خبر ظلام الصهاينة.. ونور فلسطين .. علي عقلة عرسان

الساعة 09:03 ص|21 أكتوبر 2015

 

في الرابع عشر من شهر تشرين أول/أكتوبر ٢٠١٥وجه كبير حاخامات الطوائف الشرقية في إسرائيل « بن تسيون موتسفي »، وجه أتباعه في فتوى تقول لهم: « يجب عليكم امساك رأس المخرب وضربه بالأرض حتى يتحطم ويصبح أشلاء متناثرة، ويلفظ المخرب أنفاسه الأخيرة ».

وكان الحاخام شموئيل الياهو، حاخام صفد، « وهو ذو تأثير أكبر من تأثير الحاخام الرئيسي من الناحية السياسية » كما قالت صحيفة ها آرتس الصهيونية في ١٥ أوكتوبر ٢٠١٥ « كان قد أصدر فتوى في مراسيم الهيكل، برعاية بلدية القدس، تقول: يمكن اليوم، بل يجب، إقامة المذبح في الحرم » – أي بداية الهيكل فعلياً – « يجب على الحكومة أن تقول للمسلمين في الحرم، لقد حافظتم لنا حتى اليوم على المكان، اذهبوا الآن إلى سورية، فشعب إسرائيل اليوم هنا ». وسبق ذلك وتلاه استفزاز يهودي غير مسبوق، من خلال ممارسات عدوانية في المسجد الأقصى، طالت النساء والرجال المرابطين فيه، للدفاع عنه ضد تدنيس اليهود المستمر له، ودخولهم اليومي إلى باحاته بحماية جيش الإرهاب، وبقيادة وزراء ونواب في الكنيست، ومتطرفين من قطعان المستوطنين.

ورافق ذلك تضييق كبير على المقدسيين خاصة، والفلسطينيين عامة، ليس فيما يتعلق بصلاة الجمعة في المسجد، وإنما بكل ما يتعلق بشؤون حياتهم اليومية، وتعرض جيش الاحتلال وشرطة كيان الإرهاب الصهيوني لهم بمناسبة ومن دون مناسبة، بالإهانات، وهدم البيوت، والعتقالات العشوائية اليومية.. مما دفع بعض الشباب الفلسطيني في حالات محدودة للدفاع عن النفس.. وكان أن تعرض ٣٨ فلسطينياً للقتل بالرصاص الحي، فيما طعن مقاومون فلسطينيين ٧ سبعة من الصهاينة المحتلين.. وزادت درجة الهياج الصهيوني في كل فلسطين المحتلة، ضد الفلسطينيين، فيما سموه « إرهاب السكاكين ».. وتضاعف وجود الإرهاب الصهيوني في القدس، وتضاعفت الحواجز التي يهان فيها الفلسطينيون أو يقتلون، وتضاعفت حملات الاعتقال والمداهمات الليلية لبيوت المقدسيين، وأصبح الدم الفلسطيني مباحاً، والفلسطيني مستباحاً، تحت ذرائع الإرهاب التي أشاعت كلمات واصطلاحات نازية جديدة، وهي الصهيونية المتتلمذة على الهتلرية بامتياز، مثل: « مخرب، تحييد، تنظيف، ترحيل، توقيف، سجن، قتل.. إلخ. و  »كلمة مخرب« ، هي الكلمة الأكثر قدرة على إثارة الهياج الوحشي الصهيوني، »وهي الكلمة الأكثر انتشاراً في وسائل الإعلام الإسرائيلية في هذه الأيام« كما قالت عميرة هاس.. وفي هذا الخضم من الوحشية الصهيونية الموصوفة، وفي الرابع عشر من شهر تشرين أول/أكتوبر ٢٠١٥ تحديداً، وجه كبير حاخامات الطوائف الشرقية في إسرائيل »بن تسيون موتسفي« ، أتباعه في فتوى تقول لهم: »يجب عليكم امساك رأس المخرب وضربه بالأرض حتى يتحطم ويصبح أشلاء متناثرة، ويلفظ المخرب أنفاسه الأخيرة« .

أما القاعدة المتبعة صهيونياً، لمعرفة من هو المخرب، فهي كما حددها المنهج الإجرامي اليهودي، في عِلمٌ رفيع المستوى، يقدم تعليمات للجمهور: ».. كيف نعرف المخرب؟ من خلال قاعدتين يتعلمونهما في جهاز الأمن. الوسيلة (السلاح)، والنية.« . أما السلاح فقد يكون شبهة بحجر، أو سكين، أو بحجاب تضعه فتاة فلسطينية جامعية على رأسها يخفي قاتلاً محترفاً؟! وأما النية فهي ما يحدده اليهودي القاتل الذي يريد فلسطين نظيفة من أهلها الأصللين.؟!

في هذا العالم الإجرامي الصهيوني العجيب، لا يمكنك بأي حال، أن تقنع صهيونياً بالكف عن الخداع، والتزوير، والدوران في حلقة الإرهاب الجهنمية، المتماهية عضوياً مع عنصرية يهودية متأصلة، تغذيها أيديولوجية دينية - تلمودية، وسياسية استعمارية من نوع فريد في تخلفه وتحجّره.. عنصرية مفترية، تتهم الفلسطينيين بالإرهاب بهدف تصفيتهم، وترحيلهمو »تنظيف« ؟! فلسطين منهم » كما يطالب المحتلون!!. هذا النوع من الكائنات التي نشأت على التطرف والكراهية، وشعارات « الموت للعرب »، هي في تكوينها الروحي - الديني - التلمودي، وفي ثقافتها الصهيونية العنصرية الاستعمارية، كائنات معادية للآخر، للحقيقة، للأخلاق، للقيم، وللإنسانية أولاً وأخيراً. لأن الحقيقة بنظرها هي على نحو ما عرَّفها ستالين بقوله: « الحقيقة هي مصلحة الحزب »؟!، وعند الصهاينة « الحقيقة هي مصلحة الصهيونية وإسرائيل » العنصرية، التي لا ترى في الآخرين إلا « غوييم » خلقوا لخدمة اليهود، ومن لا يوافق على ذلك من أولئك « الغوييم » فهو لا سامي، معادٍ لليهود، إرهابي، مخرب.. إلخ.

انظر إلي هذا النوع من البشر بعجالة، عبر تاريخ ذلك الكيان الذي أقامه الرأسماليون الغربيون « أوروبا والولايات المتحدة الأميركية »، والشيوعيون السوفييت ومن دادر في فلكهم، فسترى أنه على الرغم مما قدمه كل أولئك لليهود، وللحركة الصهيونية، ولكيان الإرهاب المحتل لفلسطين « إسرائيل »، وما يقدمونه في كل وقت، وما يتعهدون به، وما يمارسونه ضد الفلسطينيين خاصة، وضد عرب ومسلمين عامة، من ازدواجية معايير، وتآمر، وعدوان، وترهيبو واستلاب.. فإنهم إذا قالوا كلمة فيها إشارة من بعيد لاستخدام صهيوني للقوة المفرطة ضد الفلسطينيين، فإن التهم بالعداء للسامية تنهال عليهم من كل حدب وصوب، وترتفع شكوى اليهود في العالم ضدهم، ويأخذ أحفاد شيلوك بالتذمر، وتبدأ الشحاذة والتجارة بأرواح من يزعمون أنهم ستة ملايين يهودي طالهم الهولوكوست.؟!

لم يسلم من ذلك أحد من الأميركيين والأوربيين والروس و.. و.. على الرغم من أنهم حملوا ويحملون إسرائيل على رؤسهم، وغطوا ويغطون إرهابها وجرائمها، ويتغاضون عن مسلسل إبادتها المنهجية المستمر للفلسطينيين.. وينظرون إلى كل ممارساتها الإجرامية على أنها « دفاع عن النفس: من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها؟!.

انظروا إلى حالة الرئيس » أوباما« ، رئيس أكبر دولة في العالم، الذي خدم » إسرائيل« كما لم يخدمها رئيس أميركي من قبل، إلا فيما ندر، فإنه حين تحدث، في خضم الأحداث الأخيرة التي تجري في فلسطين المحتلة، عن »العنف « عند الطرفين »، سُمّي ذلك من قبل الصهاينة: « التوازي الذي هو تشويه كامل.؟! »، وقيل عنه: « اوباما عدو لإسرائيل بغض النظر عمن يقف على رأسها. ».؟! في الحقيقة، لا يمكنك أن ترثي للرئيس الأميركي أوباما، إلا حينما تسمع أو تقرأ رأي الصهيانة فيه، بعد الذي قام به من أجلهم في أثناء ولايتيه. أما المواقف من رؤساء وزعماء أوربيين فهي أكثر من أن تحصى، وامتثالهم لما تطلبه « إسرائيل » والحركة الصهيونية، وحتى خوفهم منهما، فهو لا يمكن أن يشرّف باحثاً عن الحقيقة والمواقف الأخلاقية، والعدالة الاجتماعية، والسياسات الشجاعة المتوازنة.

ومن المدهش، وربما الملتبس عند البعض، موقف روسيا الاتحادية من مطالب « إسرائيل » وممارساتها، والتنسيق معها لحماية مصالحها، في سورية؟! وهي التي « شجبت روسيا مواقف لها فيما يتصل بالاحتلال والعدوان والاستيطان، ومن عملية السلام في إطار الرباعية العقيمة.. وروسيا كما نعلم، هي التي عززت كيان الإرهاب بمليون يهودي، معظمهم مدرب، ومهني، ومقاتل، في تسعينات القرن العشرين، ومع ذلك لم تسلم من نقد الصهاينة، وصراخهم في وجهها.. واليوم تقدم لهم ما لا يمكن فهمه أو قبوله، وحتى تصديقه، في وضع سورية التي ما زالت » إسرائيل« تحتل جولانها منذ عام ١٩٦٧؟! فقد أعلنت » وزارة الدفاع الروسية عن تدريبات عسكرية روسية إسرائيلية لتنسيق التحليق في الأجواء السورية.« ، وأوضح اللواء إيغور كوناشينكوف الخميس 15 أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٥ »أن المرحلة الأولى من التدريبات التي تهدف إلى منع وقوع حوادث طيران غير مرغوب فيها في أجواء سورية، جرت الأربعاء، أما المرحلة الثانية، فستجري الخميس.« . وأنه تم إطلاق »خط ساخن« بين مركز إدارة الطيران في قاعدة حميميم الجوية السورية ومركز القيادة لسلاح الجو الإسرائيلي، للإبلاغ المتبادل حول طلعات الطائرات في أجواء سورية.. وقال الرئيس بوتين: »روسيا تبحث التعاون مع مصر والسعودية والإمارات والأردن وإسرائيل لمواجهة الإرهاب./١٦/١٠/٢٠١٥. إذن « إسرائيل » أصبحت جزءاً من التحالف، و« دولة تحارب الإرهاب؟! »، وهي كيان الإرهاب الأول في المنطقة؟ أليس هذا عجيباً؟! ويحتاج إلى عقل مغاير للعقل، من أجل فهمه وتفسيره؟! لكنه في وضوح الشمس، حين ندرك ازدواجية المكاييل والمعايير، ونفاق السياسات، وألعاب المصالح. وفي هذا السياق يمكن أن نضع ازدواجية عجيبة، مقرفة بكل المعاني، وهي الازدواج الصارخ في الموقف السياسي الدولي، لا سيما في موقف الأطراف والتحالفات الدولية، التي تقاتل وتقتتل في سورية، تحت مظلة « محاربة الإرهاب »، وموقفها من الأقليات التي ترفع راية حمايتها، عند التدخل في الشأن السوري، وعند الحلول السياسية للمسألة السورية.. لكنها تنساها تماماً حين يتصل الأمر بـ « إسرائيل » والأقلية العربية في كيان الإرهاب والعنصرية الصهيوني.  

 لماذ يخرس العالم ذاته، الذي يتدخل ويعمل في سورية تحت هذا الشعار، وبعضه يتكلم عن حرب مقدسة، وعن « إبادة جماعية؟! »، لأقلية دينية، لم تحدث مطلقاً.. لماذا يخرس ذلك العالم تماماً، بل يتخذ موقفاً هو الضد، عندما يتعلق الأمر بالأقلية العربية في فلسطين المحتلة، حيث تمارس عصابات الإرهاب الصهيونية العنصرية أفظع أنواع التمييز العنصري الوحشي، والاضطهاد والاستبداد، ضد « الأقلية العربية الفلسطينية »، سواء في المحتل من فلسطين عام ١٩٤٨ أو في كل ما وقع منها تحت الاحتلال بعد الرابع من حزيران/يونية ١٩٦٧؟ إن هذا لا يكشف ازدواجية المعايير والفساد الأخلاقي فقط، بل يكشف الأبعاد الحقيقية الكامنة وراء هذه المواقف، وهي أبعاد عدوانية، عنصرية، دينية واستعمارية، ضد العرب والمسلمين، وضد السُّنة خاصة من بين المسلمين في بعض التجليات والممارسات.. وهذا أكثر من مؤسف ومن مؤلم.. لكنه حقيقة تسطع في مواقف سياسيين، ومثقفين، وإعلاميين، وفي أوساط وقطاعات اجتماعية واسعة، من أتباع كنائس غربية وشرقية، في الغرب وفي روسيا الاتحادية، وكنس يهودية أينما كانت.. حيث يمارس التحريض، وتمارس الحرب، وحيث يظهر التمييز وتظهر الازدواجية حتى بالنسبة للدم البشري المراق.

في الحرب العدوانية الأخيرة التي شنها الصهاينة العنصريون على غزة قتل جيش العنصرية والإرهاب الصهيوني أما يقرب من ١٥٠٠ فلسطيني، بينهم الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ، ودمر غزة التي كان وما زال يحاصرها، منذ سنوات. وفي مقابل ذلك قتل أقل من سبعين صهيونياً، في مقاومة الغزاويين للحرب العدوانية، ودفاعاً عن أنفسهم في مدينتهم وفي بيوتهم.. لكن الكلام لا يدور إلا عن عدوان حماس والجهاد وإرهابهما، وعن صواريخ من غزة تسقط في فلسطين المحتلة التي يسميها اليهود والصهاينة والعالم المتواطئ معهم « إسرائيل »؟!

أي عهر، وأي فجور، وأي إجرام، وأي تزوير وتلفيق، وأي استهتار بالحقيقة، وبأرواح الناس وحقوقهم.. ذاك الذي يجري تحت سمع عالم السياسة الموبوء وبصره؟! ومع ذلك تستمر العفونة السياسية، ويستمر انعدام الخلق، وغيبوبة الشجاعة الأدبية والأخلاقية.. في سياسات ومؤسسات دولية وأممية، وفي دول يشارك ساستها وإعلامها ومثقفوها في مواقف لا يمكن بوصفها بأقل من النفاق المتجذر.. حيث يقرون بأن « لإسرائيل الحق بقتل من تشاء من الفلسطينيين، وبالقدر الذي يسمح بالستيعاب دورياً، تحت ذريعة الدفاع عن نفسها »؟ أمّا الفلسطيني، والعربي فلا حق له، ولا نفس له، ولا وطن له، ولا مقدس له، ليدافع عنه؟! وكل ما يقوم به، عندما تفرم رقبته أو تطلق عليه النار، أن  يصرخ، فيقال بهياج وحشي « مخرّب »: فيشارك كل يهودي بنتف خلاياه، وخلاليا الشعب الذي هو منه، عملاً بفتوى الحاخامات، ووفقاً لتعليمات الحكومة وإرهابييها « الأجلاء؟! »، بينما العالم ينظر ويخرس وقد يصفق، لأن الصهيوني قال « مخرِّب ».. ذلك من « شجعان العالم » خوف وطمع ونفاق، فهم يقلقون لأن الصهيونية تملك ثالث جرافات عملاقة على الأقل، أو تسيطر عليها، وهي: « المال، والجنس، والإعلام »، وبذلك تفرض ما تشاء على من تشاء، وتسكت من تشاء، في عالم فاسد، ومناخ سياسي بلا أخلاق.

« إسرائيل » التي تدنس المسجد الأقصى كل يوم، منذ عشرات السنين، وتعمل على تهويد فلسطين، والقدس، بما فيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة، بعد ما فعلته في الخليل.. « إسرائيل » تزعم أنها حمت الأقصى وتحميه، وأنها تحافظ عليه، ولن تغير في وضعه.. في الوقت الذي تنفذ مخططاً لتدميره، وإقامة ما يُسمى « الهيكل الثالث؟! » في مكانه.. وقد حاولت، من خلال ما تدعى أنهم مجانين، أو متطرفين، أو.. حاولت هدمه وإحراقه وقامت بالحفريات تحته لينهار، وكان ذلك على الأقل ابتداء من فعلة ذلك اليهودي العنصري، الذي أحرق الأقصى عام ١٩٦٩ فزعم كيان الكذب، أنه « سائح أسترالي مجنون »؟ ولم يذكروا حقيقيته، ولا حقيقة من فعل وما فعل، واستمر ذلك ويستمر منذ استيلائهم على القدس في عدوان حزيران/ يونيو ١٩٦٧

في حركة الشباب الفلسطيني البهيّ، بغضبه الساطع هذه الأيام، طُعِن سبعة « ٧ُ » صهاينة محتلون، في فلسطين المحتلة، وقَتل الصهاينة ٣٨ ثمانية وثلاثين فلسطينياً بالمقابل، وهدموا بيوتاً، وشردوا أسراً، وفرضوا قوانين عنصرية، تستتبيح الفلسطينيين، حتى إذا خرجوا من بيوتهم في القدس ليشتروا خبز يومهم.. يقومون بكل ذلك، وهم يزعمون أنهم يتصدون لـ « إرهاب السكاكين »؟! أما إرهابهم هم للفلسطينيين بالدبابات، والرشاشات، والبنادق، وبالصواريخ والطائرات، فهو دفاع عن النفس ضد أطفال وشباب ضاقت بهم الدنيا، بعد سبل العيش، وهم يرون انتهاكات اليهود للأقصى، وقتلهم للنساء والأطفال، وإحراقهم للبعض أحياء.. ويرون قطعان المستوطنيين يستبيحون كل الفلسطينيين وكل أملاكهم، وكل ما يقيم أودهم، ويستبيحون ما تبقى لذلك الشعب البطل، الصامد الصابر، صاحب الأرض والوطن والتاريخ والحق.. من مقومات الوجود.

أي عار على الإنسانية التي تجبن وتتواطأ وتنحني للمجرم الإرهابي الصهيوني العنصري الموصوف، وتردد ما يقول، وتصدق ما يفتري، وتصنف إرهابه دفاعاً عن النفس، وتصنف من يدافعون عن نفسهم ضده « إرهابياً؟! » وأي عار على أمة ينتمي إليها أطفال وشباب وفتيات، يُستباحون هم وشعبُهم ووطنهم ومقدساتُهم، ولا تثور حميتها لمجرد أن تقول: إنهم على حق، وإنهم ضحايا.. لا لتدافع عنهم وتحميهم وتنصرهم « لا سمح الله؟! ». ويقوم بعض إعلامها بتمجيد الصهيوني الإرهابي المحتل، وبالدفاع عنه، وبتوصيف عمله بطولة، أو دفاعاً عن النفس، ويتهم الضحايا الفلسطينيين أو يصفهم ويصنف فعله الدفاعي « إرهاباً؟!

هزلت أمة، بل هزلت الإنسانية.. ولذا نرى الشر يرمح ويصهل في أرضنا وسمائنا، ويوظفنا أدواتٍ لقتل بعضنا بعضاً، وتهيئة المناخ، والظروف، والبيئة.. ليتمدد العدو، ويحتل، ويسيطر، ويستبد، ويعلن عن مصالحه في أقطارها، ويتآخى مع من يشنون حروباً مقدسة على العروبة والإسلام؟!

إنه البؤس الروحي، والأخلاقي، والعقلي، والاجتماعي، الذي أسست له، وما زالت تقوده وتنشره وتفرضه، سياسات بائسة، وقيادات قاصرة، وزعامات حواري ومناطق، وسلطات ظلم، ومعارضات تتاجر بالوطن والشعب وألم الإنسان .. وكلها لا ترقى إلى مستوى التحديات الحقيقية، وتعيش القصور الذاتي المزمن، متوهمة أنه العملقة، والبطولية، خلاصة الرأي السديد، والرؤية المستقبلية الاستشرافية المنقذة، وقمة في الوطنية والقومية، الحكمة والعقل، والتفكير والتدبير، الشجاعة وانظافة.

 

 

فلننظر إلى بعض المعطيات والوقائع في زمن ربيع البؤس، الذي فرض علينا أن نعيشه، ليس حيال فلسطين وشعبها فقط، وليس حيال ما يجري في أقطار عربية كانت فلسطين قضيتها، أو هكذا توهمت وأوهمت الأمة.. ولكن حيال ما يقوم به الصهاينة من استباحة للفلسطينيين، واستباحة للأقطار التي كانت تقول بنصرة ذلك الشعب ذي القضية العادلة..

إسرائيل اليوم حليف للقوى العظمى التي تقتسم النفوذ في المنطقة، وطيرانها يعربد في الفضاء العربي، بحرية تامة..  مصالح إسرائيل مصانة، وما تطلبه يكون، ونصيبها من الأرض التي تحترق، ومن الشعب الذي يُراق دمه.. محفوض، محفوض، محفوض.. لا يمسها أحد، ولا تمس مصالحها، وتقيم لها ما تشاء من مصالح مدعاة في أقطار وطننا.. وهي شريك الأطراف والتحالفات وبعض الجهات التي تقاتل وتقتل في سورية والعراق على الأقل.. رغم تناقض وتضاد أهداف تلك الأطراف وتناقض سياساتها، ووضوح صراعاتها البينية.. إلا أن إسرائيل تبقى »الجوكر« الذي يربح من كل الأطراف، ويشارك كل الأطراف، وتسكت الأطرافُ المتصارعة على لعبه المكشوف، وأطماعه المفضوحة، وممارساته الوسخة.. وتحفظ له حقوقاً يمليها، وتخشاه، وتطلب وده، وتعطيه الضوء الأخضر ليحقق ما يريد، وينفيذ كل ما يراه في صالحه، ويساعده على تحقيق أهدافه وبرامجه التوسعية، وأطماعه الاستعمارية.؟!

في هذه البيئة السياسية العالمية العفنة، والعربية الأكثر من بائسة، وأكثر من مخزية.. ماذا يمكن أن نقول لأطفال فلسطين، وشبابها، وبناتها.. للمقدسيين الذين يحَاصَرون بالصهيونية العنصرية الكريهة؟!.. ماذا نقول لأولئك الذين يتجلى غضبهم المشروع الساطع، دفاعاً عن النفس، هو الأقدس من بين حقوق الإنسان، والأحق بأن ينصَر وينتصَر له؟!.. ماذا نقول لهم، والواحد منهم يخرج من بيته لا يعرف هل يعود إليه أم لا يعود، وقد يقتله جبان صهيوني محتل، يشهر سلاحه بوجه البشر، في عدوانية صارخة، وإرهاب فظيع؟! ما ذا نقول لفتيان فلسطينيين يحملون أرواحهم على أكفّهم، ويتقدمون لحماية مقدساتهم، والدفاع عن أنفسهم، والإعلان عن أنهم هنا في أرضهم، وأن فلسطين عربية لشعبها البطل، وأن الاحتلال الصهيوني إلى زوال، والعنصرية والإرهاب إلى اندحار وانهزام واقتلاع من أورض فلسطين العربية، إذ لا »دولة.. لا « إسرائيل » للإرهاب الصهيوني"، في وطن الفلسطينيين التاريخي، فلسطين؟!.. نقول لهم بالفم الملآن: أنتم نور فلسطين الذي يبدد ظلام الصهاينة، أنتم شرف الأمة العربية وبهاؤها، أنتم نحن، ونحن أنتم، والنصر لكم، لفلسطين وشعبها البطل، للحق والعدالة، للشعوب التي تتمسك بحقوقها وأرضها وكرامتها، وتمهر الحرية والاستقلال والتحرير، دماً طهوراً، وتضحيات جساماً.

عشتم، وعاشت مقاومتكم البهية..

وإنها ثورة حتى النصر، بعون الله.  

 

دمشق في الثلاثاء، ٢٠ تشرين الأول، ٢٠١٥

 

علي عقلة عرسان