خبر هآرتس- الذين يُخيفون يخافون

الساعة 08:44 ص|20 يوليو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: عوزي برعام

          إنهم يخافون. ليس من الاتفاق النووي للقوى العظمى مع ايران بل من المغزى السياسي له. المغزى الاول هو أن التهديد النووي الايراني الذي حلق كل الوقت فوق رؤوسنا لم يعد موجودا وحاضرا بنفس القدر.

          إنهم يخافون لأنه بعد أن أقنعوا الجمهور بأن المواجهة النووية محتملة، وسيفهم الكثيرون الآن أن هذا الاتفاق الموسع سيفتح الباب أمام المخاطر (والفرص) التقليدية، لكنه سيغلق الباب أمام الازمة النووية الحقيقية.

          إنهم يخافون لأن رئيس الولايات المتحدة براك اوباما وزعماء آخرون قاموا بخطوة حقيقية من اجل تأخير تطوير القنبلة في دولة ذات قدرات نووية، لبضع سنوات.

          حينما يخافون لهذه الدرجة فانهم يخافون من اجل ابقاء الخوف الذي أوجدته بنية التخويف، وبالتالي يجب زيادة الخوف بشكل أكبر – إنهم ينتقلون من اتهام الدول العظمى بتجاهل تأثيرات الاتفاق ويستخدمون مفاهيم لوصف السوء. سبب ذلك هو أن مجلتهم تنشر العناوين الصفراء « اتفاق لدرء العالم ». مصدر التعبير في كتاب دانييل هو وصف لاحياء الاموات. أي التأثير السيء للخاطئين لن يُمحى من العالم.

          لم أكن لأتطرق بجدية الى تحليل هذه الصحيفة، لكن الاستخدام المتهكم للصحيفة للتعبير ينبع من الخوف من أن يتراجع ويضعف التلويح بالتهديد النووي الايراني.

          هذا لا يعني بالطبع أن الاتفاق مثالي. أحد تأثيراته الذي لا صلة له بالموضوع النووي الذي كان الأساس بالنسبة لنا، قد يكون تعزيز الحرب التقليدية ضد اسرائيل، وهذا يتطلب تفكيرا آخر خارج الصندوق الذي دخلنا اليه من الخوف، وأن الخوف سيختفي.

          إن تفكيرا كهذا يجب أن يتطرق الى الاستنتاج الاول الذي ينبع من الاتفاق وهو: الحاجة الى تحسين الجاهزية العسكرية على ضوء القدرات الغير نووية، بالتعاون مع الولايات المتحدة والدول الاوروبية التي وقعت على الاتفاق.

          الاستنتاج الثاني هو الحاجة الى البحث عن حلفاء في العالم العربي المتغير، الذين لديهم مصلحة في الاتفاق مع اسرائيل ويشمل الاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني. اتفاق استراتيجي شامل من هذا النوع قد يشكل نقطة تحول بالنسبة لاسرائيل.

          لا يجب علينا البحث عن حلفائنا في الكونغرس. اليمين الامريكي الراديكالي ضعيف كدعامة سواء من الناحية السياسية أو الاخلاقية، والتأييد الذي يمنحه لبنيامين نتنياهو ينبع من حقيقة أنه يجسد حسب رأيهم الصراع مع الرئيس الاسود الذي يكرهونه، والذي يبرز أكثر فأكثر بعقلانيته المضبوطة والغير متملصة.

          لا يجب على هذا التأييد أن يُغري وذلك بسبب تدخل جهات يهودية ضد الرئيس المنتخب، الامر الذي لن يؤثر على نتائج الاتفاق، سلبا أو ايجابا – وهذا من شأنه أن يزيد من اللاسامية.

          نتنياهو بادر الى خطوة دولية حظيت بتأييد دولي ونجاح جزئي. ومن هنا الاعتراف باتفاق ساري المفعول. يتوجب على اسرائيل أن تبدأ بجمع المصوغات السياسية والاخلاقية والعسكرية، ولاجل هذا يجب احداث تحول شامل. فهل هذا محتمل في حين أنهم يخافون؟.