خبر مجموعات تدفيع الثمن الاستيطانيّة... اعتداءات متزايدة ومواجهة فلسطينيّة خجولة

الساعة 06:17 م|07 سبتمبر 2015

فلسطين اليوم

عادت جريمة حرق عائلة الدوابشة للواجهة من جديد باستشهاد الوالدة ريهام ليله أمس، هذه الجريمة التي أرتكبتها الجماعات الإستيطانية المتطرفة دون أي ملاحقة ومحاسبة بالرغم من أن الفاعل معروف لسلطات الإحتلال و العالم أجمع.

وإحراق عائلة الدوابشة ليست الجريمة الأولى الّتي يقوم فيها المستوطنون بمهاجمة منازل الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة، إلاّ أنّ إلا أنها كانت الأكثر إيلاما وتأثيراً على الشارع الفلسطينيّ، الّذي بات يشعر بعدم الأمان، خصوصاً مع عدم ملاحقة هؤلاء المستوطنين وارتفاع وتيرة أعمالهم العدائيّة.

وهذا الخوف ليس من فراغ، فـ« جماعات تدفيع الثمن » كما تطلق على نفسها وتتركها جملة مكتوبة على الجدران المحروقة، زادت من هجماتها العدائيّة في اتّجاه الفلسطينيّين في السنوات الأخيرة. وبحسب إحصاءات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة « أوتشا »، فإنّ هذه الهجمات ازدادت في الآونة الأخيرة في شكل ملحوظ. وبالأرقام، فقد وثّقت المؤسّسة الدوليّة 665 اعتداء بين إصابات للمواطنين أو أضرار لممتلكاتهم، حتّى تمّوز/يوليو من عام 2015، 221 منها خلال عام 2014، و99 خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2015.

وفي تقرير تمّ نشره في حزيران/يونيو من عام 2015، أكّدت منظّمة حقوق الإنسان الإسرائيليّة « ييش دين » أنّ شرطة الاحتلال أغلقت ما نسبته 85 في المئة من التحقيقات في اعتداءات نفّذها مستوطنون بحجّة « الفشل » في تحديد الجناة، أو لـ« نقص » في الأدلّة لتوجيه التّهم، وأنّ 1.9 في المئة فقط من الشكاوى الّتي قدّمت من قبل الفلسطينيّين ضدّ اعتداءات المستوطنين الإسرائيليّين تمّت متابعتها.

وعلّق أستاذ الدراسات أحمد رفيق عوض على هذه الأرقام، مشيراً إلى أنّه يتوقّع ازدياداً في الهجمات المنظّمة الّتي تشنّها هذه المجموعات في الفترة المقبلة.

وتحدّث عوض لفلسطين اليوم، عن ظروف ظهور هذه المجموعات فقال: « لقد بدأت بالظهور بعد عام 2005، نتيجة الغضب من قرار الحكومة الإسرائيلية بإخلاء المستوطنات في غزّة في حينه ».

وأشار إلى أنّ المجموعة الأولى الّتي ظهرت وبدأت نشاطها العدائيّ ضدّ الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة كانت « شبيبة التلال » ، إذ بدأت في عام 2006 نشاطها من خلال سيطرتها على تلال الضفّة الغربيّة والاستيطان في شكل غير شرعيّ عليها، ثمّ ظهرت مجموعات أخرى، وأهمّها تلك الّتي تطلق على نفسها اسم الأن « تدفيع الثمن » وذلك في عام 2008.

ولفت إلى أنّ كثيراً من الأدبيّات الإسرائيليّة، الّتي بحثت عن هذه الجماعات، تحدّثت عن جهّات أمنيّة واستخباراتيّة إسرائيليّة دفعت في اتّجاه ظهور هذه المجموعات لتشتيت الصراع، بحيث ينتقل إلى صراع بين مستوطن وفلسطينيّ يسكنان الأرض نفسها، بدلاً من فلسطينيّ وجنديّ مسلّح.

وإيديولوجيّاً، اعتبر أحمد رفيق عوض أنّ هذه المجموعات، ومعظمها من اليهود الغربيّين، وتحديداً في الولايات المتّحدة الأميركيّة، تؤمن بظهور المسيح المخلّص على أحد جبال السامرة، نابلس، وما تقوم به هو محاولة لتمهيد الظروف بظهوره من خلال قتل الأغيار أيّ الفلسطينيّين. ومن هنا، كانت معظم هذه الاعتداءات وأكثرها قسوة في تلك المنطقة.

وأشار أيضاً، إلى أنّ أفكار هذه الجماعات قديمة، ولكنّها نظّمت نفسها في الآونة الأخيرة مستغلّة الظرف السياسيّ على الأرض من حيث تراجع المقاومة الفلسطينيّة وعدم الخوف من أيّ ردّة فعل في الشارع الفلسطينيّ، بالإضافة لتضاعف قوّتها في الحكومة الإسرائيليّة ومؤسّسات الدولة الأخرىورأى عوض أنّ تشكيل لجان حماية هو خطوة أولى لمواجهتها، متوقّعاً مزيداً من الصدام، وقال: « إنّ الصدام مقبل لا محال، فهذه العمليّات الّتي تمسّ الشعب الفلسطينيّ في شكل مباشر من الصعب السكوت عنها مستقبلاً ».

مسؤول ملفّ الاستيطان في شمال الضفّة غسّان دغلس، يقول « أثبتت هذه اللّجان فعاليّتها، رغم أنّها لجان سلميّة وغير مسلّحة، في ظلّ الوضع الفلسطينيّ الحاليّ والضعف في الشارع الفلسطينيّ ».

ودعا دغلس خلال حديثه لفلسطين اليوم، الجهّات الرسميّة إلى دعم هذه اللّجان لوجستيّاً.

ورأى غسّان دغلس أنّ هذه اللّجان لا تكفي كأسلوب مقاومة، وقال: « على الجميع الفلسطينيّ من مستوى رسميّ في السلطة الفلسطينيّة والفصائل الفلسطينيّة العمل على حماية المواطنين من خلال التوجّه إلى الميدان ».

أضاف: « سيكون التحرّك السياسيّ مفيداً إذا كان هناك فعل حقيقيّ على الأرض لصدّ هذه الاعتداءات وتعزيز صمود المواطنين على الأرض ».

وفي حديث دغلس، إشارة إلى ردّة الفعل الرسميّة للسلطة الفلسطينيّة على حادثة إحراق الطفل دوابشة، بتوجّهها إلى محكمة الجنايات الدولية فقط.

وطالب دغلس بـ« تغيير الاستراتيجيّة الفلسطينيّة في التعامل مع هذه الاعتداءات، والبحث في شكل شموليّ عن آليّات مساندة للّجان والمواطنين في هذه المناطق لخلق رادع للمستوطنين ».

ومن جهته، أشار عضو المجلس التشريعيّ المستقلّ حسن خريشة، والنائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، إلى أنّ القيادة السياسيّة الفلسطينيّة بطريقة تعاطيها مع هذه الاعتداءات هي من تتحمّل مسؤوليّة استقواء هذه المجموعات الاستيطانيّة على الفلسطينيّين،حيث يتم في حالات الاعتداء من قبل المستوطنين توثيق الحادثة فقط لتقديم الملفات لمحكمة الجنايات الدولية.

وقال خريشة لفلسطين اليوم، « إنّ تشكيل اللّجان الشعبيّة مهمّ، ولكن الأولى بالسلطة الفلسطينيّة نشر قوّات الأمن الفلسطينيّ باللّباس المدنيّ، ومن دون سلاح في مناطق التّماس لحماية الشعب الأعزل، إلى جانب ضرورة وقف التنسيق الأمنيّ الّذي كان السبب الرئيسيّ وراء حال التراخي الّتي يعيشها الشارع الفلسطينيّ ».