خبر بين حماستان ويشعستان -هآرتس

الساعة 10:03 ص|13 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

بين حماستان ويشعستان -هآرتس

بقلم: آري شبيط

          (المضمون: حان الوقت للعودة الى صيف 2005 لنتعلم من أخطائنا وانجازاتنا، والاستمرار من النقطة المؤلمة التي عبرت من خلالها الحافلات حاجز كيسوفيم - المصدر).

          قضيت صيف 2005 في غوش قطيف. من ناحيتي لم يكن هناك احتمال آخر، بالتحديد لأنني من أوائل من طرحوا فكرة الانفصال وأيدت الخطة (بتحفظ)، كان واضحا لي أنه عند تطبيق الانفصال فان علي أن اكون مع ضحاياه. بالضبط قبل عشر سنوات جلست في نيتسر حزاني وعشت الاسبوعين الاخيرين في الموشاف. في نهاية المطاف تم اخلائي من قبل جنود الجيش الاسرائيلي، واجتزت حاجز كيسوفيم في الحافلة مع المُخلين وذهبت الى صلاة الانكسار والخراب التي أجريت في حائط المبكى.

          وكمن كان شريكا في افكار قرار هدم 24 جالية واخلاء 8500 شخص من اراضيهم، شعرت أن من واجبي أن أكون مع من تم اخراب بيوتهم ومحيت قراهم وانهار عالمهم.

          وقد خرج اسم سيء للانفال في السنوات العشرة الاخيرة. الرد الفلسطيني على الانسحاب الاسرائيلي لم يكن اقامة سنغافورة شرق اوسطية، بل اقامة حماستان اصولية، تعتدي مرة تلو الاخرى على سدروت، عسقلان وتل ابيب. الرد الدولي على اخلاء المستوطنات لم يكن متضامنا ومؤيدا على المدى البعيد، بل كان تقريري غولدستون وماك غاون ديفيس وانتقادات بسبب دفاع اسرائيل عن نفسها.

          الرد الاسرائيلي على الخطوة احادية الجانب لم يكن تجديد الصفة الرسمية، وانشاء مركز صهيوني قوي وتبني طريق سياسية ابداعية وواقعية، بل كان زيادة التطرف. حيث أن الدرس الذي استخلصه معظم الاسرائيليين من الانفصال هو أنه لا يجب تكرار ذلك، ومن الافضل عدم السعي وراء السلام أو تقسيم البلاد. وانما استمرار الوضع الراهن.

          ولكن تحديدا في الذكرى السنوية العاشرة للانفصال تبدو الامور مختلفة تماما. حيث أن سدروت مليئة بالحياة ومستوطنات النقب الغربي تزدهر والاراضي في نتيف هعسرا تُباع مثل الخبز الساخن، والوضع في غلاف غزة ليس خطيرا الى هذه الدرجة. « الرصاص المصبوب »، « عمود السحاب » و« الجرف الصامد » رغم تكلفتها الانسانية المخيفة، فانها استطاعت تحقيق ردع معين وأوجدت نوعا من الاستقرار في الحدود الجنوبية. قوة الجيش الاسرائيلي وحصانة المجتمع المدني ودقة « القبة الحديدية » أثبتت أن اسرائيل تعرف كيف تواجه التهديد العسكري لحماستان.

          لكن مع التهديد الداخلي لـ يشعستان لا تستطيع اسرائيل التصرف. أختنا دانييلا فايس تهددنا أكثر من عدونا اسماعيل هنية، البناء المسعور في المستوطنات والتطرف فيها والهجوم الاستيطاني المباشر على الديمقراطية، كل ذلك يهدد صورتنا ووجودنا. الخطر الحقيقي على وجود اسرائيل ليس قادما من المنطقة المحتلة التي انسحبنا منها بل من المناطق المحتلة التي لم ننسحب منها بعد.

          هل يعني هذا أننا قادرون على اجراء انفصال ثاني وفوري في يهودا والسامرة؟ بأي شكل من الاشكال لا، والدروس من أخطاء اريئيل شارون واضحة: يجب أولا الحديث سياسيا، وبعد ذلك محاولة التوصل الى تفاهمات غير رسمية مع الفلسطينيين، ويجب وضع الانسحاب في اطار استراتيجي اقليمي واسع وأن يقترن ذلك بخطة مارشال فلسطينية وخطة أمنية اسرائيلية، تضمنان الاستقرار والازدهار حتى وإن غاب السلام.

          لكن كل هذا لا يقلل من حقيقة أن شارون: في نهاية المطاف لا توجد طريق اخرى، علينا أن نأخذ مصيرنا في أيدينا ورسم حدودنا وتقسيم البلاد. هذه الاجراءات كانت وما زالت ترتبط بفظاعة كبيرة. لكن مع كل الاحترام، فان الصهيونية القوية والواقعية حسب دافيد بن غوريون هي التي ستضمن مستقبلنا. حان الوقت للعودة الى صيف 2005 لنتعلم من أخطائنا وانجازاتنا، والاستمرار من النقطة المؤلمة التي عبرت من خلالها الحافلات حاجز كيسوفيم.