خبر تقارب بين «حماس» والقاهرة.. وإسرائيل تؤيد ..حلمي موسى

الساعة 10:26 ص|09 يونيو 2015

فلسطين اليوم

في الوقت الذي تقف فيه المصالحة الوطنية الفلسطينية أمام طريق مسدود، ويزداد الوضع الفلسطيني تعقيداً، يبدو أن وضع الانقسام الحالي يتجه إلى مزيد من التكريس.

ورويداً رويداً يجري الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية على أرضية اختلاف «نظامي الحكم» فيهما، ويزداد تقبل الجميع لذلك. وبعد أن صارت القيادات العسكرية الإسرائيلية تردد أن قدرة حماس على السيطرة في غزة ومجابهة المتطرفين الإسلاميين مصلحة إسرائيلية، تتجه القاهرة نحو هذه الفكرة ولو بشكل متردد. فالصراع الذي تخوضه حركة «حماس» في غزة ضد السلفية «الجهادية» خلق قواسم مشتركة بينها وبين كل من مصر التي تعاني من هذه السلفية في سيناء وأجزاء أخرى من الوطن المصري، وإسرائيل التي تريد الهدوء على حدودها مع غزة.

وكانت صحيفة «اليوم السابع» المصرية كشفت عن موافقة قيادات حركة «حماس» في الخارج على التعاون مع أجهزة الأمن المصرية لمكافحة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء. وكتبت الصحيفة أن «حماس» قبلت مقترحاً أمنياً مصرياً للتعاون في ملاحقة أفراد السلفية «الجهادية» الفارين من غزة إلى سيناء عبر تسليم قوائم بأسمائهم.

وبرغم إنكار جهات في «حماس» صحة هذا النبأ، إلا أن الحركة سبق لها وأبدت استعدادها للتعاون مع القاهرة بشكل رسمي لمحاربة الفكر التكفيري والتطرف «الجهادي» الإسلامي، الذي كثيراً ما استهدف قوات الأمن المصرية. كما أن مصادر مطلعة في «حماس» أكدت، لـ «السفير»، حدوث لقاء مطول قبل عودة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق إلى غزة مع عدد من كبار قادة الاستخبارات المصرية. وجرى خلال اللقاء مكاشفة مطولة ومناقشة مستجدة للاتهامات التي ترد في الإعلام المصري ضد «حماس» ودورها في سيناء. وأوحت المصادر بأن الأجواء كانت إيجابية، وأن لا اتهامات جدية للأجهزة المصرية للحركة، وأن الأمور تتجه نحو تلطيف الأجواء بين الطرفين.

وفي كل حال فإن «حماس» كثيراً ما عرضت على الجهات المصرية الضالعة في الأمر التعاون، من أجل ضبط الحدود ومنع التكفيريين من التنقل بحرية بين القطاع وسيناء. ومن المؤكد أن هذا العرض من الحركة يغدو أكثر جدية مع تنامي الصدامات بين التكفيريين و»حماس» في قطاع غزة، والتي صار من ترجماتها إقدام «جهاديين» على إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل لدفع الأخيرة للانتقام من «حماس» رداً عليها.

وفي كل حال أشارت الصحيفة المصرية إلى أن مسؤولي «حماس» اعتذروا لمصر عن تدخلهم في شؤونها الداخلية، ووعدوا بالكف عن ذلك. ومن الجائز أن هذا تحديداً هو ما تنكره بعض الجهات في «حماس»، خصوصاً أن موسى ابو مرزوق أعلن مراراً أن الحركة «سعت بشكل دائم لوجود علاقات ممتازة مع القاهرة»، موضحاً أن «حماس حركة تحرر وطني، ملتزمة بمصالح شعبها، لم تمارس الإرهاب يومًا، ولم تتخطَ بعملها المقاوم حدود وطنها، وسعت بكل طاقتها لتحسين علاقاتها مع القاهرة، ولكن حال دون ذلك الإعلام والقضاء».

وكان أبو مرزوق رحب، على صفحته على «فايسبوك»، بقرار المحكمة العليا المصرية إلغاء الحكم السابق بإدراج «حماس» على قائمة المنظمات الإرهابية، وطالب بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الحركة والحكومة المصرية، وعودة القاهرة إلى لعب دورها في ملفي المصالحة الفلسطينية والمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل.

وفي رد فعل مفاجئ، عقَّب رئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي الجنرال نمرود شيفر على الأنباء حول تحسن العلاقات بين مصر وحركة «حماس»، مباركاً التعاون بينهما ضد الجهات السلفية في سيناء.

وقال شيفر، في حديث لموقع «nrg» الالكتروني، إن «إسرائيل لا تعارض الاتصالات المتجددة بين الحكم المصري والتنظيم المسيطر في غزة، والتي جاءت بعد قطيعة عنيفة». وأضاف «إذا نشأت منظومة أو طريقة لضرب منظومة السلفيين في سيناء، فهذا طريق مبارك». وأشار إلى واقع أن شراكة المصالح يمكن أن تقود إلى توثيق العلاقات بين مصر و»حماس» قائلاً «إذا كان هذا يحارب الإرهاب السلفي بنجاعة، فهذا جيد في نظري».

وأوضح شيفر أنه لا حاجة لإسرائيل أن تخشى عواقب التعاون مع المنظمة، لأسباب بينها أن العلاقات العسكرية بين مصر وإسرائيل قوية، في كل ما يتصل بمنع تعاظم قوة «حماس». وأضاف «مصر لا تشكل تهديداً، إن مصر شريك غير اعتيادي، شريك ممتاز. وحربهم ضد حماس كانت حرباً شرسة. ولكونهم جزءاً من الإخوان المسلمين، فإنهم يحاربونهم من دون هوادة».

وفي كل حال فإن سجالاً يدور في إسرائيل حول تقديرات الحرب في الصيف المقبل. وقد أعلن قائد المنطقة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان، في اجتماعه مع رؤساء السلطات المحلية في مستوطنات غلاف غزة، أن إسرائيل لا يمكنها الذهاب إلى عملية عسكرية واسعة كلما سقطت صواريخ متفرقة على مناطق مفتوحة في إسرائيل، لكن بوسع الجيش أن يرد بالطريقة المناسبة. وأشار إلى أن قيادة الجبهة الجنوبية تلحظ أن «حماس» تبذل جهوداً لمنع الإطلاقات، لكن إسرائيل لا تعفي الحركة من المسؤولية وترد وفقاً لمتطلبات الأحداث.

وفيما أعلن رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد أنه لا يتوقع حرباً مع غزة الصيف المقبل، أكد زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان أن المواجهة مقبلة تحديداً في هذا الصيف. وقال، في جلسة لكتلة حزبه في الكنيست، إنه يتفق مع أقوال رجال الجيش و»لكن للأسف سقطت أربعة صواريخ، وهرع مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ، وكل ذلك قبل أن يمر عام واحد على الجرف الصامد». وأضاف أنه خلافاً للادِّعاءات «لا يوجد ردع وهو غير قائم، ويجب التشديد على فقدان الردع بشكل مطلق. ويتحدث رئيس حكومة ووزير دفاع عن ردع غير موجود. إن الهدوء لا يردع، ونحن نشتري الهدوء بأثمان باهظة». واعتبر أن الثمن الباهظ هو ترميم قدرات «حماس» وتحسين قدراتها، ولذلك «بوسعي القول إن المواجهة المقبلة ستكون في الصيف المقبل، حينها تمتلك حماس صواريخ أكثر وأنفاقاً أكثر ومعدات أكثر تطوراً مما كان في الجرف الصامد».