خبر كيف توصل العلم لمرحلة زراعة رأس بشري على جسم آخر؟

الساعة 08:44 م|26 يونيو 2015

فلسطين اليوم

خلال الأسابيع الماضية تداولت العديد من العناوين قصة الطبيب الإيطالي الذي يخطط لزرع رأس رجل على جسم جديد بعد عامين من الآن، ورغم أن هذا الأمر قد يبدو ضرباً من الجنون، إلّا أنه على ما يبدو سيغدو حقيقياً بحلول عام 2017، ولكن كلما نظرنا إلى تاريخ زراعة الأعضاء وجراحة العمود الفقري والتجارب التي تنطوي على زراعة رؤوس القرود، زادت لدينا الأسئلة، وأصبحت هذه العملية تبدو أكثر واقعية.

إن هذا النوع من التجارب تم إجراؤه بالفعل على الحيوانات، لهذا لا تبدو عملية زراعة الرأس على الإنسان ضرباً من الخيال، وقريباً سيقدم جراح الأعصاب (سيرجيو كانافيرو) خططه ضمن مؤتمر جراحي، وإذا ما نجح في الاستمرار بخطته، ستصبح  زراعة الرأس حدثاً رائعاً، ولكن حتى وإن فشلت الخطة، فهل حقاً نرغب كجنس بشري أن نخطو ضمن هذا الطريق أصلاً؟ وما الذي يمكن أن نستفيده من هذه التجارب؟

هذا النوع من التجارب يمكن أن يجعل الأشخاص يضعون رؤوسهم على أجساد غيرهم، ولكنه من جهة ثانية قد ينقذ حياة بعض الأشخاص الذين كانوا يحتضرون نتيجة لإصابتهم بمرض عضال، أو قد يعيد الحياة لشكلها الطبيعي بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الشلل.

الرأس الذي سيتم إجراء العملية له يعود لـ(فاليري سبيريدونوف)، وهو مبرمج كمبيوتر روسي يبلغ من العمر 30 عاماً، حيث تقدم في نيسان الماضي كمتطوع لإجراء هذه العملية، أما الجسم فيعود لمتبرع متوفي دماغياً، والجدير بالذكر أن (سبيريدونوف) يعاني من مرض فيردنغ هوفمان، وهي حالة وراثية تنكسية تؤثر على الأعصاب والعضلات، وهو لم يخط خطوة واحدة منذ أن كان عمره سنة واحدة، وذلك وفقاً لمقابلة أجراها (سبيريدونوف) مع مجلة (Motherboard).

تشمل التحديات الذي تواجهه الدكتور (كانافيرو) الحفاظ على دماغ (سبيريدونوف) على قيد الحياة أثناء نقل الرأس، ووصل جميع أطراف النخاع الشوكي، وجعل جميع الأجزاء تعمل معاً، ومنع الجسم من رفض الرأس، وطبعاً هذه التحديات على سبيل المثال لا الحصر.

هناك الكثير من الأسئلة الرائعة التي لا بد من أن نجد لها إجابات قبل البدء بإجراء العملية، ولكن أولاً، دعونا ننظر في التاريخ، ودعونا نرى هل تم سابقاً إجراء عملية زرع لرأس يمكن أن تعتبر ناجحة على أي من الحيوانات الأخرى؟ إليكم هنا بعض العمليات المشابهة التي تم إجراؤها في السابق.

في عام 1908: قام (تشارلز غوثري) بإجراء عملية زراعة لرأس كلب ووضعه على رقبة كلب آخر، ومن ثم قام بربط الشرايين بحيث يتدفق الدم أولاً إلى الرأس المقطوع، ومن ثم إلى الرأس الأساسي، ولكن بقاء الرأس دون تدفق للدم لمدة 20 دقيقة، جعله لا يستعيد سوى الحد الأدنى من الحركة فقط.

في حوالي عام 1950: قام (فلاديمير ديميكهوف) وهو طبيب بارع بزراعة القلب والرئتين بإجراء العديد من التجارب لإنتاج كلاب برأسين، حيث أنه قام بوضع القسم الأعلى من كلب صغير على كتف كلب آخر، وبذلك قام بخلق كلب برأسين يستطيع كل منهما التحرك والرؤية وحتى شرب المياه، ولكن بدون استخدام أي دواء لمنع رفض الرأس من قبل النظام المناعي، لم تعش هذه الكلاب سوى لبضعة أيام فقط، ولكن يقال أن أحدها صمد لمدة 29 يوم.

في عام 1965: أجرى (روبرت وايت) من مستشفى كليفلاند متروبوليتان العام زراعة لستة أدمغة تعود لكلاب في أجسام كلاب أخرى، ليتبين بأن الأدمغة يمكن أن تبقى على قيد الحياة في جسم آخر، حيث أظهرت الأدمغة نشاطاً دماغياً من خلال الاستفادة من الأوكسجين والجلوكوز.

في عام 1970: قام (روبرت وايت) بإجراء أول عملية لزرع رأس يعود لقرد هندي صغير على جسد قرد آخر، وعلى الرغم من أن القرد كان قادراً على الرؤية والسمع والتذوق، ولكن (وايت) لم يحاول أن يربط الحبل الشوكي مما جعل القرد يعيش لمدة أيام بعد الجراحة فقط.

في عام 2002: قام علماء من اليابان بوصل رؤوس فئران حديثة الولادة إلى أفخاذ فئران بالغين، لاختبار تأثير تبريد الدماغ على منع تلف الدماغ وفقدان الأوكسجين، وكانت النتيجة أن الأدمغة الشابة واصلت تطورها لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن تتوقف عن العمل.

في عام 2013: اقترح (كانافيرو) زرع رأس إنسان، حيث أنه أعلن في مؤتمر جراحة الأعصاب الدولية أنه يضع الخطوط العريضة لإجراءات تنطوي على إجراء قطع نظيف على الحبل الشوكي للحد من الأضرار واستخدام غليكول البولي ايثيلين (PEG) لصهر أطراف الحبل الشوكي معاً.

في عام 2014: أشار (شياو بينغ رن) وزملاؤه من العلماء الصينيين في تقرير لهم أنهم قاموا بإجراء تجربة تتضمن استبدال رأسي إثنين من الفئران معاً، وقد أدت التجربة إلى إنتاج فأر أبيض مع رأس أسود، والعكس بالعكس، ولكن على الرغم من أن الفئران لم تعش سوى لثلاث ساعات فقط بعد إزالتها عن جهاز التنفس الاصطناعي، إلّا أن الحفاظ على الدماغ متصل بجسم المتبرع، ساعد الجسد على الاستمرار بالسيطرة على ضربات القلب والقيام بعملية التنفس بنجاح.

شباط 2015: أفصح (كانافيرو) عن تفاصيل عملية زراعة الرأس التي سيجريها في مقال افتتاحي في مجلة (Surgical Neurology International)، وفيها يقترح (كانافيرو) أنه سيقوم بتبريد جسم المتبرع والرأس للحد من تلف الخلايا جراء فقدان الأوكسجين، ودمج أطراف الحبل الشوكي في عملية تسمى (GEMINI)، وهي عملية تستخدم غليكول البولي ايثيلين (PEG) والتحفيز الكهربائي، وقد تم إثبات تعزيزها لشفاء الحبل الشوكي في دراسات أخرى.