خبر حفريات جديدة في تل تسفيت تُشكك بقوة مملكتي يهودا والسامرة- هآرتس

الساعة 09:07 ص|05 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

حفريات جديدة في تل تسفيت تُشكك بقوة مملكتي يهودا والسامرة- هآرتس

بقلم: نير حسون

          (المضمون: الاكتشاف الاثري الجديد يحول جت الفلستية الى المدينة الأكبر في ارض اسرائيل في القرن العاشر قبل الميلاد ويؤكد أن الفلستيين وليس الاسرائيليين هم الذين سيطروا على ساحل يهودا - المصدر).

          قطعة من بقايا بوابة مدينة اكتشفت في الاسابيع الاخيرة في تل تسفيت جنوب الساحل، تغير الصورة الجيوسياسية في منطقة الساحل في فترة العهد التوراتي وليس في صالح مملكة داود وشلومو.

          تل تسفيت هو موقع أثري متعدد المراحل بدايته في العهد البرونزي القديم ونهايته كانت قرية عربية وجدت حتى عام 1948. احدى المراحل الاكثر اهمية من الناحية الاثرية تُنسب للمدينة الفلستية جت، وهي احدى مدن الفلستيين الخمسة المعروفة جيدا من قصص التوراة بسبب الصراع اللانهائي مع الاسرائيليين. ذروة جت كانت خلال فترة داود وشلومو، أي القرن العاشر قبل الميلاد، حيث كانت في حينه المدينة الاكبر من بين المدن الفلستية.

          يتم الحفر في هذا الموقع منذ عشرين سنة على يد وفد قسم تعليم الآثار في ارض اسرائيل في جامعة بار ايلان برئاسة البروفيسور اهارون مئير. وخلال الحفر تم اكتشاف أدلة كثيرة من تلك الفترة، منها مذبح استعمل للطقوس الدينية، وبقايا مباني ومواقع لصناعة الحديد وآلاف قطع الفخار والأدوات. مع ذلك تركز الاكتشاف حتى الآونة الاخيرة على الجزء العلوي للتل، رغم أنه كان معلوما أن الحديث عن مدينة كبيرة ومهمة، ولم يكن بالامكان اعتبارها مدينة كبيرة بشكل استثنائي.

          خلال الحفريات في هذا العام التي انتهت قبل بضعة اسابيع، بدأ الفريق بالحفر في موقع جديد أسفل التل، ليس بعيدا عن مكان وجود المذبح، وقريبا من وجه الارض اكتشف الطرف العلوي لجدار حماية واسع، وفي السياق اكتشف الجدار على طول ثلاثين مترا وأدلة تثبت وجود برج مراقبة وبقايا تشير الى وجود بوابة مدينة كبيرة.

          اكتشاف الجدار يحول هذه المدينة الى المدينة الاكبر من حيث حجمها. وحسب تقدير البروفيسور مئير كانت مساحتها تبلغ 500 دونم في حين أن القدس كانت تبلغ مساحتها 120 دونم، كمدن اخرى مثل مجدو وبئر السبع.

          يوجد للفرق بين المدينتين أهمية حاسمة في الجدل الذي يشعل عالم الآثار الاسرائيلي منذ عقدين من الزمن حول وجود وطابع المملكة الموحدة. مؤيدو المملكة يقولون إن هناك توافق بين وصف المصادر لمملكة داود وشلومو وبين الوقائع الأثرية، وأن الحديث كان يدور عن قوة عظمى صغيرة سيطرت على الجبل والساحل وشمال البلاد. وفي المقابل يزعم الطرف الآخر أن الحديث عن مملكة صغيرة سيطرت على مساحة صغيرة في الجبل وأن عاصمتها القدس، ما هي إلا قرية مكبرة. في السنوات الاخيرة حصل الشموليون على الدعم لموقفهم في خربة كيفا القريبة من تل تسفيت. هناك كشف الفريق برئاسة البروفيسور يوسي غرفنكل وساعر غنور عن مدينة محصنة من القرن العاشر قبل الميلاد، وهذا الاكتشاف يعني أن المملكة وصلت الى خربة كيفا على الأقل.

          لكن اكتشاف الحصن في اسفل مدينة الأويب الفلستي يلقي الضوء من جديد على الوضع الجيوسياسي في المنطقة. وحسب قول مئير فان ايجاد جت، وهي مدينة ضخمة ومحصنة على حدود المملكة التي سيطر عليها داود وشلومو لفترة طويلة دون وجود علامات خراب كنتيجة للحرب مع يهودا، يثبت أن الفلستيين وليس الاسرائيليين هم الذين سيطروا على ساحل يهودا، لأن خربة كيفا وجدت خلال فترة قصيرة نسبيا (30 سنة)، ويمكن أن تكون من بقايا فشل المملكة الاسرائيلية في الانتشار غربا باتجاه الساحل، وليس من بقايا قوتها. « مملكة يهودا يمكن أن تكون أكبر واكثر قوة وأهمية »، قال مئير، « لكن يتبين أن هناك دولة كبيرة جدا على حدودها الغربية. لقد قلت خلال سنوات أن جت مدينة كبيرة، لكن تم الادعاء ضدي أنه لا توجد مدينة سفلى وإن وجدت فهي غير محصنة. والآن عندما عثرنا على الحصن الضخم، فمن الواضح أنها المدينة الاكثر اهمية في القرن التاسع أو العاشر ».

          البروفيسور غرفنكل لا ينفي هذا التفسير لكنه يقول: « نحن نعرف أن هذه المنطقة شهدت كل الوقت صراعات على الحدود. صحيح أن يهودا نجحت في بناء كيفا كمدينة محصنة جيدا مع حجارة يبلغ وزنها 8 أطنان، وعندما سقطت كيفا قاموا ببناء بيت شيمش، أي أنهم ينجحون في بناء المدن والتحصينات ».

          بوابة مدينة جت ذُكرت في التوراة في سفر شموئيل أ. عندما هرب داود من شاؤول ووصل الى أبواب جت تصرف مثل مجنون وسال لعابه على لحيته. ملك المدينة أخيش طرده وقال « هل ينقصني مجانين؟ ». هذه الحادثة تؤكد العلاقة المعقدة بين الشعبين، وتؤكد ذلك ايضا الوقائع على الارض والصعوبة في رسم خط واضح بين المملكتين. فمن جهة الاسرائيليون والفلستيون هم أعداء لا يكفون عن محاربة بعضهم البعض. ومن جهة اخرى هم يؤثرون في بعضهم البعض من ناحية ثقافية، مثلا المذبح الذي وجد في تسفيت يُذكر بالمذابح التي وصفت في التوراة. « كل مجموعة تستمر في اعتبار نفسها منفصلة ولكن هناك تداخل مكثف بينهما »، قال مئير بعد اكتشاف المذبح قبل اربع سنوات وذكر قصة شمشون الجبار: « هو يقتلهم وهم يقتلونه، لكنه من جهة اخرى تزوج من امرأة فلستية وهو يشارك في أعراسهم ». لقد استمرت جت في الوجود حتى سنة 830 قبل الميلاد الى أن احتلها ودمرها حزال، ملك آرام. مئير يقول إن دمار جت كان حادثة دراماتيكية غيرت موازين القوى في المنطقة ومكنت من صعود مملكة يهودا المستقلة في القرن السابع والثامن قبل الميلاد.