خبر ليسوا مخربين- هآرتس

الساعة 10:25 ص|19 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: عميره هاس

 (المضمون: متحدثو الجيش الاسرائيلي والشرطة يستخدمون كلمات جاهزة مثل « مخرب »، « محاولة طعن » وغيرها لاعفاء أنفسهم من الدخول في تفاصيل كل حادثة - المصدر).

هذا المقال كُتب قبل زيارة روبن آيلاند في كيبتاون في جنوب افريقيا في رفقة أحد معارضي التمييز العنصري الذي كان مسجونا هناك. هو واصدقاءه نظر اليهم النظام الابيض على أنهم مخربين. هذه الكلمة التي تستخدمها الانظمة القمعية بحرية، هي جزء من حملة لاأنسنة المقاومين، واعتبار المقاومة جريمة.

كلمة « مخرب » هي الكلمة الاكثر انتشارا في وسائل الاعلام الاسرائيلية في هذه الايام. هذا ليس غريبا حيث قتل خمسة يهود بالطعن في الاسبوعين الاخيرين، و16 فلسطينيا قتلوا للاشتباه بمحاولة طعن على أيدي الجنود أو الشرطة أو المواطنين الذين يحملون السلاح المرخص أو على أيدي المستوطنين. نزل الخوف على الشوارع، والضوء الاخضر لقتل كل مشتبه بنية الطعن حتى لو لم يكن يشكل خطرا على حياة الآخرين، لم يردع الفلسطينيين الآخرين من محاولة الطعن.

كلمة « مخرب » تختصر الكثير عند الكتابة « مشبوه بطعن جندي » أو « الشاب الفلسطيني الذي زعم شرطة حرس الحدود أنه حاول طعنهم » أو « الولد الفلسطيني البالغ 13 سنة الذي شوهد وهو يطعن ولد يهودي هو من مخيم اللاجئين الفلاني »، يعرقلون الجملة، بالذات عند وجود أكثر من حادثة طعن، قلة الوقت وصغر الدائرة يتطلبان تبسيط اللغة، التبسيط والاختصار يلائمان أنفسهما للهستيريا العامة، الشرطة والمتحدث بلسان الجيش أو أي مصدر رسمي آخر يقدمون بلاغات جاهزة مليئة بكلمات مثل « مخرب »، « تحييد ». هذا النسخ يوفر عليهم التعب، لذلك فان الاوصاف متشابهة في وسائل الاعلام المختلفة.

توحيد النص يُمكّن من تجاهل حقيقة أن معظم الذين ينفذون الطعن هم من شرقي القدس، وأن عددا ممن يُطعنون يلبسون الزي العسكري ومسلحين، والبعض تم طعنهم في المستوطنات (بما في ذلك الاحياء في شرقي القدس).

وبدون أخذ أوامر عليا قرر الذين يطعنون ويقتلون التركيز على الاشياء التي ترمز للاحتلال: الجيش، الشرطة والمستوطنين. « من يقوم بتحييدهم يحظى عندنا بالتأييد والمديح بشرط أن يكونوا فلسطينيين وضحاياهم يهود ». عيدن نتان زاده قتل في 2005 اربعة مواطنين من العرب الاسرائيليين، تم « تحييده »، ومن قام بذلك تمت محاكمته لأنه لم يكن يهوديا.

صحيح أن زاده اعتبر « مخربا » في كثير من الصحف. في المقابل طعن شاب يبلغ 17 سنة من ديمونة قبل عشرة ايام بدويين من مواطني اسرائيل وعاملين فلسطينيين على خلفية الانتقام – جميع وسائل الاعلام، باستثناء صحيفة « هآرتس » – اكتفت بالحديث عن عمره وعن ماضيه النفسي المعروف للشرطة. ولا حاجة للقول إن اجهزة الامن سيطرت عليه دون قتله أو اصابته.

 

في جميع الحالات، اعتبار عدد من اليهود « مخربين » لا تحرر هذا المصطلح من الوظيفة الاساسية له: محو أي صلة سياسية من أمام أعين الاسرائيليين أو أي صلة تاريخية أو اجتماعية لقرار الفلسطينيين قتل اليهود.

 

هذه عملية لاأنسنة. فمن يهاجم اليهود هم مخربين، والذين يهاجمون هم الفلسطينيون، والفلسطينيون هم مخربين. القتل هو جزء لا يتجزأ منهم وهذه هي مشكلتنا. وليس السيطرة الامنية، ليس المستوطنات وليس تحقير شرطة القدس لسكانها الفلسطينيين.

كلمة « مخرب » تعفي الصحف مسبقا من فحص مصداقية اعلان الشرطة أو الجيش عن محاولة الطعن، أو فحص معنى « تحييد » وكيف تم. هذا ما قاله الجيش عن هديل الهشلمون واحمد خطاطبة، « مخربين ». فصمتت وسائل الاعلام، لكن الجنود اطلقوا النار عليهما وقتلاهما دون أن يشكلا خطرا على حياتهم. الفلسطينيون يرون الكذب الاعلامي والكذب الذي يتحدث به الجيش الاسرائيلي.

هاتان الحادثتان لاطلاق النار والقتل دون مبرر، واللتان حدثتا في وقت متقارب، قبل أقل من شهر، تفسران لماذا يعتقد الفلسطينيون أن معظم عمليات الطعن « مفبركة » من قبل اسرائيل.

وسائل الاعلام الفلسطينية والفيس بوك لم تظهر الصورة كاملة حول الطعن، وأظهروا النتيجة على أنها قتل كل فلسطيني لأنه فلسطيني. هم ايضا ساهموا في الهستيريا الفلسطينية. في قائمة القتلى الفلسطينيين التي نشرتها وكالة الانباء « وفا » لا يتحدثون عن الاسباب والملابسات التي قتل فيها أي من الـ 37 قتيلا حتى يوم السبت. تسعة شباب من غزة قتلهم الجيش خلال المظاهرات الغير مسلحة أمام الشريط الحدودي. والأم نور حسن وابنتها رهف قتلهم سلاح الجو الاسرائيلي من خلال قنبلة، لكن القتلى الـ 26 من الضفة متشابهين: متظاهرون اشتُبه بهم بالطعن.

 

كل فلسطيني يعرف حالة اليأس التي تدفع شخص لطعن الاسرائيليين، والكثيرين يؤيدون هذا العمل. لكن التقارير المنقوصة وتوحيد القائمة تؤكدان وجود تشوش وخوف من موجة التقليد الدموية والانتحارية.