خبر « إسرائيل » تحتمي من مقاومة الحجارة بقوانين انتقامية

الساعة 05:49 ص|22 يوليو 2015

فلسطين اليوم

سعياً لاجتثاث كل أشكال المقاومة الفلسطينية، أقرّت دولة الاحتلال الإسرائيلي عقوبة مشددة على رماة الحجارة من الفلسطينيين، تتراوح بين 10 إلى 20 عاماً، بتهمة إلقاء حجر على مستوطن أو جندي إسرائيلي.

ينص القانون الجديد على فرض عقوبة السجن، لمدة أقصاها 20 عاماً، على من يقومون بإلقاء الحجارة وفي نيّتهم إصابة ركاب السيارات، و10 أعوام على من ليست لديهم نية لذلك. ولم يستغرق الأمر سوى بضعة أسابيع منذ أن وضعت لجنة التشريعات في الكنيست الإسرائيلي مشروع تشديد عقوبة رماة الحجارة الفلسطينيين قيد النقاش، حتى تم إقراره بالقراءة الأخيرة، يوم الإثنين، لتثبت إسرائيل أنّ تعطّشها للانتقام على المستوى التشريعي لا يقلّ عن المستوى العسكري والسياسي، فالكل يتبع منظومة الانتقام من الفلسطينيين، وإن اختلفت الطريقة.

استهدف القانون أكثر أشكال المقاومة انتشاراً وشعبية وتأثيراً بين الفلسطينيين، إذ بات رمي الحجارة على المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، القاسم المشترك الأكبر بين الفلسطينيين رجالاً وشيوخاً ونساء وأطفالاً. وتهدف دولة الاحتلال من وراء القانون إلى حماية 800 ألف مستوطن في الضفة الغربية، يسلكون يومياً شوارع بمساحة 750 كيلومتراً، تمت مصادرتها من أراضي قرى وبلدات فلسطينية، لتصبح شوارع خاصة تخدم 179 مستوطنة و232 بؤرة استيطانية، بحسب ما يؤكد الخبير في شؤون الاستيطان، جاد إسحق، لـ« العربي الجديد ». ويضيف إسحق أنّ « القانون يشمل أيضاً القدس المحتلة، بعد أن ضاقت إسرائيل ذرعاً بحجارة المقدسيين التي تتربصهم في كل مكان ».

وتتوقع إسرائيل من تغليظ عقوبة رمي الحجارة عبر قانون تعسفي رادع، جعل فكرة رمي حجر على مستوطن سرق الأرض، وبات وجوده على مرمى حجر من الفلسطيني، أمراً يخضع للتفكير، بل وبات المطلوب من الفلسطيني أن يتصالح مع فكرة مشاهدة سيارات عسكرية إسرائيلية على مرمى بصره، لأن ثمن العقوبة باهظ، ورمي الحجر سيكلّف الفلسطيني تهمة الشروع بالقتل.

وتبدو قصة الطفل، محمد مهدي سليمان، من قرية حارس قرب مدينة سلفيت، شمال الضفة الغربية، ورفاقه الأربعة من القرية ذاتها، أكبر دليل على أن هذه العقوبة لم تعد سيفاً يلوّح به الإحتلال، بل بات بالفعل مقصلة للأطفال. يواجه سليمان، 18 عاماً، ورفاقه الأربعة، تهمة التسبب والشروع بالقتل، بعد توجيه النيابة الإسرائيلة لهم تهمة رمي الحجارة والتسبب بحادث سير أدى إلى مقتل مستوطنة عام 2013 في شارع للمستوطنين، مقام على أراضي القرية المصادرة.

اقرأ أيضاً: « هيومن رايتس »: إسرائيل تعتقل الأطفال الفلسطينيين وتنتهك حقوقهم

 

محمد، الذي اعتقل في مارس/ آذار 2013، عندما كان في الـ15 من عمره، يواجه لائحة اتهامات، الشروع بالقتل 26 مرة، وتطلب النيابة الإسرائيلية بمحاكمته 17 عاماً. وتقول والدته لـ« العربي الجديد »، إنّه « كابوس مستمر منذ 3 سنوات. أرى ابني يكبر ويتغير من مرحلة الطفولة إلى النضوج من وراء القضبان، وتهمته أنّه رمى حجراً ». وتضيف، « يواجه ابني تهمة الشروع بالقتل 26 مرة، أي بعدد الحجارة التي قالت النيابة العامة الإسرائيلية أنّه اعترف برميها على المستوطنين ».

يدق رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، ناقوس الخطر أمام هذا القانون التعسفي، ويقول لـ« العربي الجديد »، إنّ « هناك نحو 800 طفل فلسطيني يعتقلهم جيش الاحتلال سنويّاً، مما يعني أن غالبيتهم سيكونون تحت طائلة هذا القانون الانتقامي ». ويناشد قراقع « جميع برلمانات العالم التصدي لمجموعة القوانين العنصرية التي تشنها الكنيست الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، والتي تخالف القوانين الدولية واتفاقيات حقوق الطفل الدولية وإجراءات المحاكمة العادلة ».

ويقول محامي سليمان، جلال أبو واصل، لـ« العربي الجديد »، إنّ « القانون التعسفي سيكون سيفاً مسلّطاً على رقاب مئات الأطفال الأسرى »، مؤكّداً أنّ « كل حجر سيضربه أي طفل فلسطيني سيتم تكييفه بحسب هذا القانون الإسرائيلي إلى تهمة الشروع بالقتل ». ويتابع:« في حالة محمد ورفاقه الأربعة، قامت نيابة الاحتلال بتكييف لائحة الاتهام لتصبح التسبب بالقتل والشروع بالقتل، وهذه تهمة تصل عقوبتها إلى 20 عاماً بحسب القانون الجديد ». ويرى أبو واصل أنّ « هذا القانون سيكون مجزرة حقيقية بحق مئات الأطفال الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم بشكل يومي بتهمة رمي الحجارة ».

وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي حالياً نحو 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم نحو 250 طفلاً ما دون سن الـ18 عاماً، وتوجه لهم تهماً مختلفة، أبرزها رمي الحجارة، بحسب ما تؤكّد الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال لـ« العربي الجديد ».

وأشار نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له، أمس الثلاثاء، إلى أنّ « قانون تشديد العقوبة على رامي الحجارة الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، يوم الإثنين، بالقراءة الثانية والثالثة، سيجعل العقوبة تصل إلى عشر سنوات من دون الحاجة إلى إثبات نوايا إيقاع الضرر والإصابة، فيما تصل العقوبة إلى السجن عشرين عاماً إذا ما تمّ إثبات النيّة ».

ونددّ فلسطينيون بالقانون، ووصفوه بـ« الجائر والمتناقض مع القانون الدولي والإنساني ». وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني(غير حكومي)، قدورة فارس، لوكالة « الأناضول »، أمس الثلاثاء، إنّ « هذا قانون يعكس حالة العمى والاضطراب التي تعيشها المؤسسة الإسرائيلية التي لطالما مارست القمع بحق الشعب الفلسطيني ». وأضاف: « تمارس إسرائيل سلوكاً وحشياً عنصرياً، والآن تفرض قانوناً ينتهك القانون الدولي والإنساني »، مشيراً إلى أنّ « 90 في المائة من المعتقلين على خلفية إلقاء الحجارة هم أطفال ما دون سن الـ18 عاماً ». وتابع أنّ « هذا يعكس صلافة دولة الاحتلال والائتلاف الحاكم المتطرف في إسرائيل، الذي أصدر 6 قوانين خلال فترة قصيرة في قضايا الأسرى »، مؤكّداً أنّ « القانون لن يردع رماة الحجارة عن حقهم في المقاومة ».

من جانبهم، أكّد فلسطينيون على كلام فارس، أن القانون لن ينجح في إنهاء ظاهرة رماة الحجارة. وقال الموظف الحكومي، نهاد ربيع،  لـ« الأناضول »، إنّ « القانون مجحف، ويعكس صورة الاحتلال »، مضيفاً: « لن يكون هذا القانون رادعاً أمام إصرار الشعب الفلسطيني ». أما بلال التاجر عبد ربه، فقال لـ« الأناضول » إنّ « هذا جرماً إسرائيليّاً بحق الأطفال الفلسطينيين، إذ لا يملك الطفل إلّا هذا الحجر ليعبّر عن غضبه من ظلم وجبروت الاحتلال ». وأضاف أنّ « هذا القانون يدل على أن الاحتلال يقلق على مستقبله، كون من يحمل الحجر سيحمل شيئاً آخر مستقبلاً ». من ناحيتها، رأت ربة المنزل، ليلى عودة، في حديثها لـ« الأناضول »، أن « القانون لن يشكل رادعاً للمقاومة، ويعبّر عن مدى انتهاك دولة الاحتلال للقانون الدولي والإنساني »، مضيفة:« هذا قانون جائر، وتسعى إسرائيل من خلاله إلى سلب أبسط حقوق الشعب الفلسطيني ».