خبر عشت « أنت » ولا تكن « غيرك » !! ..بقلم/ شمس شناعة

الساعة 08:54 ص|15 يونيو 2015

صحفي من غزة

لطالما تساءلت على مدى السنوات الثماني الماضية عن جدوى الانقسام وجدوى استمراره وكيفية إنهائه وسبل عدم العودة إليه تارة أخرى، ولطالما شعرت بالكثير من الخزي والعار والنفور عندما كنت أستمع إلى زملاء عرب وأجانب يستغربون الحال الذي وصلت له قضيتنا، ومدى حاجتنا إلى جرح جديد غائر ينخر في الجسد الفلسطيني، وكان موقفي على الدوام أن المسألة ليست كما يتصور البعض أنها ذات طابع حزبي، أو أن الانقسام سببه طرفان أساسيان، أو أن فريقاً من هذا الطرف وفريقاً من ذاك كان لهما دورهما الأكثر تأثيراً في إحداث هذا الانقسام الذي أدمى قلوب الفلسطينيين ومحبيهم عبر العالم لسنوات مضت، والسؤال الذي قد يتبادر للأذهان هو: من السبب إذن؟!!

 المسألة في تقديرينا تعود إلى نمط من أنماط التربية فرضته ماكنة النكبة المتجذرة فينا، هذه النكبة التي تركت الواحد منا يهيم على وجهه في أصقاع الأرض بحثاً عن ملاذ آمن، ومحاولات لا تتوقف عن تأمين القوت، والبحث عن إيواء آمن، نحن أكثر شعوب العالم خبرة في توفير الإيواء، وأكثرها خبرة في تدبير لوازم البقاء على قيد الحياة من لا شيء، وهنا تولدت عقدة الإنجاز المبني على الوهم، هي في النهاية خيمة وبعض زاد فاض عن حاجة غيرنا، وتولدت معها نزعات انتهازية، سببها الوقوف طويلاً خلف طابور استلام « المؤن » والفرحة التي كانت تعترينا عند وصول « السرة » التي تحمل ملابس بالية لم تعد تلزم أصحابها في شتى بقاع الأرض، الذي ولّد انقسامنا أننا رأينا قافلة إغاثة تشبه من بعيد قوافل الخير التي تحملها شاحنات وكالة غوث اللاجئين فنهضنا لها بسلاحنا، ثم بعد أن وقع الدم وجدنا أن الجنازة كبيرة والميت فأر، فلا هي قافلة ولا هي تغيث، بالكاد سدت رمق البعض ثم ذهبنا نبحث من جديد عن ملجأ آخر يحمل معه الماء والكلأ على طريقة عرب الجاهلية قبل الإسلام.

أعجبن بعضنا كثيراً بمنطق الفتوحات التي يمكن تحقيقها باستلاب غنيمة، سيارة أو منزل أو بعض الأثاث، لكنه في زحمة اهتماماته الشخصية أضاع وطناً، وبعضنا من لهفته على التسريع في جمع ثروة تحول من مهني حر يملك قراره إلى مندوب يكتب التقارير ويقرأها أي شخص أو أي جهة أو أي جهاز، المهم أن يحقق الذات السليبة، إنها باختصار ثقافة وعقلية العبيد الذين مهما وضعنا بين أيديهم من مقدرات، هم في النهاية مجرد عبيد، من يدفع قيمتهم في سوق النخاسة يشتريهم، وإن اشتراهم كانوا له عبيداً وطوع اليد على مدى العمر، ولا مجال لاسترداد إنسانيتهم إلا باسترداد حريتهم، ولا مناص من التخلص من الانقسام إلا باستعادة حرية الشعب، ولا حرية دون قتال، ولا سؤدد إلا بتغليب مصالح الكل على الأنا، وانتصار ذاتك على مكنونات العبودية في داخلك، يومها سنقول أن الشعب حرر نفسه من العبودية ومن ثم وجد سبيله إلى الاستقلال عبر إنهاء حقبة الانقسام، وغير ذلك سنظل نطبل لساسة ونقابيين ومهنيين يلوكون الكلام ويتبجحون بالشعارات وفي داخلهم وفي قناعاتهم أنهم ليسوا أكثر من مجرد أدوات، صحيح أن مظهرها يخدع وأموالها كثيرة لكنهم لم يبرحوا مربع العبودية بعد ... كونوا أحراراً يا بنو شعبي ينتهي انقسامكم اليوم قبل الغد.