خبر مطلوب نهج جديد ضد داعش -هآرتس

الساعة 09:40 ص|29 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: ضد داعش مطلوب استراتيجية مختلفة، اساسها تعزيز الانظمة المحلية في صراعها ضد فروعه - المصدر).

 

          رمضان، شهر الصيام، ليس في قائمة اشهر الحرام الاربعة حسب الاسلام. بل العكس: فبعض من الحروب الهامة في تاريخ الاسلام وقعت في رمضان، كما يعرف جيدا أبو محمد العدناني، الناطق بلسان الدولة الاسلامية داعش، الذي شجع الموالي للتنظيم على تصعيد اعمال الارهاب ضد « عدو الله » – المسيحيين، اليهود، الشيعة والسنة الذين يقاتلون ضد داعش الى جانب  الائتلاف الغربي. « في شهر رمضان انتم قريبون من الله »، شرح العدناني في خطاب من 30 دقيقة نشره على الانترنت.

 

          لا يوجد بالطبع أي تأكيد على أن دعوة العدناني هي التي ادت الى العمليات الاجرامية الثلاثة في تونس، في الكويت وفي فرنسا. ولكن يكفي أن يكون داعش نسب لنفسه هذه العمليات كي نوضح بان التنظيم الذي يحيي هذا الشهر سنة على سيطرته على العراق، نجح في دحر القاعدة الى هوامش خريطة الارهاب في الدول العربية. فالعملية ضد المسجد الشيعي في عاصمة الكويت وتلك التي في تونس، والتي وجهت ضد السياح، تمثلان ظاهرا الهدفين اللذين وضعهما العدناني امام الموالي لداعش، ولكن هاتين هما ساحتان مختلفتان.

 

          الكويت، التي يشكل الشيعة فيها نحو 20 في المئة من السكان، تمتعت بفترة طويلة من الهدوء من الارهاب. والشيعة يمثلون فيها في الجيش، في البرلمان وفي الحكومة، والعلاقات بينهم وبين الاغلبية السنية مستقرة اكثر بكثير من تلك التي تسود في السعودية او في البحرين. غير أن الدولة اصبحت مصدر تمويل هام للميليشيات السنة المتطرفة التي تقاتل في سوريا، بما فيها جبهة النصرة، المتفرعة عن القاعدة وتدير صراعات شديدة ضد داعش: التقدير هو أن مئات ملايين الدولارات نقلت منها الى هذه الميليشيات في السنوات الاربعة من الحرب. وهكذا وضعت الكويت نفسها في قائمة الاهداف التي سيحاول داعش ضربها.

 

          اما تونس، بالمقابل، فتعاني من هجمات ارهابية منذ الثورة التي وقعت فيها في 2011 وتشكل بؤرة لعمل بعض المنظمات المتطرفة، بما فيها فرع داعش. مئات المتطوعين التونسيين، بمن فيهم الكثير من النساء، انضموا الى داعش، بعضهم عاد الى الوطن واقام فيه خلايا ارهابية مستعدة للعمل سواء بشكل مستقل أم بالتنسيق مع القيادة في سوريا. كما ان تونس تعاني من تسلل المسلحين من ليبيا، حيث تعصف حرب اهلية ولداعش فيها موقع قوي. الحدود الفالتة، التي تسمح للمسلحين من كل تنظيم او حركة التحرر الى الدول المجاورة، تخلق مسارا شرعيا ايجابيا للمنظمات العاملة في دول شمال افريقيا وتغذي ايضا منظمات الارهاب السني.

 

          في ساحتي العمليتين، كان الهدف ضعضعة استقرار الحكم. في الكويت التطلع هو دق اسفين بين الاقلية الشيعية والاغلبية السنية للاثبات بان النظام غير قادر على منع المس بالشيعة واثارة التضامن من جانب السنة. ولكن على الاقل حسب ردود الفعل في الشبكات الاجتماعية، يبدو أنه في اعقاب العملية تعزز بالذات التضامن بين السنة والشيعة.

 

في تونس كان الهدف « فندق أمبريال » الكبير، في مدينة الشاطيء والسياحة سوسا. والنية هنا، مثلما في العملية في متحف باردو في تونس في شهر اذار الماضي، هي ضرب السياحة التي تشكل مصدر دخل مركزي للدولة – نحو 15 في المئة من الناتج المحلي الخام. وتونس هي واحدة من الدول التي صدر بحقها تحذير سفر خطير، وخسارة المداخيل من السياحة في اعقاب العمليتين الاخيرتين من شأنها ان تعيد الدولة الى الدرك الاقتصادي الذي ميزها في السنتين الاوليين بعد الثورة.

 

تحديد هذه الاهداف، في الكويت وفي تونس، يشير الى تخطيط وتفكير استراتيجيين لمنفذي العمليتين. وخلافا للهجمات في سيناء او في العراق، والتي هي جزء من حرب استنزاف طويلة المدى بين قوات النظام ومنظمات الارهاب، توجد لها هنا امكانية كامنة لهز الانظمة بوسائل بسيطة نسبيا. في الكويت وفي تونس، مثلما في فرنسا، كان هؤلاء هم منفذي عمليات افراد، بينما في سيناء وفي العراق تجري منظومات واسعة المشاركين، تعتمد على جبهة داخلية لوجستية واسعة النطاق.

 

تطرح العمليتان مرة اخرى تساؤلات على طريقة القتال الغربية ضد داعش، والتي تستند الى اعمال القصف المتواترة من الجو في العراق وفي سوريا، وهل يمكن لها أن تمنع اعمال التنظيم. ضد القاعدة لم يثبت هذا النهج نفسه حقا، حتى عندما استخدمت قوات برية وبالذات الخصومة الداخلية في التنظيم هي التي ولدت التهديد الحالي. ضد داعش مطلوب استراتيجية مختلفة، اساسها تعزيز الانظمة المحلية في صراعها ضد فروعه. غير أن في تونس، مثلما اعترف الرئيس امس، ليست قادرة على أن تواجد الارهاب وحدها، في سوريا لا يوجد نظام يمكن أو مرغوب فيه الاعتماد عليه، في العراق يتنافس الارهاب مع ارهاب الميليشيات الشيعية، اما الكويت فليست صاحبة تجربة كافية كي تتصدى لتهديدات الارهاب.

 

مطلوب نهج جديد ضد داعش -هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: ضد داعش مطلوب استراتيجية مختلفة، اساسها تعزيز الانظمة المحلية في صراعها ضد فروعه - المصدر).

 

          رمضان، شهر الصيام، ليس في قائمة اشهر الحرام الاربعة حسب الاسلام. بل العكس: فبعض من الحروب الهامة في تاريخ الاسلام وقعت في رمضان، كما يعرف جيدا أبو محمد العدناني، الناطق بلسان الدولة الاسلامية داعش، الذي شجع الموالي للتنظيم على تصعيد اعمال الارهاب ضد « عدو الله » – المسيحيين، اليهود، الشيعة والسنة الذين يقاتلون ضد داعش الى جانب  الائتلاف الغربي. « في شهر رمضان انتم قريبون من الله »، شرح العدناني في خطاب من 30 دقيقة نشره على الانترنت.

 

          لا يوجد بالطبع أي تأكيد على أن دعوة العدناني هي التي ادت الى العمليات الاجرامية الثلاثة في تونس، في الكويت وفي فرنسا. ولكن يكفي أن يكون داعش نسب لنفسه هذه العمليات كي نوضح بان التنظيم الذي يحيي هذا الشهر سنة على سيطرته على العراق، نجح في دحر القاعدة الى هوامش خريطة الارهاب في الدول العربية. فالعملية ضد المسجد الشيعي في عاصمة الكويت وتلك التي في تونس، والتي وجهت ضد السياح، تمثلان ظاهرا الهدفين اللذين وضعهما العدناني امام الموالي لداعش، ولكن هاتين هما ساحتان مختلفتان.

 

          الكويت، التي يشكل الشيعة فيها نحو 20 في المئة من السكان، تمتعت بفترة طويلة من الهدوء من الارهاب. والشيعة يمثلون فيها في الجيش، في البرلمان وفي الحكومة، والعلاقات بينهم وبين الاغلبية السنية مستقرة اكثر بكثير من تلك التي تسود في السعودية او في البحرين. غير أن الدولة اصبحت مصدر تمويل هام للميليشيات السنة المتطرفة التي تقاتل في سوريا، بما فيها جبهة النصرة، المتفرعة عن القاعدة وتدير صراعات شديدة ضد داعش: التقدير هو أن مئات ملايين الدولارات نقلت منها الى هذه الميليشيات في السنوات الاربعة من الحرب. وهكذا وضعت الكويت نفسها في قائمة الاهداف التي سيحاول داعش ضربها.

 

          اما تونس، بالمقابل، فتعاني من هجمات ارهابية منذ الثورة التي وقعت فيها في 2011 وتشكل بؤرة لعمل بعض المنظمات المتطرفة، بما فيها فرع داعش. مئات المتطوعين التونسيين، بمن فيهم الكثير من النساء، انضموا الى داعش، بعضهم عاد الى الوطن واقام فيه خلايا ارهابية مستعدة للعمل سواء بشكل مستقل أم بالتنسيق مع القيادة في سوريا. كما ان تونس تعاني من تسلل المسلحين من ليبيا، حيث تعصف حرب اهلية ولداعش فيها موقع قوي. الحدود الفالتة، التي تسمح للمسلحين من كل تنظيم او حركة التحرر الى الدول المجاورة، تخلق مسارا شرعيا ايجابيا للمنظمات العاملة في دول شمال افريقيا وتغذي ايضا منظمات الارهاب السني.

 

          في ساحتي العمليتين، كان الهدف ضعضعة استقرار الحكم. في الكويت التطلع هو دق اسفين بين الاقلية الشيعية والاغلبية السنية للاثبات بان النظام غير قادر على منع المس بالشيعة واثارة التضامن من جانب السنة. ولكن على الاقل حسب ردود الفعل في الشبكات الاجتماعية، يبدو أنه في اعقاب العملية تعزز بالذات التضامن بين السنة والشيعة.

 

في تونس كان الهدف « فندق أمبريال » الكبير، في مدينة الشاطيء والسياحة سوسا. والنية هنا، مثلما في العملية في متحف باردو في تونس في شهر اذار الماضي، هي ضرب السياحة التي تشكل مصدر دخل مركزي للدولة – نحو 15 في المئة من الناتج المحلي الخام. وتونس هي واحدة من الدول التي صدر بحقها تحذير سفر خطير، وخسارة المداخيل من السياحة في اعقاب العمليتين الاخيرتين من شأنها ان تعيد الدولة الى الدرك الاقتصادي الذي ميزها في السنتين الاوليين بعد الثورة.

 

تحديد هذه الاهداف، في الكويت وفي تونس، يشير الى تخطيط وتفكير استراتيجيين لمنفذي العمليتين. وخلافا للهجمات في سيناء او في العراق، والتي هي جزء من حرب استنزاف طويلة المدى بين قوات النظام ومنظمات الارهاب، توجد لها هنا امكانية كامنة لهز الانظمة بوسائل بسيطة نسبيا. في الكويت وفي تونس، مثلما في فرنسا، كان هؤلاء هم منفذي عمليات افراد، بينما في سيناء وفي العراق تجري منظومات واسعة المشاركين، تعتمد على جبهة داخلية لوجستية واسعة النطاق.

 

تطرح العمليتان مرة اخرى تساؤلات على طريقة القتال الغربية ضد داعش، والتي تستند الى اعمال القصف المتواترة من الجو في العراق وفي سوريا، وهل يمكن لها أن تمنع اعمال التنظيم. ضد القاعدة لم يثبت هذا النهج نفسه حقا، حتى عندما استخدمت قوات برية وبالذات الخصومة الداخلية في التنظيم هي التي ولدت التهديد الحالي. ضد داعش مطلوب استراتيجية مختلفة، اساسها تعزيز الانظمة المحلية في صراعها ضد فروعه. غير أن في تونس، مثلما اعترف الرئيس امس، ليست قادرة على أن تواجد الارهاب وحدها، في سوريا لا يوجد نظام يمكن أو مرغوب فيه الاعتماد عليه، في العراق يتنافس الارهاب مع ارهاب الميليشيات الشيعية، اما الكويت فليست صاحبة تجربة كافية كي تتصدى لتهديدات الارهاب.