خبر إسرائيل" وسياسة القفز السريع كتب: خالد صادق

الساعة 09:07 ص|03 سبتمبر 2015


لا يكاد الاحتلال الصهيوني ينتهي من معركة مع الجهاد الإسلامي حتى يدخل في معركة أخرى, ففي غضون أشهر قليلة خاض الاحتلال عدة معارك مع الجهاد الإسلامي, فقد خاض معركة كسر الإرادة مع الشيخ خضر عدنان في محاولة لإفشال إضرابه عن الطعام, سعيا لنيل حريته , ففشل, ثم خاض معركة أخرى مع الأسير البطل محمد علان لثنيه عن إضرابه المفتوح عن الطعام وقد وصل إلى حافة الموت, لكن علان انتصر, والاحتلال فشل مرة أخرى, ثم جاءت المعركة الثالثة عندما وجه الاحتلال أصابع الاتهام لحركة الجهاد الإسلامي أنها تقف وراء إطلاق الصواريخ على الجولان, في محاولة لخلط الأوراق, والتبرير المسبق لأية حماقة يقدم عليها الاحتلال, لاغتيال قادة سياسيين أو عسكريين من الجهاد الإسلامي, سواء داخل فلسطين المحتلة أو خارجها, وعندما نفت الجهاد الإسلامي أية علاقة لها بإطلاق الصواريخ, وتبنت كتائب البعث السورية عملية الإطلاق, وتم استهداف من أسمتهم « إسرائيل » بالمجموعة المطلقة للصواريخ, ولم يكن بينهم أية عناصر من الجهاد الإسلامي, إلا أن الاحتلال الصهيوني أصر على موقفه, وان الجهاد الإسلامي هو من نفذ عملية إطلاق الصواريخ على الجولان, رغم انه على يقين أن الجهاد الإسلامي لو نفذ العملية فسيتبناها, فلم يعهد على الجهاد الإسلامي انه نفذ عملية في الداخل الفلسطيني المحتل أو خارجه ولم يتبنها, علما أن الجهاد الإسلامي ليس له أي ميدان مواجهة عسكري سوى الداخل الفلسطيني المحتل, ومع عدو مركزي واحد هو الاحتلال الصهيوني, وانه لا يمارس أي نشاط عسكري من خارج فلسطين المحتلة.

لجأت إسرائيل إلى القفز المباشر لتنفيذ المرحلة الثانية من خطتها للاشتباك مع الجهاد الإسلامي, والشروع بعملية تصفية لقادة الحركة في الداخل والخارج, عندما اجتاحت مخيم جنين بأعداد كبيرة جدا, وبعتاد كثير مستخدمة طائرة مروحية, ومستهدفة القيادي في الجهاد الإسلامي الشيخ بسام السعدي, في محاولة مستميتة لتصفيته, لكن المحاولة انتهت بالفشل الذريع, وإصابة جندي صهيوني بسلاح المقاومة, وإحراق جيب عسكري وجرافة, وأصيب الجيش الصهيوني بخيبة أمل كبيرة, وعاد إدراجه ليجر ذيول الخيبة والفشل.

هذه هي بداية المرحلة الثانية من خطة الاحتلال الصهيوني لتصفية قيادات وعناصر من حركة الجهاد الإسلامي, بعد أن مهدت الطريق لذلك, من خلال تلفيق اتهامات للحركة, بأنها تسعى إلى اختراق التهدئة وتوتير الأجواء من خلال إطلاق الصواريخ تجاه مغتصبات الاحتلال سواء من قطاع غزة أو الأراضي السورية, البداية كانت بمحاولة استهداف الشيخ بسام السعدي, وهذه ليست النهاية, فالاحتلال سيعيد الكرة مرة واثنتين وثلاث, ضد الشيخ بسام السعدي وقيادات أخرى, وقد تمتد يده إلى الخارج لتصفية قيادات من الجهاد الإسلامي, بعد أن زجت إسرائيل زيفا باسم القيادي في الحركة أكرم العجوري بأنه من يقف وراء إطلاق الصواريخ على الجولان, رغم نفي حركة الجهاد الإسلامي لذلك نفيا قاطعا.

والسؤال الذي يتبادر للجميع, لماذا يستهدف الجهاد الإسلامي وقياداته تحديدا؟ لماذا لا يستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى؟ وهنا نود توضيح الحقائق التالية.

أولا : التنظيمات الأخرى ليست بعيدة وليست في منأى عن التصفية, لكن إسرائيل لا تريد أن تفتح جبهة واحدة على كل الفصائل الفلسطينية, خوفا من وحدة البندقية الفلسطينية, وتكبدها لخسائر كبيرة في معركتها القادمة, بل تريد الاستفراد بكل فصيل على حدة, وما أن تنتهى منه حتى تبدأ بالآخر.

ثانيا: لماذا بدأت بالجهاد الإسلامي؟ لأن الجهاد لديه خطاب سياسي واحد لا يتغير ولا يقبل المساومة, وهو أن لا حوار ولا تهدئة مع الاحتلال تتجاوز الثوابت الفلسطينية, ووفق شروط المقاومة وبعقلية المنتصر الذي يفرض شروطه على الآخر, وليس بعقلية المستسلم أو المهزوم .

ثالثا: لأن الجهاد الإسلامي يتبنى خطاباً إعلامياً تحريضياً مقاوماً ضد الاحتلال الصهيوني, ويستنفر عناصره بشكل دائم استعدادا للمواجهة القادمة مع الاحتلال, ويحرض عناصره داخل السجون الصهيونية لخوض معارك الامعاء الخاوية, لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري, ويدعم عناصره من خلال تثوير الشارع الفلسطيني, وتنظيم الفعاليات الجماهيرية, والتهديد بإشعال جبهة قطاع غزة « الخامدة » في وجه الاحتلال, في حال استشهاد أي من الأسرى المضربين عن الطعام, وهو محل إجماع من كافة الفصائل الفلسطينية, التي تتعامل معه كفصيل وحدوي ليس له أطماع في السلطة, ويسعى لإنهاء الانقسام, والتفرغ للاحتلال لإحباط مخططاته ومؤامراته التي لا تنتهي وبالتالي يلقى قبولا لدى الجميع.

رابعا: الاحتلال يدرك انه ليست هناك نقاط التقاء مع الجهاد الإسلامي, وهى معدومة تماما, وفي نفس الوقت استطاع الجهاد الإسلامي أن يبني علاقات طيبة مع الدول العربية والإقليمية, ويسعى لإنهاء أي خلاف عربي أو إقليمي مع أي فصيل فلسطيني, كما يسعى للتحشيد ضد الاحتلال, وكشف مؤامراته ومخططاته في المنطقة, والتي تستهدف التوتير والإشعال والفوضى.

خامسا: استغلال الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به حركة الجهاد الإسلامي, والذي تعاني منه كافة الفصائل الفلسطينية والمنطقة بأسرها, والضغط لأجل عدم الخروج من هذه الحالة الاقتصادية الصعبة, حتى لا تقف الحركة على قدميها مجددا, وتطور من أدائها المؤسساتي والعسكري والميداني, وهى تستغل هذه الحالة لتوجيه ضربة قاضية للحركة قد تضعف من أدائها وقوتها حسب رؤية الاحتلال وأمانيه.

سادسا: الجهاد الإسلامي قادر على تفجير الانتفاضة الثالثة في الضفة الغربية, وأنه يسعى لذلك من خلال تصريحات الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح حفظه الله لقناة الميادين, والتي حمل فيها السلطة المسؤولية عن منع الانتفاضة من خلال التنسيق الأمني مع الاحتلال , ورفض رئيس السلطة محمود عباس لها والحيلولة دون اشعال شرارتها, من خلال تشديد القبضة الأمنية على الفلسطينيين في الضفة, وقد أعربت إسرائيل عن خشيتها الشديدة وقلقها من اندلاع الانتفاضة الثالثة, بينما يسعى الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة لتفجيرها, من خلال تشجيع العمليات الفدائية ضد الاحتلال سواء كانت فردية أو منظمة, ويطالب الجهاد وحماس تحديدا الفلسطينيين في الضفة بضرورة التمرد على سياسة السلطة وتفجير الانتفاضة.

هذه إرهاصات بداية المرحلة الثانية التي قفزت إليها إسرائيل سريعا, لتصفية قيادات من الجهاد الإسلامي, وقد تشهد الأيام القليلة القادمة محاولات عدة لتصفية قيادات الحركة, والأمر يتطلب مزيدا من اليقظة والحذر الشديد, ويتطلب موقفا موحدا لفصائل المقاومة الفلسطينية, حتى لا نصل للعبارة الممقوتة « أكلت يوم أكل الثور الأبيض », ويتطلب أن تبقى سرايا القدس في حالة استنفار قصوى للدفاع عن قادة الحركة, حتى تدرك إسرائيل أنها ستدفع أثمانا باهظة في حال استهدافها لأي من القيادات الفلسطينية, لقد فشلت إسرائيل في محاولتها لاستهداف الشيخ بسام السعدي, لكنها ستحاول مجددا ربما ضد قيادات أخرى, حتى تعيد الثقة لجيشها الفاشل, علينا أن نقرأ أعداءنا الصهاينة جيدا, حتى لا نقع فريسة لمخططاتهم التي لا تنتهي.