خبر علامات على الطريق - خضر عدنان وثورة السجون.. يحيى رباح

الساعة 08:22 ص|10 يونيو 2015

هذه تحية من الأعماق للمناضل الفلسطيني الكبير خضر عدنان، وهو من اخوتنا في حركة الجهاد الاسلامي، الذي يقود للمرة الثانية في السنوات الثلاث او الاربع الاخيرة معركة الامعاء الخاوية داخل السجون الاسرائيلية، ضد الاحتلال الاسرائيلي, وضد مصلحة السجون الاسرائيلية وقوانينها الموغلة في العنصرية ولوائجها الموروثة عن ازمنة الاستعمار البائدة, وهذه المعركة هي في حقيقة الامر ثورة شاملة بمعنى الكلمة, ثورة السجون, وخاصة ضد الإجراء الاكثر شذوذا في سجون اسرائيل وهو الحجز الاداري, لان الحجز الاداري بمعناه العميق هو اهدار عمر انسان دون اي نوع من اي سند قانوني, بلا تهمة, ولا تحقيق, ولا حكم, مع اننا نعرف ان الاحتلال كله من اوله الى آخره هو قمة الجريمة والشذوذ.
المناضل خضر عدنان يضيف اضافة نوعية بارزة الى تاريخ الحركة الفلسطينية الاسيرة التي قلبت معادلة الاحتلال رأسا على عقب، فالاحتلال يريد ان يجعل المناضل الذي يقع في الاسر، وهو اسير حرب بكل معنى الكلمة. يتحول الى عبء على نفسه وعائلته وعلى شعبه, ولكن الحركة الفلسطينية الاسيرة تمكنت من قلب الطاولة وتغيير المعادلة وجعلت هذا الاسير قائدا مستمرا في جعل الميزان لصالح شعبه وقضيته.
واريد هنا ان انوه بقوة الوعي والصبر لدى عائلة المناضل خضر عدنان، التي اصدرت بيانا حين تسربت اخبار غير دقيقة بخصوص تدهور صحته، بانه بخير رغم ضراوة المعركة التي يخوضها, وتوجهت العائلة الى وسائل الاعلام الفلسطينية بان تكون اكثر دقة وحرصا في ما تنشره من اخبار!!
وهذه مسالة جوهرية جدا، لاننا في الاساس نريد لكل اسير فلسطيني ان يخرج من السجن وان يواصل الحياة والنضال والدور الايجابي, لان معركة الحرية هي معركة الحياة، ومعركة الاستقلال هي معركة الحياة، وانتصارنا الحقيقي هو ان يخرج خضر عدنان من زنزانته حيا بعد ان ابلغ رسالته الى العالم اجمع، وهذا هو المعنى الذي عملت في ظله الحركة الفلسطينية الاسيرة منذ نشوئها، وقدمت لشعبنا وللحضارة الانسانية نماذج مرموقة من الرجال والنساء ايقظوا الذاكرة واشعلوا نارها المقدسة.
خضر عدنان مناضل كبير، ومبدع كبير، انه في قيود السجن وضيق الزنزانة استطاع ان يخترق الواقع وان يتفوق على اللحظة الخانقة، وان يجعل الارادة تتخطى الاسلاك والقضبان والتعليمات العنصرية الصارمة، وان يصدر للعالم الصورة الحقيقية للعدو، بانه عدو محتل, يعيش على العربدة، فاقد لكل ما يدعيه, يعيش عكس التاريخ, يعبد الوهم والخرافة، وأنه زائل لا محالة، وأن العالم كله يجب ان ينتبه الى ما تجسده اسرائيل باحتلالها من عدوان وجريمة وشذوذ.
لا يملك خضر عدنان في سجنه سوى روحه، وارادته الحرة، وقدرته على ان يصنع من اللاشيء شيئا، أن يمتنع عن تناول طعام السجان المجرم الظالم, مقيد اليدين والقدمين وراء القضبان، ولكن ارادته جعلته يبدع، وهو يقول لكل اسير: انت ايضا تستطيع ان تبدع، وهو يقول لكل السياسيين ان ابداعاتنا النضالية هي ابداعات وطنية بامتياز فلماذا نهبط بها الى مستوى الجدل الفصائلي، ولماذا نغرقها في اوحال الانقسام؟ نحن في انتظارك يا خضر عدنان، حرا بيننا تواصل ابداع النضال، وتؤكد للعالم ان فلسطين ملهمة، وتؤكد لاعدائك ان الاحتلال زائل لا محالة وان الحرية هي الامل.