تقرير مقابر متحركة في غزة بعد عام على العدوان

الساعة 09:15 ص|07 يوليو 2015

فلسطين اليوم

بعد عام بالتمام والكمال على ذكرى لا يحبذ الغزيين أن تمر من أمامهم، على حرب همجية استمرت لـ 51 يوماً من التوغل في دمهم، من الخوف والعذاب والقلق والنزوح، من ذكريات الطائرات الحربية تدّمر منازلهم، ومدافع تضرب في كل مكان، وزوارق تحيل الأراضِ قحلاً.

كيف ينسى سكان القطاع ما حدث في بدلة خزاعة، بلدة بمساحة أربعين ألف متر مربع، وبأحد عشر ألف شخص يسكنها تعرضت للقصف جواً وبراً وتدمرت المنازل فوق رؤوس ساكنيها، وظلوا يستنجدوا ولا مغيث من النار، مجزرة جرت فيها الاعدامات الميدانية لمن حاول الهب، وطالت حتى سيارات الإسعاف.

بعد عام من كل هذا الوجع، لم يغفر لسكان خزاعة كل ما قدموه، لكنهم أبضاً تعرضوا للنزوح بعد تدمير بيوتهم، فسكنوا المدارس، ثم سكنوا « الكرفانات »، وهي بيوت حديدية صغيرة، تم جلبها كحل مؤقت، لكن هذا الحل طال طويلاً، واستنفذ انسانية سكانه بشكل لا يصدق.

أحوال كارثية

وفي هذا السياق يقول عمار قديح أن منازلهم تدمرت بشكل كامل، مما اضطرهم لأن يسكنوا « الكرفانات »، وهي عبارة عن بيت حديدي صغير، حيث لم يجدوا بديل هم وعائلاتهم، في ظل غياب أبسط مقومات الحياة الإنسانية داخل هذه البيوت .

وأشار قديح لـ « فلسطين اليوم الإخبارية » « نحن نعلم أن »الكرفانات« غير صالحة للعيش الآدمي، لكن ليس لدينا بديل ولا سبيل آخر نسلكه، فقد تخلى عنا الجميع، من بلدية خزاعة، إلى الحكومة والداعمين، فالأمراض بدأت تأكلنا وتنتشر، والسكان مكدسون يعانون الفقر والحاجة ».

قديح: نحن نعلم أن « الكرفانات » غير صالحة للعيش الآدمي، لكن ليس لدينا بديل ولا سبيل آخر نسلكه

وأوضح أنهم قد شهدوا أياماً عصيبة داخل مساكنهم الحديدة في موجة البرد، حيث تحولت هذه المساكن إلى قطع من الجليد، تنزّ المياه التي أدت إلى التماس الكهربائي في العديد منها، وأدت كذلك إلى وفاة عدد من الأطفال من شدة البرد.

وأضاف: « لي أسرتين في مجمع المساكن الصغيرة، أعول بداخلها 9 أفراد، ووضعي صعب جداً، حيث أنني لا أعمل ولا أملك مصدر للرزق، ونعتاش فقط من مساعدات أهل الخير، مع تكدس كبير للسكان في مناطق ضيقة، ولم يتم صرف أي مساعدات لنا ».

وكان الاحتلال قد دمر حوالي ألف منزل في قرية خزاعة في الحرب الأخيرة على قطاع غزة 2014 ، وحتى الآن لم يتمكن أصحابها من بنائها.

عميش: أعول 5 أفراد داخل هذا المسكن، وزوجتي حامل في الشهر الثامن، لا أستطيع أن أوفر لهم أقل مقومات العيش

ضقنا ذرعاً

وفي ذات السياق يقول أحمد عميش الذي يسكن « كرفان » مجاور أنهم يفتقدون لأهم عنصر في الحياة وهو الراحة النفسية، خاصة بعدما فقدوا منازلهم ورزقهم، كذلك لا زالت ذكريات الحرب تطاردهم، ففي كل بيت شهيد أو جريح.

وأشار عميش لـ « فلسطين اليوم الإخبارية » أن « الكرفانات » وسكانها مروا بصيف وصلت فيه درجة الحرارة داخل « خزانات الموت » كما أسماها إلى 58درجة مئوية، بشكل لا يستطيع انسان تحمله، حيث كان سكان « الكرافانات » يجوبون الشوارع لا حول لهم ولا قوة في ظل انقطاع للكهرباء وانعدام كامل للتهوية.

وأضاف:« أعول 5 أفراد داخل هذا المسكن، وزوجتي حامل في الشهر الثامن، لا أستطيع أن أوفر لهم أقل مقومات العيش، لذلك بعث بها إلى بيت أهلها، كي يستطيعوا أن يوفروا لها أقل متطلبات المرأة الحامل ».

وأكد عميش أنهم ضاقوا ذرعاً بالوعود الكاذبة، وبالتناسي من قبل بلدية خزاعة والحكومة، مشيراً أنهم سينزحوا من جديد إلى مدارس الوكالة إذا لم يكن هناك حل قريب، فالحياة داخل هذه البيوت الحديدة لا تطاق، ولا تناسب البشر.

هذا وتحتوي خزاعة على تجمعين ( للكرفانات ) المكدسة بجانب بعضها البعض، مفتقرة لأبسط أنواع العيش، أحدهما يضم 100 مسكن والآخر 50، في ظروف إنسانية كارثية.

لا زالت غزة صابرة، لكن بركاناً من الألم والحاجة والصبر يغلي في داخل سكانها، على أمل أن تنفرج الأمور قريباً، وأن تفي الدولة المانحة بتعهداتها بإعادة الاعمار وتعويض المتضررين من الحرب.