خبر هكذا تبدو الدولة ثنائية القومية- هآرتس

الساعة 08:50 ص|18 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: آفي شيلون

 (المضمون: بين الحرب الاهلية وبين اخلاء المستوطنين تبدو المسألة الثانية أسهل، الامر الذي يعني أن حل الدولتين أسهل كثيرا من حل الدولة الواحدة - المصدر).

عمليا، وكما تبدو الامور في وسائل الاعلام، فان السيناريو الذي يخافون منه في اسرائيل على خلفية العمليات الاخيرة هو التدهور الى انتفاضة ثالثة. إلا أن اسرائيل تعرف كيف تواجه الانتفاضة. يبدو أنه تحت الارض يوجد خوف من شيء آخر، حرب اهلية بين اليهود والعرب.

الطريقة التي اشتعلت فيها مناطق طبيعية مثل يافا في لحظة، والسرعة التي تحول فيها الطعن والاعدام في الشوارع الى روتين، هي ضوء تحذير بارز. عندما نفكر باسرائيل على اعتبار أنها دولة غربية ديمقراطية، كما هي فعليا الى حد كبير، فان تعبير حرب اهلية يبدو غير صحيح. لكن عندما نصفها بأنها دولة شرق اوسطية كما هي فعليا الى حد كبير، فان مسألة اندلاع الربيع الفلسطيني في اطار الربيع العربي تبدو اكثر ملموسية.

 

    على خلفية ذلك يمكن صياغة استنتاج واحد مؤكد: الاحداث الاخيرة تعني انتهاء خيار الدولة الواحدة. وقد تحول هذا الخيار الى موضة في السنوات الاخيرة وبالتحديد في الاكاديميا، ومن هناك وصل الى النخبة والجيل الشاب عند القوميتين. في اليسار واليمين الراديكالي اليهودي، وايضا في اوساط عرب اسرائيل والفلسطينيين، يعتبرون الذين يؤيدون خيار الدولتين قدماء.

البروفيسور نديم روحانه ود. أريج صباغ خوري – اللذان يعتبران الصهيونية مشروعا استعماريا واستيطانيا – يصفان المراحل التي مر بها العرب في اسرائيل في الطريق الى تبني هذا الموقف. حتى 1966 عاشوا تحت النظام العسكري. وفي الفترة بين 1967 وحتى 1980 أيدوا الدولة الفلسطينية وسعوا الى المساواة في الحقوق في اسرائيل والاستعداد للتعايش مع التوتر بين اعتبار الدولة يهودية وبين اعتبارها ديمقراطية. منذ التسعينيات وعلى خلفية خيبة الأمل من اتفاقات اوسلو، وبالذات منذ احداث تشرين الاول 2000، كان التوتر بين عنصر اليهودية في تعريف اسرائيل وبين عنصر الديمقراطية يعتبر تناقضا غير ممكن، ويمكن تجاوزه فقط في حال اصبحت اسرائيل دولة جميع مواطنيها.

تبخر آمال اوسلو والازمة السياسية منذ الانتفاضة الثانية، دفع الكثيرين من اليسار الصهيوني الى استنتاج مشابه. وحتى يتم تحقيق المساواة الكاملة – ويشمل ذلك التنازل عن الامتيازات الممنوحة لليهود في اسرائيل – لن يكون هناك تعايش حقيقي. معروف أن خيبة الأمل السياسية من فشل محاولات اليسار الكلاسيكي في الوصول الى الحكم، دفع الى البحث عن آفاق جديدة.

لكن الاغراء في الحياة المشتركة والمتساوية الكامن في خيار الدولة الواحدة غير قابل للتطبيق. هذه وصفة نظرية فقط، والاحداث الاخيرة تثبت امكانية اشتعال العلاقات بين اليهود والعرب التي تحمل اثقال تاريخية ودينية قوية. الدولة الواحدة لن تنهي الصراع بل ستزيد من السلوك المعادي بين الجماعات، حتى وإن كان من يقوم بذلك أقلية متطرفة.

الحاجة الى الفصل تبرز في السياق الاوسع. لو كان يمكن بعد اقامة الجسم الاوروبي التفكير بأن العالم يسير باتجاه تشويش الهويات القومية، فان بداية القرن الواحد والعشرين تثبت أن الهويات القومية مع تداخل الهويات الدينية الغريبة، آخذة في القوة. دولة جميع مواطنيها – التي يمكن التغاضي فيها عن التجربة التاريخية لليهود – ستنتهي مثل يوغسلافيا. لذلك، رغم تحول موضوع اخلاء المستوطنين الى أمر معقد مع مرور الوقت، فانها ما زالت مهمة سهلة مقارنة بمواجهة الحرب الاهلية.

فكرة التقسيم طرحت للمرة الاولى من البريطانيين في 1936، بعد التمرد الوطني الفلسطيني الاول. وقد خرجت هذه الفكرة من الموضة بعد 18 عقدا. لكن سهولة العنف الحالي لا تترك خيارا آخر.