خبر وضع الأمة – في بلاد التناقض- معاريف

الساعة 10:57 ص|13 سبتمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: بن كسبيت

 (المضمون: استطلاع للرأي العام غريب عجيب يبين كم هو الاسرائيلي متناقض مع نفسه. ومع ذلك بيبي يبقى ملك اسرائيل - المصدر).

منذ يوم قيام دولة اسرائيل وهي تعيش تهديدات قاسية، متنوعة ومتراكمة. دولة محوطة بالاحداث لا يسلمون بحقها في الوجود، لا تزال تعتبر غرسة غريبة في محيطها وتضطر الى ان تقاتل في سبيل حياتها أو أمن مواطنيها مرة كل عقد من الزمان على الاقل. مواطنو اسرائيل هم الوحيدون في العالم الغربي الذين يمكن أن يجدوا نفسهم تحت وابل من الاف الصواريخ في كل لحظة معطاة. لا شيء في اسرائيل مسلم به. الهدوء الامني متهالك، الاستقرار الاقتصادي هش، المستقبل محوط بالغموض. شعب اسرائيل مكون من قبائل مختلفة، ممزق بين الاجنحة السياسية، الدينية، العرقية والقومية فيه، دوما يعتمل وينفعل، يتقاتل مع نفسه ويعصف بخواطره.

 

          إذن كيف يحصل أن الاسرائيليين هم الذي الشعب الاكثر تفاؤلا في العالم؟ جدول التفاؤل العالمي يجعلنا دوما في احدى المراتب الاولى. ومنذ وقت غير بعيد وجدنا أنفسنا في المرتبة الرابعة في العالم في استطلاع فحص « اين هو المكان الافضل لاقامة أسرة ». النمسا كانت هي الاولى، فنلندا الثانية، السويد الثالثة واسرائيل الرابعة. قبل كثير من بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة والمانيا. نعم، نحن متفائلون. والرب وحده يعرف لماذا. وفي الاستطلاع الذي تقرأونه الان ايضا، والذي اجراه معهد « بانلز بوليتيك » بناء على طلب « معاريف » فانه بعد أن تذمر المستطلعون من الوضع الاقتصادي والامني ومن النووي الايراني ومن قيم الديمقراطية وعناية الحكومة للمواضيع المختلفة، سئلوا ماذا سيكون برأيهم وضع دولة اسرائيل بعد عقد، مقارنة بوضعها اليوم. وبالفعل، 13 في المئة مقتنعون بان الوضع سيكون افضل بكثير، 26 في المئة مقتنعون بان الوضع سيكون افضل (بالاجمال 39 في المئة يعتقدون بان الوضع سيتحسن)، بينما 26 في المئة فقط يعتقدون بان الوضع سيسوء. باختصار، سيكون الحال على ما يرام. هذه هي خلاصة الاسرائيلية.

 

          الكل اكبر من اجزائه

 

          عندما ننزل الى التفاصيل، يتبين لنا شيء غريب. فقد سئل المستطلعون كيف تغير وضعكم في السنة الماضية مقابل السنوات الاخيرة في ثلاثة مجالات: الوضع الاقتصادي الشخصي، الامن الشخصي والامن العام. وفي كل هذه المجالات يبلغ المستطلعون عن أن وضعهم ساء. في الوضع الاقتصادي الشخصي يدعي 35 في المئة بان وضعهم ساء مقارنة بـ 26 في المئة يعتقدون ان وضعهم تحسن. في الامن الشخصي يبلغ الثلث بسوء الوضع وفقط 23 في المئة بتحسن. في الامن العام نتيجة مشابهة (37 في المئة ساء، و 24 في المئة فقط تحسن). وعندها، في السؤال الاجمالي سئل المستطلعون كيف بالاجمال يعرفون وضعهم الشخصي مع نهاية سنة « تشعه ». هل هو افضل أم اسوأ بالنسبة لنهاية السنة السابقة. وبالفعل، مفاجأة: 29 في المئة اجابوا بان وضعهم أحسن مما في نهاية « تشعد »، 22 في المئة فقط يعتقدون ان وضعهم اسوأ (45 في المئة قالوا ان لا تغيير في الوضع). إذن كيف يحتمل أنه في الوضع الاقتصادي، الامن الشخصي والامن العام الوضع ساء، بينما اجمالي الوضع تحسن؟ لا نعرف. الاحساس العام في اسرائيل لا يرتبط على ما يبدو، بالمعطيات على الارض. يتبين أن الكل الاسرائيلي اكبر من مجموع اجزائه المتخاصمة.

 

          طلبنا أن نرسم في الاستطلاع الاسرائيليين حسب موقفهم من الدين، واستخدمنا عدة وسائل. في مسألة التعريف الذاتي تبين ان 12 في المئة هم اصوليون (حريديم)، 12 في المئة متدينون و9 في المئة تقليديون – متدينون. وبالاجمال 33 في المئة متدينون. 23 في المئة آخرون وصفوا أنفسهم كتقليديين غير متدينين بينما 42 في المئة وصفوا أنفسهم كعلمانيين. والتقسيم يصبح اوضح في مسألة هل انتم تسافرون في السبت. 61 في المئة نعم، 37 في المئة لا. ويبدو أن هذا هو خط الفصل. 56 في المئة يفصلون بين اللحم والحليب في المطبخ البيتي (41 في المئة لا يفصلون)، وفقط 22 في المئة يأكلون ثمار البحر، بينما 57 في المئة يعارضون المبادرة لمنع كرة القدم في السبت (43 في المئة بالذات يؤيدون). السطر الاخير؟ مركب. المجموعة الاكبر لا تزال مجموعة العلمانيين. فمع التقليديين غير المتدينين، تصبح النسبة 65 في المئة من سكان الدولة. هذه هي، الى هذا الحد أو ذاك، هي مجموعة من يسافرون في السبت (61 في المئة). تكاد تكون كل هذه المجموعة (57 في المئة) مع كرة القدم في السبت.

 

          فشل صفقة الغاز

 

          وهاكم بعض المعطيات في المواضيع الحالية: اغلبية كبيرة تعارض استيعاب لاجئين من سوريا: 70 في المئة ضد، مقابل 26 في المئة مع (اساسا باعداد رمزية). اغلبية كبيرة جدا (77 في المئة) تعتقد ان الاتفاق النووي بين اسرائيل والقوى العظمى يعرض اسرائيل للخطر بهذا القدر أو ذاك (اقلية بائسة تقريبا من 15 في المئة تعتقد أن الاتفاق ليس خطرا). في موضوع صفقة الغاز، 22 في المئة يعتقدون أنه جيد لمواطني اسرائيل، بينما 45 في المئة يعتقدون انه جيد لشركات الغاز. السطر الاخير: انتصار اعلامي كبير لنتنياهو في موضوع النووي الايراني، فشل اعلامي مدوي لنتنياهو في موضوع صفقة الغاز. في كلا الموضوعين ايران والغاز، لا ينجح حاليا في تحقيق نتائج على الارض. امور مشابهة تنطبق على غال هيرش، المرشح المتعثر لمنصب المفتش العام. فهو يتمتع بدعم الجمهور في هذا الاستطلاع (42 في المئة مع، 25 في المئة ضد) اما على الارض فهو لا يزال بعيدا عن المنصب.

 

          فحصنا احساس الجمهور بالنسبة لقيم الدولة. يتبين أن 57 في المئة من الجمهور يشعرون بانه طرأ مؤخرا تآكل في القيم الديمقراطية لدولة اسرائيل (33 في المئة لا يشعرون هكذا). وبالمناسبة، هذا الاحساس ديمقراطي اساسا في اوساط العلمانيين (71 في المئة)، ابناء 60 فما فوق ومن يعرفون أنفسهم كاناس الوسط (71 في المئة) واليسار (82 في المئة). في موضوع حرية التعبير، الاراء منقسمة أكثر. 46 في المئة يعتقدون انه طرأ مؤخرا تآكل في حرية التعبير في اسرائيل، بينما 48 في المئة لا يعتقدون بانه يوجد مثل هذا التآكل. ويرتبط الانقسام هنا بالانشقاق السياسي. فحرب رئيس الوزراء نتنياهو ضد وسائل الاعلام تعطي ثمارها وعلى الاقل معسكره السياسي يدير كتفا باردة لصرخاتها حول تقييد حرية الصحافة وحرية التعبير.

 

 في التوازن بين تعريف اسرائيل كدولة يهودية وتعريفها كدولة ديمقراطية، الحسم واضح: 43 في المئة يعتقدون بان اليهودية اسبق على الديمقراطية، 31 في المئة يعتقدون ان الديمقراطية اسبق، 25 في المئة يعتقدون ان القيمتين متساويتين. في التحليل يمكن ان نلاحظ ان 48 في المئة من العلمانيين يعتقدون ان الديمقراطية اسبق على اليهودية (هذا يعني ان نصف العلمانيين لا يزالون يتمسكون باليهودية!). بينما 81 في المئة من المتدينين يعتقدون ان اليهودية اسبق على الديمقراطية. مثير للاهتمام.

 

طلبنا من المستطلعين ان يرتبوا اهمية المواضيع لعناية الحكومة في السنة القادمة. غلاء المعيشة في المرتبة الاولى وبفارق هائل (38 في المئة، قبل الوضع الامني (20 في المئة)، الفوارق الاجتماعية (14 في المئة)، اسعار السكن (12 في المئة)، الوضع الامني الشخصي (4 في المئة) وغيره. اجمالي المواضيع الاقتصادية تحظى بـ 50 في المئة، اجمالي المواضيع الامنية بـ 24 في المئة. مواضيع المجتمع 21 في المئة. وهنا ينبغي أن تأتي ملاحظة تحذير. عشية الانتخابات الاخيرة ايضا اجاب المستطلعون في كل الاستطلاعات بان المواضيع الاجتماعية والاقتصادية على رأس اهتمامهم، أكثر بكثير من الموضوع الامني. يتبين أن هذا ما يقوله الاسرائيليون في الاستطلاعات. اما عندما يذهبون الى التصويت فانهم يصوتون حسب انماط عمل مختلفة تماما، سلفية، بل وحتى غير واعية. في اسرائيل، ما هو مهم حقا، على مدى السنين، هو الامن، بدون هذا، لا انتصار.

 

كما أن توزيع الاصوات يستحق التحليل في هذه المسألة: مواضيع غلاء المعيشة هامة على نحو خاص لابناء 30 – 44. هؤلاء هم الازواج الشابة، الذين يبحثون لانفسهم عن شقة، رزق، حياة مرتبة. الفوارق الاجتماعية هامة اساسا لاناس اليسار. الوضع الامني العام هام اساسا للمتدينين.

 

الصحة قبل كل شيء

 

وماذا نتمنى لانفسنا في السنة القادمة؟ الصحة اساسا: 36 في المئة. بعد ذلك تحسن الوضع الاقتصادي (28 في المئة). الزوجية الطيبة (13 قي المئة). تحقيق الذات (8 في المئة). توسيع العائلة (4 في المئة). تحسين مستوى السكن (3 في المئة). تحسين المستوى المهني (3 في المئة). نعم، في النهاية نحن نريد أن نكون اصحاء. الى جانب الزوجية وتوسيع العائلة، فان معظم امانينا تتعلق بالموضوع العائلي.

 

هل اسرائيل هي مكان جيد للعيش فيه؟ واضح. 73 في المئة من الاسرائيليين يعتقدون أن نعم. هذا تصويت ثقة مدون بالدولة. 21 في المئة يعتقدون ان اسرائيل هي مكان « ليس جيدا كثيرا)، وفقط 2 في المئة معادون: »ليس جيدا على الاطلاق". باختصار، جيد.

 

وعندها يأتي السؤال هل في السنة الماضية فكرت بترك البلاد. برأيي، عدد المجيبين بالايجاب عال جدا: 21 في المئة فكروا بان يتركوا في السنة الماضية. اسرائيلي واحد من كل خمسة. هذا عدد يشغل البال. صحيح، نزعة الترحال الاسرائيلية/اليهودية معروفة لنا جميعا، والرغبة في تنسم هواء هاديء في مكان ما هي مشترك بيننا جميعا، ولا يزال. فاذا كانت اسرائيل مكانا جيدا كهذا، فلماذا ينبغي التفكير بتركها؟ التناقض الاسرائيلي.

 

وماذا هو الاكثر محبة بالنسبة لنا هنا؟ قبل كل شيء، المكان نفسه (48 في المئة)، رغم الغبار، الاكتظاظ والمخاطبر. كل شيء (23 في المئة) وطبيعة الاسرائيليين (9 في المئة) ووتيرة الحياة (6 في المئة) واللغة (5 في المئة) والطعام (3 في المئة) وحالة الطقس (2 في المئة). 1 في المئة فقط لا يحب شيئا في اسرائيل. ويبدو أن هؤلاء يعيشون على حقائبهم. ولعله ينبغي المطالبة برد الاعتبار لحالة الطقس. صحيح أنه كان غبار هذا الاسبوع، ولكن اسرائيل هي جزيرة استقرار مباركة في حالة الطقس، 9 اشهر في السنة يمكن عمل كل شيء في الخارج وعدم الخوف من عاصفة غير متوقعة، مطر مفاجيء او اعصار. شتاء خفيف ولطيف، خريف وربيع قصيرين وجميلين. فكيف 3 في المئة فقط. شيء ما هنا فشل في تصنيف حالة الجو الاسرائيلية. لعلها اعتبرت امرا مسلما به.

 

ما يربطنا باسرائيل أكثر من أي شيء آخر هو العائلة (48 في المئة)، وكذا التاريخ والتوراة (16 في المئة). رأس السنة سنحتفل به بالطبع مع العائلة في البيت (56 في المئة)، او نحل ضيوفا لدى أقرباء عائلة (35 في المئة). لا بديل عن العائلة الاسرائيلة في الاعياد. نقطة. في التعريف الاسرائيلي للنجاح، العائلة مسيطرة: 53 في المئة يرون في العائلة/الزوجية مقياس النجاح، وفقط 20 في المئة الصحة الجيدة، و 14 في المئة المهنة، وفقط 9 في المئة يرون في الثراء قمة النجاح. يا له من جميل.

 

ما الذي اثار اعصابنا هذه السنة؟ 28 في المئة ثارت اعصابهم من قضايا الفساد؛ 24 في المئة من نتيجة الانتخابات، 22 في المئة من اسعار الشقق، 9 في المئة من العلاقات مع الولايات المتحدة و 8 في المئة من احتجاج سليلي اثيوبيا. القطار الخفيف اثار اعصاب 3 في المئة منا هذه السنة، ولكن يخيل لي ان بانتظاره مستقبل لامع في هذا المجال في السنوات القادمة.

 

قلق على كحلون وهرتسوغ

 

ختاما، ننتقل الى السياسة: بيبي يتصدر حتى في قائمة السياسي المتميز (26 في المئة) وكذا في قائمة السياسي مخيب الامال (21 في المئة). في ترتيب المتميزين يفاجيء جدا نفتالي بينيت في المرتبة الثانية (14 في المئة). ومفاجيء اكثر في المرتبة الثالثة يعقوب ليتسمان (13 في المئة). لبيد في المرتبة الرابعة (8 في المئة). كحلون في المرتبة الخامسة فقط (5 في المئة)، مثل ليبرمان (5 في المئة)، اما اسحق هرتسوغ فيراوح خلف زهافا غلئون في المرتبة الثامنة، مع 3 في المئة. بعده فقط آريه درعي وايمن عوده. في قائمة مخيبي الامل لبيد يأتي بعد نتنياهو (17 في المئة)، بعدهما كحلون، هرتسوغ، ليبرمان، درعي، غلئون، عودة، بينيت وليتسمان. السطر الاخير: نتنياهو يواصل كونه الاكثر محبوبا من نصف الشعب والاكثر مكروها من النصف الثاني. لبيد لا يزال لا يقوم بالاقتحام. ليتسمان، في سلسلة من القرارات الهامة، يأسر حتى قلوب العلمانيين، ونفتالي بينيت يسير في طريق شاي بيرون ويحتل المرتبة الثانية. من ينبغي أن يكونا قلقين هما كحلون وهرتسوغ.

 

وضعنا نتنياهو رأسا برأس امام مدعين مختلفين للتاج. هنا ايضا انتظرتنا مفاجأة كبرى. في معركة واحد على واحد بيبي يصفي تقريبا الجميع بلا شروط. كحلون بفارق 27 في المئة، لبيد بفارق 24 في المئة، هرتسوغ بفارق 27 في المئة، غابي اشكنازي بفارق 27 في المئة، بوغي يعلون بفارق 30 في المئة، وعندها وصلنا الى جدعون ساعر الذي لا يوجد اليوم في السياسة. يتبين أن ساعر هو الوحيد الذي يعطي نتنياهو نزالا ذا مغزى. الفجوة بينهما طفيفة، 5 في المئة فقط. 34 في المئة لبيبي و 29 في المئة لساعر. يبدو أن ساعر يقتطع التأييد لنتنياهو في اليمن وينزع منه ربع مؤيديه الدائمين. وهو يفوز امام كل المتنافسين الاخرين. ولعل هذه النتائج تدفع لان يعود الى السياسة ليتنافس على رئاسة الليكود.

 

السطر الاخير: بيبي لا يزال فوق الجميع، وفي هذه اللحظة ساعر وحده يمكنه أن يهدده.