الحاج أمين الحسيني بهتلر مرة واحدة، في 28 تشرين الثاني 1941، في حديث، وفيه لم يقترح على هتلر شيئا – هتلر هو الذي تحدث وحدد السياسة الالمانية. وعلى سؤال المفتي ماذا سيحدث ليهود العالم بعد انتصار المانيا – بقوله، انه يفهم بان المانيا ستلغي الوطن اليهودي في بلاد اسرائيل – أجاب هتلر، انه سيتوجه أولا لكل دول وروبا وبعد ذلك لكل دول العالم، ليعالجوا اليهود كما يعالجهم الالمان في اوروبا.

كان هذا بعد أن بدأت الابادة – مع اجتياح الالمان للاتحاد السوفييتي في حزيران 1941 – قبل نصف سنة من ذاك الحديث. لم يكن هتلر بحاجة لزعيم عربي (او آخر) كي يقترح « الحل النهائي ».

ان استخدام السياسيين عندنا للكارثة، لاغراض جارية، يقلل من مسؤولية النازية وهتلر تحديدا، وهذا تبخيس لذكرى الكارثة. يخيل أنه اذا كانت الخلفية التاريخية الحقيقية لا تخدم التحريض السياسي، فانهم يلفقون « حقائق » وارتباطات.

ان ذكرى الملايين الذين قتلوا هي قبل كل شيء موضوع يهودي، بلا شك، ولكن بقدر متعاظم هي ايضا موضوع عموم انساني. ثمة هنا في واقع الامر مثابة نكران للكارثة مثلما حصلت حقا؛ تشويه لحقيقة معروفة ليس فقط للمؤرخين المهنيين، بل ولاجزاء غير قليلة من الجمهور سواء في اسرائيل ام في العالم.

الذاكرة، التي هي صدمة مستمرة وشديدة لليهود في اسرائيل وخارجها، وليس فقط لهم، تهان من أجل دعاية مرفوضة، لا تساعد حتى على نحو خاص. ليس هكذا نتذكر الكارثة.