خبر 48 سنة من الأخطاء .. يديعوت

الساعة 08:48 ص|12 يونيو 2015

بقلم

(المضمون: على مدى 48 سنة احبطنا بنجاح كل محاولة لوسيط دولي، وزير خارجية أمريكي أو رئيس وزراء اوروبي أو أمين عام للامم المتحدة – لانقاذ هذه البلاد من سرطان السيطرة على شعب آخر وسلب الشعب الجالس هنا، المصيبتين المرتبطتين الواحدة بالاخرى كنقمة كل احتلال - المصدر).

هذا الاسبوع، قبل 48 سنة، في 13 حزيران 1967 مع انتهاء المعارك، كتب النائب موشيه سنيه مقالا في صحيفة الحزب الشيوعي الاسرائيلي الجديد، أشار فيه الى انه فور « النصر اللامع لجيش الدفاع الاسرائيلي... بدأ الجدال الداخلي في الجماهير الاسرائيلية في الهدف ».

« معركة 67 هي استمرار لحرب استقلال 48 »، كتب، « وأمام حجة »كلها لي« للعرب نحن الجانب المحق الان ايضا، ولكن »، تحفظ وهكذا قطع نفسه عن التيار المركزي الذي بدأ منذ ذلك الحين يسكر من النصر العسكري، « ينبغي أن يكون واضحا لناـ لشعب اسرائيل في الداخل، وللشعوب حولنا وللعالم، باننا عطاشى للسلام ولسنا طامعي احتلالات ».

رجل حاد النظر واللسان كان سنيه، شيوعي مع خلفية عسكرية صرفة سعى لان يشارك في ادارة البلاد وانفصل عن قائمة « ركاح » (القائمة الشيوعية الجديدة) وعن الاتحاد السوفييتي. « معاذ الله أن نظهر في المعركة السياسية كمنتصرين متعالين نسعى الى املاء شروط السلام. فكل محاولة لاملاء السلام ستفاقم العداء فقط »، حذر واقترح، « التوجه على الفور مباشرة الى الشعب الفلسطيني، الذي يوجد في غالبيته الساحقة في المناطق المحتلة، ونقول له: »للسلام نحن نأتي اليكم وليس للسيطرة والقمع. حانت لحظتكم لتحققوا حقكم في تقرير المصير« .

في ذاك الحين جلس الفتى رجا شحادة في بيت عائلته في رام الله، وأبوه، المحامي عزيز شحادة، أملى عليه خطته لاقامة حكم فلسطيني مستقل كحليف الى جانب اسرائيل. هذه خطة ستسلم الى ضابطين، كمحي وبابلي، واللذين سيسلمانها الى ليفي اشكول. رئيس الوزراء، الذي ضعف بتعيين دايان وزيرا للدفاع، تساءل بالفعل ما الذي سنفعله بكل هذا النصر. قلبه الفاعل المعتدل – العملي تنبأ بالشر، ولكن خطة شحادة رفضها خوفا من »ابو جلدة« ، خصمه موشيه دايان. وحتى عندما جاء اليه بعض الشباب للحديث ضد هدم قرية عربية، صادق اشكول على طلبهم، ولكن، كما يتذكر البروفيسور مناحيم برينكر الان ايضا، بسط رئيس الوزراء يديه جانبا، تمطى وأراهم في كرسيه كم واسع فجأة. اسرائيل من البحر حتى النهر. مخاوف أشكول، اقتراح سنيه، تحذير النبي يشعياهو ليفوفتش من الاحتلال المفسد – كل هذه ترسبت مع اقتراح شحادة، الذي سيذبح بعد سنوات في مدخل بيته من حامل سكين لن يلقى القبض عليه.

لقد وقع النصر في شباك طامعي الاحتلالات، متزمتي الدين وعاشقي القبور واصبح ثمرة مريرة وسامة.

بعد 48 سنة في عهد حكومة بيبي الرابعة، المتزمتة، فان النظام الاسرائيلي آخذ بالفعل ليشبه جدا الحكم العسكري في المناطق، بدءاً بوزيري التعليم والثقافة، بينيت وريغف، وحربهما ضد الممثل نورمان عيسى الخير، في مسرح نقدي، عبر الاسكات والرقابة، »جيب الهوية!« في الكنيست، السلب والنهب بلا مانع، الفصل بين الناس وحتى سلب مقدرات الطبيعة. يخيل وكأن رئيس الوزراء نتنياهو ايضا يسعى الى مكانة الحاكم العسكري في نابلس 1967 – قائد عسكري كلي القدرة، مسنود بكل أمر عسكري مقيد يشاء. 48 سنة تسلل الاحتلال المفسد، اجتاز الخط الاخضر كانبوب مجاري صناعي فسمم المياه الجوفية للبلاد بكاملها من البحر الى النهر.

أخطأنا

أخطأنا قبل 48 سنة. والان الكل ليس سعيدا: اليمين ومستوطنوه حققوا ثلث طموحهم وهم ينتشرون على وجه الضفة كغازٍ بلا راحة ينتشر اولاده في كل صوب، يشاغبون بشارة الثمن او يعيشون بلا أمن؛ اليسار يتوقع تجسد توقعاته السوداء عن الاحتلال ويندحر الى الزاوية في اسرائيل شبه الفاشية؛ أما الفلسطينيون، اولئك الذين يعشون بين حكم ذاتي مغزو وعيش عديم الحماية وسليب الارض. شر للجميع. حبذا لو أننا قررنا في حزيران 67: خطة سنيه – شحادة لدولة الى جانب دولة او حتى ضم نحو 6 الاف كيلو متر من الضفة واحتواء اقل من مليون من سكانها كعلاوة لنحو اثنين ونصف مليون اسرائيلي، في ظل منح حقوق المواطن الكاملة بالتدريج.

لو عملنا هكذا في حينه، لكنا إما دولة ثنائية القومية مزدهرة، مرتبطة بالعالم بتعايش معقول وبضعة احزب عربية مع نحو 50 مقعدا ونصيب هام في الحكم، أو في سيناريو شر – دولة أبرتهايد ابنة 48، على شفا تغيير كبير، مثل جنوب افريقيا مع مانديلا ودي كلارك محليين. عدم القرار جر الشر من كل العوالم: نزاع خبيث تسلل الى القبيلتين وافسدهما، والى جانبه مقاطعة دولية فاعلة كالسوط – غيروا طريقكم الشريرة والا ستختنقون. مهما يكن من أمر، مبعثرون من المستوطنين في داخل الفلسطينيين، يبقى في اسرائيل 2015 ايضا خيار ثنائية القومية فقط، طوعا أو قسرا، فكرة الدولتين قتلها اليمين نهائيا مع سبق الاصرار.

وعليه، فالمقاطعة يمكنها أن تكون مثابة علاج كيميائي أليم ولكن ضروري. فهو يعتصر القوى، له مضاعفات جانبية شديدة، ولكن لم توجد بعد طريقة افضل لانقاذ جسد يهاجم نفسه ومحيطه. لم تتحقق بعد اختراقة طبية لمعالجة بيولوجية تسمح للجسد بان يحمي نفسه بواسطة آليات المناعة لديه. على مدى 48 سنة احبطنا بنجاح كل محاولة لوسيط دولي، وزير خارجية امريكي او رئيس وزراء اوروبي او أمين عام للامم المتحدة – لانقاذ هذه البلاد من سرطان السيطرة على شعب آخر وسلب الشعب الجالس هنا، المصيبتين المرتبطتين الواحدة بالاخرى كنقمة كل احتلال.

وعليه، توجد بركة في اقامة حكومة اليمين المتطرف الضيقة هذه، التي تعرض دون رتوش الاحتلال والعنف، وامامها المقاطعة الاقتصادية كوضع حدود لشعب بلا حدود. لزمن طويل عملت اسرائيل كمراهق منفلت بلا أبوين مسؤولين وبلا جدران وتصرفت مع الاخرين ومع نفسها بكل ما يحلو لها. محق ذاك التقرير السري للمالية (الحقيقة تحشر في اسرائيل دوما في ملف سري) عن اضرار المقاطعة. ويقتبس التقرير بحوثا اكاديمية تثبت بان لصورة الدولة تأثيرا واضحا على اقتصادها. الـ »بي.دي.اس" تعزز صورة اسرائيلية سلبية لدولة ذات نزاع مستمر تمس بحقوق الانسان، مثل تلك في جنوب افريقيا في سنوات الابرتهايد. هذه الصورة، التي تعكس الواقع على نحو مخلص اكثر من أي اعلام، تقوض أسس الازدهار الذي لا يوجد دائما الا في البلدان الديمقراطية حقا. وعليه، فالمقاطعة التي تفرض الرعب على الحكومة شديدة المراس كفيلة بان تؤدي الى الصحوة التي تنقذنا من أنفسنا.