خبر أطفال الشاطيء- هآرتس

الساعة 10:26 ص|14 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

هذا وصف لشاهد عيان. مراسل « الغارديان » في اسرائيل، بيتر بومونت، الذي جلس في ذلك اليوم بعد الظهر على شرفة فندق الصحفيين « الديرة » في غزة، وشاهد ما يحدث: « بعد أن بدأ الدخان يتلاشى أصبح بالامكان مشاهدة أربعة أجسام صغيرة تركض وأقدامها تتعثر على طول الجدار. على بعد 200 متر ومن خلف الدخان كان واضحا أنهم اطفال. وقد لوحوا بأيديهم وصرخوا باتجاه الصحفيين الذين شاهدوهم. ومروا من أمام الخيام الملونة على الشاطيء التي تظلل أيام الهدوء على المستجمين. عندها سقطت القذيفة الثانية، ومن أطلقها صوب النار على ما يبدو باتجاه من بقي على قيد الحياة. الصحفون وقفوا على الجدار وصرخوا: هم مجرد أولاد. لقد حاولوا الهرب وتجاوز المسافة الصغيرة بين الشاطيء والمكان الآمن في الفندق. وخلال 40 ثانية أصبح الاولاد الذين لعبوا الاستغماية بين قوارب الصيادين – أمواتا ».

 

          لقد كانوا اولاد بين 9 – 11 سنة. اسماعيل وعاهد، زكريا ومحمد، جميعهم من عائلة بكر. وأضيف اليهم 3 آخرون أصيبوا اصابة بالغة، و2 منهم كانوا أولاد. كانت أعمار الاولاد  أقل من أعمار الفتيان اليهود الثلاثة، طلاب المعهد الديني، الذين قتلوا في الضفة، والذين بسببهم خرجت اسرائيل الى الحرب ضد غزة. كانوا اربعة صيادين صغار يلبسون السراويل القصيرة، وظهروا أصغر من عمرهم. في الجنازة لم تستطع والدة زكريا تقبيل وجه ابنها: لأنه كان مشوها.

 

          المتحدث الاخلاقي باسم الجيش أبدى أسفه، واتهم حماس بقتل الاولاد بواسطة « استخدامهم ». فحماس هي التي أرسلتهم ليلعبوا على الشاطيء، والطيار الذي ضغط على الزر – يبدو أن الاطلاق كان من الجو – غير مسؤول عن هذا الامر.

 

          مرت خمسة أشهر، وأمر النائب العسكري العام بفتح تحقيق جنائي. جيش القانون أو ليس جيش القانون. « يوجد اشتباه معقول بأن الاطلاق لم يتم حسب الشروط المتبعة في الجيش ». ما هي الشروط؟ يصعب معرفة ذلك الآن. ما هو واضح أنها تشمل قتل الاولاد هذا. مر نصف عام آخر وتبين أن قتل الاولاد تم حسب الشروط والتوجيهات لدى الجيش لدرجة لا تستوجب محاكمة أحد. ولو محاكمة انضباطية، بل لا يوجد اهمال. كل شيء كان حسب الاصول. هكذا يجب أن يتصرف الجيش الاسرائيلي في المستقبل ايضا. بكلمات اخرى: كل التحية للجيش الاسرائيلي، كل التحية لقاتلي هؤلاء الاولاد. فقد تصرفوا كما هو مطلوب منهم تماما. هم فخر الشعب.

 

          كان يفترض أن يطلب الجيش اجراء تحقيق بالذات في هذه الحالة التي كان لها صدى دولي وتسببت بضرر كبير لاسرائيل. وكان يفترض أن تثبت اسرائيل من خلال ذلك أنه لا حاجة الى لاهاي وغولدستون آخر. لكن يتضح أن الجيش هو الجيش: هذا التحقيق يؤدي الى حيث تؤدي كل التحقيقات في جرائم الحرب – الى سلة القمامة والتبرئة المسبقة وعدم محاكمة قاتلي الاولاد. الجيش لا يستطيع ولا يريد التحقيق مع ذاته، وليست له أي صلة بالحفاظ على القانون، باستثناء حالات أكل ساندويش غير حلال في القاعدة العسكرية أو ظهور جندي بالزي العسكري في برنامج تلفزيوني. اسرائيل التي تعرف، بأدواتها المتطورة، لون الملابس الداخلية لمن تقتلهم، تزعم أن الجيش الاسرائيلي لم يميز أنهم أولاد.

 

          احتفلت اسرائيل في الاسبوع الماضي بانجاز دعائي: من خلال الضغط، تراجع مرة اخرى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، وتنازل عن ادراجها في القائمة السوداء للدول التي تمس بالاولاد بطريقة منهجية ومتواصلة. اسرائيل تمس بالاولاد؟ ماذا دهاكم. هذا لا يشمل الـ 500 ولد الذين قتلتهم اسرائيل في الجرف الصامد، وبالطبع لا يشمل دم كل من زكريا واسماعيل، محمد وعاهد الذين قتلوا حسب الشروط، ودمهم يصرخ الآن من رمال غزة.