خبر ما بعد أزمة الكهرباء الأخيرة في غزة ... بقلم/ شمس شناعة

الساعة 07:10 ص|26 يوليو 2015

ما بعد أزمة الكهرباء الأخيرة في غزة ... الوطن والمواطن يدفعان ثمن مناكفة لا علاقة صلة لهما بها بقلم/ شمس شناعة

صحفي من غزة

« دوخيني يا لمونة » ... هذه هي الاستراتيجية التي جرى اتباعها من قبل من يديرون أحوال الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال السنوات الماضية في مواجهة المطالبات الاعتيادية من طرف المواطنين فيما يتعلق بأساسيات حياتهم، وما أن تتفجر أزمة تتصل بحياة الناس (كغاز الطهي أو شح المياه أو ارتفاع أسعار مشتقات البترول أو اختفاء بعض السلع من الأسواق وأخيراً ودائماً وأبداً مشكلة الكهرباء المزمنة) حتى تخرج علينا مجموعة من فئة (غراب البين) ليبدأ مسلسل المناكفة وتحميل المسؤوليات وإلقاء التهم جزافاً، وفق منطق يعتمد على نتيجة مفاداها (مليش دخل)، ويظن هؤلاء (الغربان) أنه بمجرد ما يقولوا ما يقولون سيتعامل معهم المواطن على قاعدة أنهم (أبرياء من التهمة) وبالتالي يحمل المسؤولية للطرف الآخر، وفقاً لنظرية (الرصاصة) التي راجت في ثلاثينيات القرن الماضي والتي تقول بأن أول ما يسمعه المواطن هو أول ما يصدقه، متجاهلين أن المواطن أصبح أكثر وعياً وأكثر قدرة على تنقيح المعلومات ولديه أكثر من مصدر للمعلومات وأكثر من وسيلة لاستيضاح الخبر والتأكد من كافة معطياته، وبعد كل هذا وذاك يظن هؤلاء أنهم بتغريداتهم (أي نعيقهم) يكونون قد (فلتوا) من العقاب الجماهيري وبرّئت ساحتهم ليعيش المواطن في مواجهة مباشرة مع الأزمة دون ان يبدو في الأفق ملامح حل أو انفراجة باتت في عداد المستحيلات. استراتيجية (دوخيني يا لمونة) في الشأن الكهربائي في قطاع غزة تقوم على ما يعرف باسم (منهج المتاهة في الأداء الحكومي)، وتقود إلى تساؤلات أغلب الظن أن أحداً لا يرغب في الإجابة عنها أو لا يملك إجابة أصلاً، فهل محطة إنتاج الكهرباء مملوكة للشعب الفلسطيني (بعد أن استنفذت مقدراته المالية على مدى عقدين من الزمن)؟، وهل للسلطة الوطنية الحق في إدارة وتشغيل محطة الكهرباء؟، وهل شركة توزيع الكهرباء مملوكة للشعب الفلسطيني؟، وهل للسلطة الوطنية الحق في إدارتها؟، ومن هو المالك الحقيقي لكل من شركتي المحطة والتوزيع؟، وما هي قصة ضريبة البلو؟، وهل هي مفروضة من إسرائيل وفقاً لاتفاقية باريس الاقتصادية (سيئة الصيت والسمعة)؟، أم هي وسيلة ضغط تضعها الحكومة في رام الله من أجل تنغيص عيش المواطن الغزي ومن يديرون أوضاع الناس في غزة؟، وهل صحيح أن شركة التوزيع التي تجبي ثمن الكهرباء من المواطنين لا تدفع أولاً بأول إلى الحكومة في رام الله قيمة السولار الصناعي؟، وهل صحيح أن السلطة الوطنية هي وحدها من يتحمل تكلفة شراء الكهرباء التي يتم تزويد قطاع غزة بها عبر الجانب الإسرائيلي؟، وما هي حكاية الطاقة التشغيلية للمحطة؟، وهل منذ أن أنشئت كانت هي والخط المغذي من الجانب الإسرائيلي لا يكفي لاحتياجات غزة من الكهرباء؟، ولماذا أنشئت أصلاً؟، ولماذا تُرك الأمر دون أن تتحمل إسرائيل (باعتبارها قوة احتلال) مسؤولية تزويد قطاع غزة بالكهرباء؟، وهل صحيح أن ثمن الكيلو وات القادم عبر الخطوط الإسرائيلية أقل تكلفة من الكيلو وات الذي تنتجه المحطة (اللغز)؟، وإذا كان الأمر كذلك، لماذا لا نذهب جميعاً باتجاه حاجز بيت حانون (إيرز) ونقدم اعتذارنا للحكومة الإسرائيلية عن (سلوكنا الأرعن) الذي قادنا إلى البحث عن (بديل وطني) للكهرباء الإسرائيلية، ونقدم رجاء مشفوع بالأمل أن تعود إسرائيل وتزودنا بالكهرباء؟، وما هي قصة الوقود اللازم لتشغيل المحطة، وأيهما أفضل السولار الصناعي أم الغاز الطبيعي؟، وهل للسياسة دخل في اختيار نوع الوقود المستخدم في التشغيل؟، وكم هي التكلفة الحقيقية للسولار وللغاز؟، ومن الذي يتحكم في كل هذه المنظومة؟، ولماذا يتم اختيار أسوأ موجة حر تعرفها غزة منذ عقود لإيقاف تشغيل المحطة؟، ومن الذي سيتحمل كل الأمراض التي سيصاب بها أطفال غزة نتيجة هذا الحال المزري؟، ومن سيقف بشجاعة ليعلن مسؤوليته عن موت الأطفال حرقاً نتيجة انقطاع التيار الكهربائي؟، ومئات الأسئلة الأخرى تدور في خلد المواطن، ولا إجابة محتملة تقود الناس حتى إلى ربع الحقيقة (الغائب الوحيد في كل هذه الأزمة)، لتستمر استراتيجية (دوخيني يا لمونة) هي سيدة الحال والموقف حتى يحين الوقت الذي تختار لنا فيه عناية السماء رجلاً يقف ويقول كفى لكل هذا العبث، الله عجّل بالفرج وأخرجه من بين ظهرانينا عما قريب .... آمين.