خبر الاجحاف بحق العرب في تمويل الانشطة الثقافية -هآرتس

الساعة 09:08 ص|15 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جاكي خوري

          (المضمون: لا توجد متاحف ولا يوجد دعم من هيئة الثقافة. وحسب الدعوى المقدمة لمحكمة العدل العليا فان 3 بالمئة فقط من ميزانية وزارة الثقافة تذهب للمواطنين العرب - المصدر).

       يعاني الجمهور العربي في اسرائيل من نقص خطير في الميزانيات المتصلة بالثقافة، هذا ما اظهره تقرير حول الحاجات الثقافية للمجتمع العربي، الذي أُعد بناء على وزارة الثقافة – باعقاب دعوى قدمت لمحكمة العدل العليا.

          اظهر التقرير انه ببعض القرى العربية لا توجد اية انشطة ثقافية وفي البعض الاخر الانشطة قليلة جدا. وكان من المفترض ان تقدم الوزارة التقرير للمحكمة ولكن ممثلي الوزارية يؤجلون  ذلك مرة تلو الاخرى رغم أن التقرير انجز قبل عام.

          التقرير هو نتيجة للدعوى التي قدمها مركز « مساواة » ولجنة رؤساء السلطات العربية – عن طريق المحامين سامح عراقي، جواد قاسم وعامي هولندر – حيث قيل ان 3 في المئة فقط من ميزانية الثقافة باسرائيل والتي تبلغ 660 مليون شيكل، تصل لمنظمات الثقافة العربية. وباعقب ذلك أمرت المحكمة في كانون اول 2013 بوضع خريطة للحاجات الثقافية بالمجتمع العربي « خلال ستة اشهر » واضافت المحكمة « ان المدعين يستطيعون الرد على هذا التقرير خلال 30 يوم من استلامه » ولم تكن هذه المرة الاولى التي يطلب فيها من الوزارة تقديم المعطيات.

منذ العام 2008 وقف مراقب الدولة على ذلك، الا ان الوزارة تملصت مرة وراء الاخرى الى أن جاء قرار المحكمة. وقد أُنجز التقرير لكن الوزارة تماطل في نشره.

لقد حصل محامو مركز « مساواة » على نسخة من التقرير في شهر نيسان. والمعطيات التي يظهرها الاستطلاع – الذي فحص 53 قرية عربية والتابعة لـ 43 سلطة محلية وكذلك ستة مدن مختلطة و 19 جمعية – تكشف عن فجوات كبيرة في الخدمات الثقافية والدعم الذي يعطى للسكان العرب قياسا بالسكان اليهود.

التقرير – الذي استطلع 874.931 من السكان والذين يشكلون 51.5 في المئة من جموع السكان العرب في اسرائيل – اظهر انه لا توجد في اية قرية عربية مدرسة للفنون، متحف أو سينماتيك. في الناصرة توجد قاعة تدعى سينماتيك لكنها بمبادرة خاصة وغير مدعومة من قبل الدولة. عموما، في ستة قرى عربية فقط توجد نشاطات سينمائية، لكنها تتم في الاطار الجماهيري فقط.

تبين أيضا انه بـ 92 في المئة من القرى لا يوجد دعم من قبل المركز الثقافية للفنانين المنتجين، في 83 في المئة من القرى لا توجد أنشطة نشيد وعزف، في 80 في المئة لا توجد سلة ثقافية للانشطة، في 32 في المئة لا توجد مكتبات عامة، وفي 50 في المئة لا تحدث عروض ومهرجانات وانشطة اطفال. وفي جميع القرى العربية لا يوجد مقر واحد يلائم المعايير الجديدة.

فقط 19 في المئة من القرى حصلت على ميزانية لعمل انشطة ثقافية. وعند النظر الى القرى المختلطة فان الصورة ليست افضل: في حيفا مثلا توجد ميزانية مليون شيكل في العام مخصصة لنشاط احتفالي معين – « عيد الاعياد » وبالمقابل فلا توجد ميزانية للانشطة المختلفة للمواطنين العرب  من قبل وزارة الثقافة. في معظم القرى المختلطة لا يوجد دعم للجمعيات العربية التي تعمل في مجال الثقافة.

تصريحات وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت ووزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغف ضد مسرح الميناء والميدان في الاسبوع الماضي وادانة نورمان عيسى – في نظر الجمهور على الاقل - لرفضه الظهور وراء الخط الاخضر، لم تفاجيء الكثيرين في المجتمع العربي. تهديدات الوزيرة ريغف بعدم تقديم الميزانية السنوية للمسرح كان من توقعها مسبقا. وتطبيق هذه الأقوال قد يهدد العمل الثقافي المتبقي للمجتمع العربي.

          « لا يوجد في الناصرة مجمع ثقافي، وأموالنا تستثمر في المجمع الثقافي لمستوطنة اريئيل »، قال مدير مركز « مساواة »، جعفر فرج. « من المخجل أن أقلية قومية ولغوية تشكل خُمس مواطني الدولة، تحصل على 3 بالمئة فقط من ميزانية الثقافة التي لا تتجاوز الـ 16 مليون شيكل. وأضف الى ذلك التدخل السياسي في العمل الثقافي ». الفراغ الموجود، حسب اقواله، « تملؤه جهات اجنبية مثل الاتحاد الاوروبي، قطر، أبو ظبي وجهات فلسطينية تساهم في النشاط الثقافي العربي، أكثر مما تفعل وزارة الثقافة ».

          فرج على قناعة أن « اغلاق المسرح من قبل الوزيرة ريغف واصدقاءها لن يضيف لها حتى ولو صوت واحد. لقد طلبت فرصة وها نحن نرى النتيجة. يتناقش كل من بينيت وريغف مع ايلي يشاي وليمور لفنات وباروخ مارزيل ». ويضيف: « كُتاب مثل سميح القاسم، سلمان ناطور وتوفيق زياد، قد نشأوا وترعرعوا على التمييز ».

          في شهر نيسان، مع تلقي التقرير، توجه مركز « مساواة » الى المحكمة وطلب تقديم النقاش في الدعوى واصدار قرار حكم نهائي يلزم وزارة الثقافة باعطاء ميزانيات متساوية للثقافة العربية.

          في بلاغ قدمته المحامية نيتع أورين لمحكمة العدل العليا في 26 أيار جاء أن التقرير نُقل لادارة الوزارة في 3 أيار الماضي. وأضافت أورين أنه في 14 أيار تم تعيين وزيرة جديدة للثقافة والرياضة، ومن واجبها دراسة كافة مجالات عمل الوزارة بما في ذلك الموضوع المتعلق بالدعوى. وأن التقرير واسع ومتشعب ويتناول موضوع عام وحساس. وهذا يتوجب التدقيق والعمل من خلال طاقم ودراسته جيدا.

          في الجلسة التي عقدت في 28 أيار لم تخف القاضية مريم ناؤور استياءها وكتبت في قرارها: « كان يجدر بالدولة أن تطلب رد ممثلي المدعين، وهكذا يجب العمل في المرات القادمة ».

          هناك الآن تيار من الفنانين في المجتمع العربي لا يرى نفسه جزءً من الصراع على ميزانية الدولة. بعض من تحدثت معهم صحيفة « هآرتس » قالوا إن التصريحات الاخيرة لريغف ما هي إلا جزءً من عملية متواصلة للقمع السياسي الموجه لثقافتهم، والذي يظهر بوضوح في محاولة كم الأفواه ومنع أي نشاط يشمل انتقاد المؤسسة أو لا يتناسب مع الرواية الاسرائيلية. يوجد اليوم الكثير من الفنانين والكُتاب الذين لا يطالبون ولا يتوجهون أصلا للحصول على الدعم من وزارة الثقافة.

          الكاتب سلمان ناطور قال لصحيفة « هآرتس »: « إن الـ 3 بالمئة التي يحصل عليها المجتمع العربي هي أقل من الميزانية التي يحصل عليها مسرح واحد في اسرائيل، لذلك فان الحديث هو عن فتات ».

          ومع ذلك، يقول ناطور « لن نتنازل عن حقنا في الحصول على الميزانيات كوننا مواطنين في الدولة وندفع الضرائب. من المفروض أن نحصل على الحقوق الأساسية ».

          ويقول ناطور إنه حينما أقيمت الهيئة الثقافية العربية في عام 1988، تم تخصيص ميزانيات ضئيلة – ولم توزع « حسب معايير مهنية، وهذا لم يساعد الثقافة العربية لأن الاموال كانت تعطى احيانا لجهات غير مهنية وغير نوعية ».

          ما يقوم به الآن، حسب رأيه، الوزراء بينيت وريغف، لا يناسب الانظمة الديمقراطية، وهذه الخطوة تفتح الباب للتوجه الى آفاق اخرى عربية ودولية.

صحيح أن المغنية أمل مرقص لم تتلق الدعم أبدا من وزارة الثقافة. حسب قولها فانها مستبعدة عن كل أنشطة السلة الثقافية. واضافة الى ذلك فان الأجواء العامة تجاه الجمهور العربي تؤثر ايضا في اماكن اخرى – شركات الاسطوانات الاسرائيلية لا توافق على انتاج الموسيقى العربية لفنانين عرب اسرائيليين بزعم أنه لا توجد لها سوق والمضمون لا يلائم الاجماع. « بسبب حلمي بالمساهمة في خلق الموسيقى الفلسطينية فقد اخترت أن أكون مستقلة. هذا حل ليس بسيطا لحياتي المركبة كفنانة هي جزء من الأقلية الفلسطينية في اسرائيل ».

          ردت وزارة الثقافة والرياضة بأنها « تنظر بأهمية الى العمل الثقافي لجميع مواطني اسرائيل، ويشمل ذلك عرب اسرائيل، كمنتجي ثقافة أو مستهلكي ثقافة، من اجل خلق ثقافة نوعية باللغة العربية. اختبارات الدعم التي تتم بناءً عليها الميزانيات موجهة لرعاية الثقافة لجميع مواطني اسرائيل، بما في ذلك الوسط العربي »، وأن « الوزارة لا تمول المجمعات الثقافية، بل السلطات المحلية هي التي تمولها. واذا كان لا يوجد في الناصرة مجمع ثقافي فيجب التوجه الى بلدية الناصرة ».

          حول ادعاء تدخل وزارة الثقافة في المضمون قيل إنه حسب السياسات ليس هناك أي تدخل في المضمون وفي حرية الانتاج الثقافي، وفي حالات استثنائية تهدف الى سلب الشرعية وتسويد وجه دولة اسرائيل، فان الوزارة تفحص موضوع الدعم المادي. كل حادث يتم فحصه على حدة، والوزارة تهتم بالحفاظ على حرية التعبير والابداع الى جانب الحفاظ على أمن الدولة.

          « يشار ايضا الى أن الدعوى التي قدمها مركز »مساواة« من اجل المساواة في الميزانيات الثقافية، يتم النقاش فيها في هذه الاثناء في محكمة العدل العليا. وفي اطارها عملت الوزارة مع مركز »مساواة« على اجراء استطلاع حول الاحتياجات الثقافية العربية. وتنوي الوزارة دراسة نتائج الاستطلاع من اجل تحسين وضع ومكانة الثقافة العربية ».