خبر هل إلى مرَدٍ من سبيل؟ بقلم/ شمس شناعة

الساعة 09:20 ص|07 أغسطس 2015

صحفي من غزة

 تكثر الأزمات في غزة، ويكاد المرء لا يجد متسعاً من الوقت للحديث عنها مجتمعة، فلا كهرباء متواصلة ولا متقطعة في بعض الأحيان، ولا مياه عذبة ولا حتى غير عذبة في غالب الأحيان، ولا طرق معبّدة أو نصف معبدة في بعض الأحيان، ولا مستشفيات مؤهلة ولا نصف مؤهلة في كثير من الأحيان، ولا مدارس مهيئة ولا جامعات قادرة على النهوض بحاجة السوق وحاجة المجتمع والدولة، ولا فرص عمل ولا أنصاف فرص عمل حتى، ولا منتجات غذائية صالحة ولا نصف صالحة، أنصاف الحلول قبلها المواطن الغزي واقتنع بها، لكن الحكومات وولاة الأمر يرفضون حتى الإقرار بحق المواطن في نصف الحل هذا، فمثلاً لا يقولون نحن نعتذر للمواطن الكريم بسبب عجزنا عن توفير الكهرباء على مدار الساعة، بل يخرجون علينا، من هنا وهناك، ليقولوا أن معاليهم وعطوفتهم ودولتهم وسعادتهم وسماحتهم قد بذلوا « مجهودات خرافية »، وتمكنوا من وصل التيار لست ساعات متتالية يومياً دون انقطاع، ومطلوب منا معشر المواطنين والبسطاء أن نخرج لنقول لهم شكراً يا سادتنا على ما جدتم به علينا، والمياه العذبة غير متوفرة في منازل المواطنين، ولكن لا بأس أن يخرج علينا من وقت لآخر مسؤول كبير ليقول لنا أن يشعر بالقلق على صحة السكان بسبب تلوث مياه الشرب في غزة، (يا سيدي مشكور وكلما ممنونين إلك). تزداد هموم الناس ولا أفق، ويتسابق الساسة في إلقاء اللوم على بعضهم، ويبدأ مسلسل الاتهامات الذي لا ينتهي، وكل فريق يدعي أنه الأكثر حرصاً على المواطن ومستقبله وحاضره وصحته وتعليمه وبنيته الأساسية وكرامته، بالمناسبة مسالة الكرامة تحتاج إلى تركيز كبير في القراءة، ويتجاهل الجميع أن لسان حال المواطن هو « بدنا عنب وبدناش نقاتل الناطور »، أي ناقشوا اتهاماتكم بعيداً عنا، واتركونا لأحلامنا في مساحات وفضاءات شبكات التواصل الاجتماعي، وادخلوا غرفاً مغلقة ابحثوا لنا فيها عن حلول لأزمات تكاد تخنقنا، وعقبات تكاد تعثر بنا، ومسيرة متخبطة بين اليأس وما بعد اليأس، حتى باتت غزة تضم بين جنباتها نحو مليونين من مرضى الاكتئاب وضغط الأعصاب والارتفاع في ضغط الدم والسكر، إلى جانب آلاف مرضى السرطان والفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي وغيرهم، فهل إلى مرَدٍ من سبيل؟ هل يدرك بعض الساسة وبعض الإعلاميين الناطقين باسم الأحزاب وباسم بعض الهيئات العامة أن مجرد خروجهم على الشاشة ساعة تناول الطعام تعني أن يُرفع ما على المائدة دون أن تمتد إليه الأيدي، وأن خروجهم في وقت ساعة الطعام في البيوت التي لا طعام فيها يفرج كرب صاحب البيت الذي يقول لأبنائه، « جاءكم من يسد رمقكم بالترّهات، ويجعل الطعام آخر ما ترغبون به في هذه اللحظات »، وهل يدرك هؤلاء أن خروجهم بإنجازٍ واحدٍ ولو كل بضعة أسابيع أفضل ألف مرة للخروج من أجل تبرير إخفاقهم وعجزهم ونكوصهم عن وعوداتهم للمواطن وتخليهم عن مسؤولياتهم نحو حاضره ومستقبله، ولسان حال شعبنا يقول لهم « إما أن تحددوا لنا موعد بصيص الأمل في نهاية النفق، أو تتركونا نتلمس طريقنا علنا نهتدي دون بوصلتكم ».