خبر أزمة التصاريح الفلسطينية: السلطة رفضت « التدقيق » الأمني « الإسرائيلي »

الساعة 08:57 ص|20 يونيو 2015

فلسطين اليوم

لم يدم رفض مكاتب الشؤون المدنية الفلسطينية استقبال طلبات تصاريح المواطنين الفلسطينيين للذهاب إلى القدس للصلاة، والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، أكثر من يوم، حتى عادت هذه المكاتب لتستأنف عملها ظهر الخميس، وتستقبل طلبات المواطنين.

وأكدت مصادر مطلعة في الشؤون المدنية لـ « العربي الجديد »، أن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير المكتوب، الذي وصل إلى الشؤون المدنية يوم الأربعاء، بالتوقف عن استقبال طلبات تصاريح المواطنين، لم يكن سببه اقتصادياً بل أمني.

وأوضحت المصادر أن « سلطات الاحتلال حدّدت 550 حافلة ستخرج من المدن والبلدات الفلسطينية مباشرة إلى باب العمود في المدينة المقدسة، لكن بشرط أن يقوم الأمن الفلسطيني بالتحقق أمنياً من أن ركاب الحافلات من المصلين تنطبق عليهم المعايير الإسرائيلية الأمنية، ومن لا يملك التصاريح سيغادر الباص بأمر من رجل الأمن الفلسطيني، لكن عباس رفض تطبيق هذا الشرط، وعلّق عمل وزارة الشؤون المدنية باستقبال التصاريح يوم الأربعاء الماضي ».

وقالت المصادر إن رد عباس كان حاسماً: « لن نوقف باصاً فلسطينياً أو مواطناً فلسطينياً حسب الرؤية والشروط الإسرائيلية ». ووفق المصادر، فإن الترتيبات كانت بوجود حاجز أمن فلسطيني رئيسي قبل حاجز قلنديا الذي يفصل مدينة القدس عن وسط الضفة الغربية، ويعتبر نقطة الوصول إلى مدينة القدس لمعظم سكان الضفة الغربية المحتلة، فضلاً عن وجود حواجز أمن فلسطينية عند مداخل المدن الرئيسية للقيام بعملية التدقيق الأمني، التي تم رفضها.

وفي اليوم التالي لوقف السلطة استقبال التصاريح من المواطنين، ردت الإدارة المدنية الإسرائيلية على القرار الفلسطيني، عبر تسريبات تناقلها الشارع الفلسطيني بصورة كبيرة، مفادها أن الإدارة المدنية الإسرائيلية ستسمح للفلسطينيين بدخول القدس والأراضي المحتلة عام 1948، من دون تصريح مكتفية فقط ببطاقة الهوية، بشرط ألا يكون الفلسطيني مصنفاً على أنه « ممنوع أمنياً ». والتصنيف الأخير يحظر على أي فلسطيني الحصول على تصريح للقدس أو الأراضي المحتلة عام 1948 بغض النظر عن الأسباب إن كانت للعلاج أو الصلاة أو التسوق.

وينظر الاحتلال إلى « الممنوع أمنياً » على أنه خطر يتهدد « دولة إسرائيل »، وعادة ما يتم تصنيف عائلات الأسرى من الدرجة الأولى والثانية، والشهداء، والأسرى المحررين، والنشطاء السياسيين، على أنهم ممنوعون أمنياً.

وكانت حكومة الاحتلال قد أعلنت عن تسهيلات غير مسبوقة للفلسطينيين منذ عام 2000، تسمح بالصلاة للرجال بالعقد الرابع من عمرهم من دون تصريح، وللنساء أيضاً، في خطوة رأت أوساط سياسية أن « إسرائيل تحاول من خلالها إضعاف السلطة الفلسطينية، وإظهارها بصورة السلطة الشكلية ».

في صباح اليوم التالي، ولمنع مكاتب الشؤون المدنية الفلسطينية من استقبال التصاريح من المواطنين، توجّه المئات منهم إلى مكاتب الإدارة المدنية الإسرائيلية مباشرة، للحصول على تصاريح، في صورة عكست مقدار هشاشة قرار المنع، إذ توجّه المواطنون مباشرة لمكاتب الإدارة المدنية الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية، ليستصدروا التصاريح مباشرة من دون الحاجة للمرور عبر مكاتب الشؤون المدنية الفلسطينية التي تلعب دور الوساطة في هذا الشأن ليس أكثر.

وقالت مصادر من الشؤون المدنية الفلسطينية: « إسرائيل لم تضع أي سقف محدد لعدد التصاريح، ومن الممكن أن يصل عدد من سيدخلون خلال شهر رمضان، إلى 750 ألف فلسطيني ».

ورأى أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة بيرزيت جورج جقمان، أن « إسرائيل تقدّم دائماً بعض التسهيلات المحدودة بمناسبة رمضان والأعياد على مر سنوات الاحتلال، لكن أخيراً زادت هذه التسهيلات بشكل كبير جداً وغير مسبوق »، مشيراً إلى أن « هذه التسهيلات تأتي بإيعاز من الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيين حتى لا ينفجر الوضع، ضمن سياسة التهدئة على الأقل حتى يتم رؤية ما سيحدث في الربع الأخير من العام الحالي، لا سيما في ظل عدم وجود مسار سياسي أو حل ».

واعتبر جقمان « أن ذهاب المواطنين مباشرة إلى مكاتب الإدارة المدنية الإسرائيلية يضعف السلطة الفلسطينية، وهو بمعنى آخر يعني العودة للتعامل مع الاحتلال بشكل مباشر، وإذا كان هناك تحفظ لكثير منهم أن السلطة وكيل أمني، فإن المواطنين بذلك قاموا بأخذ هذا الجزء من الوكالة، فيما هناك الكثير من الفلسطينيين يتمنون أن تأخذ إسرائيل كل ما تبقى من هذه الوكالة الأمنية ».

ولفت إلى أن « الذهاب مباشرة إلى مكاتب الإدارة المدنية الإسرائيلية يعني أن المواطنين لديهم حاجات يجب أن تُلبى من علاج وصلاة وغيرها، وأنهم وصلوا لقناعة أن السلطة غير قادرة على حلها، وربما تصلح أن تكون هذه السلطة مثل إدارة بلدية كبرى ليس أكثر أي إدارة شؤون السكان من دون سيادة ».

وتثير خطوة التصاريح المباشرة حفيظة التجار والغرف التجارية الفلسطينية، الذين رفعوا أصواتهم منتقدين وجود التصاريح، ما يعني أنهم سيخسرون موسم التسوق في رمضان. ويعمد جزء كبير من هؤلاء التجار إلى الحصول على تصاريحهم عبر الشؤون المدنية الإسرائيلية مباشرة، ويرفضون الانصياع لأوامر بعض الغرف التجارية التي ترفض ذلك، لذلك وجد التجار وتحديداً تجار الملابس، أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، لأن جزءاً كبيراً من أرباحهم يأتي عبر حصار الضفة الغربية المحتلة وعدم السماح لمواطنيها بالتنقل والتسّوق خارج السوق الفلسطينية.

وبالتوازي تنشط حملات ومبادرات شبابية تحذر من التسوق في الأسواق الإسرائيلية وتوفر للمتسوقين الفلسطينيين عناوين عربية للتسوق فيها سواء في القدس أو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.