خبر حلم الدول السبعة- هآرتس

الساعة 10:51 ص|17 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: عميره هاس

صحيح أنه لم يتم سؤالي عن رأيي، لكنني مع ذلك سأقوله: كان الانفصال عن غزة مناورة ملفتة لاريئيل شارون هدفت الى ايجاد حل الدول السبعة: اليمين الاسرائيلي (احزاب اليمين والوسط والمعسكر الصهيوني ويوجد مستقبل واليمين المسيحاني). يجب علينا أن نشكر شارون على فطنته واخلائه قطاع غزة بشكل أحادي الجانب حيث عمق سيطرة « يشعستان » على الضفة الغربية وفي دولة اسرائيل السيادية، لأن هذا كان الوجه الآخر لهدفه الرئيس: مأسسة وتخليد الكانتونات الفلسطينية ذات الحكم الذاتي (هذا كان حلمه دائما).

اعتادوا عندنا اظهار المستوطنين كمسؤولين عن سياسة التوسع والضم الاسرائيلية. لكن العكس هو الصحيح. فجميع الحكومات الاسرائيلية منذ 1967 (بسبب ضيق المقام لن أتحدث عن انماط وأهداف الطرد قبل ذلك الحين)، استخدمت المستوطنين كأداة سياسية لاحباط تحقيق تقرير المصير للفلسطينيين، أي الدولة. وكالعادة تتداخل هذه الأداة مع الرغبات الفردية للمستوطنين الذين تزايدوا كلما قدمت لهم الدولة المزيد من الاغراءات، وفي حالة قطاع غزة نشأ تناقض بين نوايا الطرفين.

 

          مستوطنو قطاع غزة كان هدفهم أن يتمتعوا بالبحر وبالقوة العاملة العربية الرخيصة جدا، وبالبيوت مع الاراضي والمزارع، ولو كانوا وافقوا على العيش هناك في مباني مكتظة ومتعددة الطبقات كما في بيتار عيليت وموديعين عيليت، لما اضطر شارون الى اجراء عملية الحساب البسيطة: جنود أكثر من اللازم لحماية كل مستوطن، أي أن الاستثمار في الدفاع عن المستوطنين وقمع الفلسطينيين غير مجدي. أحلام الاستيطان القروي تناقضت مع حلم ارض اسرائيل الكاملة، المعاملة تجاه 7 آلاف شخص من أبناء الجنس الأعلى مقابل 1.5 مليون فلسطيني من الجنس المتدني، لم تكن توجد حتى في جنوب افريقيا. عند المجيء للاستيطان في احد الاماكن الاكثر اكتظاظا في العالم على بعد خطوة من مخيمات اللاجئين وعند مصادرة 20 في المئة من الاراضي الفارغة في قطاع غزة، وعند سرقة مياه مليون ونصف شخص التي هي قليلة أصلا – يجب التفكير ببات يام وحولون وليس رحافيا ونهلال. اذن، المستوطنين الغير اعزاء (الذين كلفونا كثيرا) فقد دفعتم في النهاية الثمن على ذهابكم الى هناك لاقامة بلانتيشن بعيدا عن الالاباما في القرن العشرين.         

 

          شارون لم يكن ينوي اخلاء القطاع كخطوة اولى في تدريج جديد لم تكن حتى مزيفة مثل تدرج اوسلو، الذي توقف عند 40 في المئة من اراضي الضفة (مناطق أ + ب). لو كان يفكر بالتدرج لما اوقف المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، الامر الذي مكن حماس من اظهار اخلاء القطاع كانتصار « الكفاح المسلح » لحماس. والمنطقة 4 الاستيطانية التي اخلاها في جنين ما كانت لتبقى ضمن مناطق ج (سيطرة اسرائيلية كاملة) – بل كانت ستعود الى اصحابها القانونيين، الفلسطينيين. لو فكر شارون بالفلسطينيين لم ابقى مستوطنة مافو دوتان وحرمش والجنود الذين يحرسونها، لكن شارون سار خلف نفسه وخلف سابقيه، القيادات الاسرائيلية تفاوض طوال الوقت من اجل حل وسط بينها وبين نفسها ومع الجمهور الاسرائيلي. وحل الوسط الذي يتبلور منذ 35 عام هي بين رؤية الفلسطينيين يذهبون من هنا وبين معرفة انه لا يمكن العودة الى 1948 وطرد جميع الفلسطينيين. وهكذا نشأ حلم الكانتونات. الفرق بين القيادات المختلفة هو حجم الكانتون الفلسطيني المقترح وعدد هذه الكانتونات، لذلك فان « حلم السبع دول » هو اسم مؤقت ولين. وعدد الكانتونات التي يتحدث عنها حل الوسط الاسرائيلي للفلسطينيين مرتبط بنوعية « التواصل المواصلاتي » (مصطلح تحدث عنه الاسرائيليون امام البنك الدولي خلال المفاوضات معه حول الانفصال) سبعة او عشرة، المبدأ يبقى كما هو، تقسيم، سيادة مزيف، وقدرة اسرائيلية على قطع التواصل باية لحظة بين الكانتونات.

 

          لا يمكن معرفة ان كان شارون قد توقع الانقسام الفلسطيني الذي نشأ باعقاب الانفصال، الذي كان بجوهره فصل السكان في غزة عن باقي السكان الفلسطينيين في البلاد (اسحق شامير واسحق رابين وشمعون بيرس عبدوا الطريق لهذا الانفصال. شارون أكمله).

 

          توجد كوارث مسؤولة عنها القيادات الفلسطينية، واحدى هذه الكوارث اقامة حكومتين فلسطينيتين متعاديتين، حماس تسيطر على غزة (الحروب الموسمية الدموية ضرورية لحماس واسرائيل من أجل تأكيد الفصل والتمييز عن الضفة الغربية. « امن »، « مقاومة » هما غطاء جيدا) فتح تسيطر كسلطة على باقي الدويلات المصغرة. على اليمين الاسرائيلي ان يشكل ليس شارون فقط وانما حماس وفتح ايضا.