خبر العرب يرقصون -هآرتس

الساعة 09:51 ص|11 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: نحن دولة يهودية ليس فيها مكان لنورمان عيسى ولا سيد قشوع، وقد كان يجب عليهما معرفة ذلك منذ البداية - المصدر).

  لقد فعل نورمان عيسى كل شيء تقريبا كي يكون عربي جيد. فقد وُلد مسيحي (وليس مسلم مثل باقي المخربين. فالاسرائيليون يحبون العرب المسيحيين)، تعلم في بيت تسفي، تزوج من اليهودية جدعونا، طبخ « الكفتة » وأضاف عليها الرمان من اجل الانعاش في « ماستر شيف في.آي.بي »، مثّل في المسرح باللغة العبرية، وفي القناة الثانية تقمص شخصية أمجد، العربي الجيد، في « العمل العربي »، التي كتبها عربي جيد آخر، سيد قشوع، الذي يحب أن يحبه الاسرائيليون.

 لو كان لدينا المزيد من النورمانيين والسيديين لكان هناك سلام. كم نحن نحبهم، العرب، حينما يقومون باضحاكنا وبالعبرية. حمص، تشيبس، سلطة وبرامج كوميدية في التلفاز.

 

          كان ياما كان عرب جيدون، ولم يعودوا موجودين. فقد قضت اسرائيل على هذه الفئة. ولو كان هناك بطلا اسرائيليا لكان هو عيسى. لو كان هناك عربيا يصلح ليكون نموذجا للحياة المشتركة لكان هو هذا الشخص. يحاول الحفاظ على احترامه وهويته. وقد تحدث في مقابلات عن حبه لهذه البلاد وسكانها – ماذا سنطلب أكثر من ذلك.

 

          « ليس هناك شيء يستحق في رأيي أن نناضل من اجله »، قال هذا الشخص الرائع في مقابلة مع « هآرتس » قبل سنتين. صحيح أنه صوت لحزب حداش، لكنه لم يكن في أي وقت محمد بكري. ولم يكن لوسي أهاريش، بالطبع. لقد قال ذات مرة إنه يشعر بأنه « ليس هنا ولا هناك ». وحينما عانقه الجنود على الحواجز وأرادوا أخذ صورة معه، شعر بعدم الراحة.

 

          المغادر السابع لبرنامج « ماستر شيف » لم يتردد في قول ذلك. وُلد عيسى مع الاحتلال في حزيران 1967، وحاول اغماض عين واحدة. والده طرد من برعم، ولم يُسمح له بالعودة الى قريته رغم جميع الوعود – حاول عيسى أن يغفر ذلك للدولة ايضا.

 

          الآن الأمر انتهى. طريق نورمان سُدت. نهاية العرب الجيدين الغير متعاونين بتاتا. تجرأ عيسى على السير حسب ضميره وطلب من المسرح الذي يعمل فيه عدم الظهور أمام المستوطنين في غور الاردن في عرض يحمل الاسم الرمزي « انقلاب السحر على الساحر ». وهذا انقلب عليه: اسرائيل القومية داست عليه. ومثل من يتلوى اثناء الاحتضار، توسل العربي الجيد أول أمس قائلا: « لا تتوقعوا مني كعربي اسرائيلي أن أتصرف ضد ضميري والظهور في اماكن مختلفا فيها ».

 

          « اماكن مختلف فيها »، قال عيسى عن بؤرة الفصل العنصري والتطهير العرقي الأكثر وضوحا في المناطق – غور الاردن. المستوطنون الانتهازيون المتخفون في الغور يطردون الرعيان ويدمرون قراهم ويمنعون الماء والكهرباء عنهم ويحبسوهم وراء تلال من التراب. هناك في الغور تقف المستوطنة في مقابل القرية، وهناك الفصل العنصري مكشوف للجميع. هناك رفض عيسى الظهور والتمثيل. اولئك الناس الذين يعيشون في هذا الواقع والمسؤولون عن وجوده، لا يستطيع عيسى أن يُسليهم.

 

          يستحق عيسى الثناء على ذلك. فهذا ليس حقه، بل هو واجبه. لو كانت الدولة عادلة بالفعل لكان رئيس الحكومة استدعى عيسى وأثنى عليه وعلى ضميره الحي.

 

          في هذه الاثناء تقوم مجرات الثقافة بتهديد بؤبؤ عين عيسى: مسرح « الميناء » في يافا، وهو مسرح متعدد الثقافات للاولاد والشباب، يقوم هو وزوجته بادارته. والوزيرة تقوم بفحص الميزانية، في الفرن مثلما في الفرن. البقية واضحة: تم القضاء على عيسى. والشخص الذي قال إنه ليس هناك حرب تستحق أن أحارب من اجلها، سيضطر الى الخروج في معركة خاسرة.

 

          إقضِ على « ماستر شيف »، إقضِ على البث التلفزيوني، إقضِ على عروض في المسرح العبري. النظام والمتعاونين معه سيُلقنونه درسا في معنى مقاطعة المستوطنين.

 

          هذه نهاية معروفة مسبقا: نحن دولة يهودية ليس فيها مكان لعيسى ولا قشوع، وقد كان عليهما معرفة ذلك منذ البداية