خبر محقون ولكن ليسوا حكماء- يديعوت

الساعة 10:27 ص|24 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: غيورا ايلند

(المضمون: بدلا من التكرار بان تقرير الامم المتحدة سياسي ومتحيز ولاسامي، من الافضل مهاجمة نقاط ضعفه الجوهرية. فهذا تقرير ضحل وغير مهني، وليس صعبا اثبات ذلك - المصدر).

تهاجم اسرائيل عن حق استنتاجات لجنة الفحص من الامم المتحدة لحملة « الجرف الصامد ». ولكن لا يكفي أن يكون المرء محقا. ينبغي ايضا أن يتصرف بحكمة اكبر.

يمكن ان نتفهم تذمرنا من أن الامم المتحدة تتعامل معنا، نحن الدولة سليمة النظام، بذات المقياس الذي تتعاطى به مع منظمة ارهاب مثل حماس. غير أن الشعور بالاهانة في هذه الحالة هو نهج مغلوط. الامر السليم هو بالذات المطالبة بمقاييس متساوية. فغزة هي منذ زمن بعيد دولة بحكم الامر الواقع. لديها كل مزايا الدولة: ارض محددة، حكم مركزي، سياسة خارجية مستقلة وبالطبع – جيش. يفهم العالم بان لمنظمات الارهاب مثل القاعدة، داعش وامثالهما توجد معايير ضحلة. واذا ما تعاطوا ما حماس كمنظمة ارهابية فانهم لن يتوقعوا منها شيئا ولن يمارسوا عليها أي ضغط. من الافضل ان يتعاطوا مع غزة كدولة ويطالبوها بمسؤوليات الدول. والتشبيه بين اسرائيل وحماس هو أمر مرغوب فيه سيبرز بالذات مقاييسنا كدولة قانون مقارنة بدولة غزة التي يعدم فيها الحكم في الشوارع عشرات الاشخاص بلا محاكمة.

 

التقرير المضاد الذي اعدته دولة اسرائيل ونشرته لا يساهم في شيء ويلحق الضرر فقط. وبطبيعة الاحوال، فانه مليء بالثناء على الذات وبالتالي لا يحظى بالمصداقية في نظر العالم، حتى وان كانت الحقائق فيه صحيحة. لقد كان من الصحيح (ولا يزال صحيح) انتظار التقرير الرسمي الذي يفترض أن تنشره مجموعة من كبار الجنرالات من دول اوروبا، الولايات المتحدة واستراليا ممن زاروا البلاد مؤخرا وحققوا بانفسهم في « الجرف الصامد ». وخلافا للشائعات، فانهم لم ينشروا بعد أي شيء بشكل رسمي. من الافضل دوما ان « يمدحك الاخر وليس لسانك ».

 

بدلا من التكرار بان تقرير الامم المتحدة سياسي ومتحيز ولاسامي، من الافضل مهاجمة نقاط ضعفه الجوهرية. فهذا تقرير ضحل وغير مهني، وليس صعبا اثبات ذلك. فقد كتب فيه مثلا بان اسرائيل استخدمت قوة مبالغ فيها، أو قتل الكثير من المدنيين. والسؤال المطلوب: « مبالغ فيه » او « كثير »، مقارنة بماذا؟ كُتّاب التقرير مثل كُتّاب تقرير غولدستون قبلهم لم يكلفوا انفسهم عناء فحص حملات قامت بها دول اخرى في مناطق كثيفة السكان. والنسبة المتوسطة بين القتلى المدنيين والمقاتلين في حملات الحلفاء في العراق كانت تقريبا 1:5 (5 اضعاف اكثر من المدنيين). في « الجرف الصامد » كانت النسبة بالتقريب 1:1. كل جهة مهنية وموضوعية كان ينبغي لها أن تمتدح اسرائيل.

 

لقد اكتفى كُتّاب التقرير بوصف النتائج (قتلى، دمار المباني وما شابه) وتجاهلوا تماما بضعة معايير قادرة على شرح النتائج. الاول هو الظروف والملابسات (وعلى رأس ذلك عدد السكان، الاكتظاظ وما شابه). والثاني هو قوة العدو. واضح أنه كلما كان العدو اقوى – مقاتلين أكثر، سلاح أكثر ضد الدبابات وصواريخ اكثر، الى جانب شبكة الانفاق للقتال والارهاب – هكذا مطلوب استخدام قوة اكبر لتحقيق النتيجة المرغوب فيها. وبالضرورة سيكون عندها مصابين ودمار اكثر. كل مقارنة مهنية غايتها الفحص اذا كانت استخدمت قوة مبالغ فيها أو متوازنة يجب بالتالي أن تزن قوة العدو كي تحصل على النتائج العادية (أي: « مقارنة التفاح بالتفاح ») . هذا لم يتم. المعيار الثالث هو الرمز الاخلاقي لسلوك العدو. عندما يعمل العدو عن عمد من داخل المدارس والمستشفيات، بينما يستخدم مواطنيه كدرع بشري ويمنعهم من ترك الاماكن المتعرضة للتهديد، فالنتيجة هي عدد اكبر من المدنيين القتلى.

 

لقد تجاهل كُتّاب التقرير كل مقياس عسكري مهني يسمح بمقارنة « الجرف الصامد » باحداث اخرى وكتبوا استنتاجات لا تستند الى شيء.

 

نحن نفضل استخدام التفسيرات التي تقنعنا أنفسنا اساسا، وبموجبها مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة هو هيئة لا اسرائيلية. هذه الحقيقة بحد ذاتها صحيحة. ولكن يجب ان يكون الاستنتاج اللازم كنتيجة لدحض مهني لمضمون التقرير وليس الحجة نفسها. الامر يستلزم منا أن نعمل مع جهات موضوعية نسبيا، مثل المؤسسة الامنية في الدول الغربية او الكونغرس الامريكي. هذا عمل اصعب، ولكنه ضروري.