خبر هذه ليست انتفاضة- اسرائيل اليوم

الساعة 09:34 ص|17 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: يعقوب عميدرور

الاحداث التي شهدتها اسرائيل في الشهر الاخير صعبة ومحبطة. المظاهرات العنيفة، بالذات تلك التي داخل اسرائيل، تضع التعايش في موضع الشك مع العرب من مواطني الدولة. أنا اريد احداث بعض النظام ووضع الامور في نصابها الصحيح لأن التحليلات انفعالية وعناوين الصحف تزيد من ذلك. نحن نقف أمام خمسة انواع من الاحداث:

الاول، خلايا ارهابية تستخدم السلاح الحي. العملية التي قتل فيها ايتان ونعماه هنكن في 1 تشرين الاول والعملية في الحافلة في القدس حيث قتل هذا الاسبوع حفيف حاييم والون غوبابرغ في 13 تشرين الاول، كانتا ذروة هذا الجهد.

 

الثاني، عمليات فردية بالسلاح الابيض. حدثت اغلبيتها في القدس أو على أيدي مقدسيين في انحاء دولة اسرائيل، من العفولة حتى كريات غات. وحدثت حتى الان عشرات الاحداث التي انتهت بالاصابات، لكن ستة ممن قاموا بالطعن قتلوا. جميعهم في القدس.

 

          الثالث، مظاهرات من قبل المئات، معظمهم شباب، في يهودا والسامرة وفي داخل اسرائيل، واستخدام الزجاجات الحارقة والعبوات المحلية، والشعارات الصعبة وحرق اعلام اسرائيل. في يهودا والسامرة تحاول السلطة استيعاب بعض هذه الاحداث.

 

          الرابع، القاء الحجارة والزجاجات الحارقة في الشوارع، لا سيما في يهودا والسامرة، معظمها من قبل اولاد (بأعداد كبيرة لكنها لا تذكر في الاعلام)، وايضا في احياء وقرى عربية داخل اسرائيل (بأعداد أقل كثيرا).

 

          الخامس، محاولات عشرات الفلسطينيين تجاوز الحدود في غزة. معظم هذه الاحداث تقوم باستيعابها حماس.

 

          لا يوجد سبب واحد واضح لاندلاع هذه الموجة الآن، ويبدو انه التقاء عدة عناصر كان من الصعب توقعها. بدأت الاشارات حول سخونة الاجواء قبل وقت طويل والتي كان التعبير عنها الارتفاع الحقيقي في القاء الحجارة والزجاجات الحارقة في يهودا والسامرة والقدس، والتي تحولت الى موجة محاولات القتل فقط في الاسابيع الاخيرة. واضح أن شعار « الاقصى في خطر » هو احد العناصر الاساسية لهذه الموجة. وكان هذا نتيجة للتحريض الذي يقوم به الجناح الشمالي للحركة الاسلامية في اسرائيل وبتشجيع من حماس. وتساهم في ذلك السلطة الفلسطينية ايضا. إلا أنه من الخطأ اعتبار الاحداث نتيجة للتحريض فقط. يجب فهم ذلك ايضا على خلفية الاجواء السائدة في الشرق الاوسط حيث توجد حركات سنية متطرفة وعلى رأسها داعش التي تزداد قوة وتتسع وتأسر خيال الشباب.

 

          الاحتكاك المتصاعد مع المستوطنين، حرق عائلة دوابشة في قرية دوما، وحقيقة أن منفذي القتل الفظيع لم يحاكموا، وتصريحات السياسيين في اسرائيل حول تغيير الوضع القائم في الحرم – كل ذلك له تأثيره على مشاعر الاحباط الفلسطينية. يبدو ان خطاب « نهاية اوسلو » لأبو مازن في الامم المتحدة قد ساهم هو ايضا في اليأس. ويشعر المجتمع الفلسطيني بالاهمال، الامر الذي يجذب مجموعات تفرح لوجود العنف والفوضى بدون أي صلة بالايديولوجيا أو التفكير المعمق. هذه الاجواء سائدة في القدس، وقد يكون السبب عدم شعور الفلسطينيين هناك بسلطة السلطة الفلسطينية من جهة وفاعلية السلطة الاسرائيلية من جهة اخرى.

 

          لان الحديث هنا عن تاثير معقد لعوامل منفردة من الصعب توقع الى اين ستذهب الامور ومن المهم وضعها في اطارها الصحيح. اولا، واضح اننا بعيدين جدا عن احداث الانتفاضة الثانية التي قتل فيها خلال شهر 122 يهودي. وفي الموجة الحالية بعد اكثر من اسبوعين يوجد 7 قتلى وهذا فرق كبير في العدد.

 

          ثانيا، قبل 15 سنة كان عشرات الانتحاريين. اما في الوضع الحالي فان اعداد قليلة تقوم بالعمليات من خلال السلاح الابيض وهذا دليل واضح على سيطرة « الشباك » على يهودا والسامرة الامر الذي يسمح باحباط الارهاب المنظم. من الجدير الاشارة الى أن المظاهرات ايضا تختلف عن تلك التي حدثت في 2000 حيث استخدم الجيش في حينه مليون رصاصة من اجل تفريق الاف الفلسطينيين. اما المظاهرات الاخيرة فقد شارك فيها 500 شخص في مظاهرة واحدة معظمهم من الشباب.

 

          يمكن قول امور مشابهة حول المظاهرات في اسرائيل بغض النظر عن خطورتها، فهي اقل خطورة من الاحداث التي حدثت في تشرين الاول 2000. ما يميز موجة الارهاب الحالية هو ان 95 بالمئة من العمليات استخدم فيها السلاح الابيض، في حين ان 90 بالمئة من المنفذين هم من سكان القدس ومحيطها.

 

       بين استخدام القوة وضبط النفس

 

          من المهم ان تنتهي الاحداث دون انجاز فلسطيني، وخصوصا في الحرم. محظور تاجيج النار هناك لذلك فان ما تقوم به الشرطة والحكومة صحيح عند تقييد عدد الداخلين الى الحرم. ومع ذلك عندما يعود النظام تكون حاجة الى العودة الى الوضع القائم الذي ساد قبل الاحداث. يجب القول ان العنف لن يحقق انجاز. هذا الخط الذي يجب ان توضع استراتيجية اسرائيل عليه.

 

          خلافا للانتفاضة الثانية لا حاجة الى عملية عسكرية ويجب التقليل قدر الامكان من الحاق الضرر بالفلسطينيين الذين لا ينفذون العمليات. سفك دماء الفلسطينيين المحرضين الذين لا يمارسون الارهاب سيضر اسرائيل ولن يفيدها وسيؤجج الوضع. هذا الامر ليس سهلا لكن يجب احداث التوازن بين استخدام القوة وبين ضبط النفس اثناء المظاهرات. يجب الميل باتجاه ضبط النفس. في المقابل يجب ان تكون يد صارمة ضد منفذي الارهاب. وأي قتل لمنفذ ارهاب، حتى لو استخدم السلاح الابيض، يجب أن يحظى بتأييد كل المستويات.

 

          إنها موجة غير سهلة لان المبادرين اليها فرادى بدون قيادة. لكن الشبكات الاجتماعية ووسائل الاعلام في غزة تدفعهم الى ذلك. لذلك مطلوب تصميم في الرد على العمليات الارهابية في مكان الحادث، ومطلوب اعصاب قوية – لمنع خطوات ضارة بسبب الضغط الطبيعي في ظروف كهذه. يجب الحفاظ على التوازن والامتناع عن الخطوات التي ستدخل فلسطينيين اكثر الى داخل العنف، مثل الاغلاق. هذا التهيج حول الموضوع زائد بل ويلحق الضرر.