خبر جبروت المقاطعة- هآرتس

الساعة 10:25 ص|08 يونيو 2015

فلسطين اليوم

جبروت المقاطعة- هآرتس

بقلم: عميرة هاس

 (المضمون: اسرائيل لا زالت معدة على الربط بين تهجير الفلسطينيين عام 48 وبين سياستها اليوم، لذا أصبح الصوت العالمي ينادي ليس فقط بانهاء احتلال 67 وانما انهاء اسرائيل من الوجود - المصدر).

نحن لسنا هناك بعد، الانفجار الكبير لم يحدث بعد، والغالبية العظمى من الجمهور وممثليه لم يربطوا بعد بين تهديدات المقاطعة (سواء الكلامية او الفعلية) وبين سلوكهم كشعب عالي. ومغادرة مدير عام اورنج السريعة، ترفع لهم المعنويات – حتى المفاجأة القادمة.

 

          يوجد للدولة الاف الجنود (بالزي العسكري وبدون الزي العسكري) ينفذون مهامها العنيفة الروتينية، اولاد الماما الذين يقتحمون البيوت، واولاد البابا الحلوين الذين يطلقون النار على الصيادين، والآباء المحبوبين الذين قرروا ان هناك أُناس لا يجب ان يبقوا في المكان الذي ولدوا فيه. على أراضيهم. ولكن لا مشكلة بان يسكن هناك الشعب العالي، وهناك الاب المحبوب والبطل الذي يوقع على الامر القاضي بالقضاء على مصادر لقمة العيش لالاف الاشخاص. ويوجد اعمام محبوبين جدا واخوة كبار من بين الاسرائيليين الذين هم سجانين لـ 1.8 مليون شخص. وهناك الذين يعملون في التكنولوجيا مع حلق بالاذن، الذين لهم صلة باختراعات عسكرية قاتلة. وهناك الاولاد المحبوبين الذين لا يهمهم من يقتل بكبسة زر او يسجن 1.8 مليون أسير. عدم الاهتمام وعدم الرغبة بالمعرفة هي ايضا مهمات روتينية في خدمة الدولة – الاسمنت الذي يثبت مداميك طوب سيطرتنا الابدية.

 

          بالاضافة الى الصمود الفلسطيني الجماعي، فان العنف الذي يقوم به فلسطينيين وبعض الاسرائيليين هو فردي. أمام عنف الدولة يقوم الناس بالتظاهر، يجندون محامي، يكتبون تقريرا، يكتبون بوست على الفيسبوك، يبنون عريشة جديدة ويعودون للزراعة، يضربون عن الطعام في السجن، يقدمون التبرعات. وعندها تجند الدولة المزيد من الجنود لاعتقال كاتب البوست واطلاق النار على المتظاهرين واعتقال الاولاد في الليالي ومصادرة التراكتورات، ويفرضون العقوبات على من يضرب عن الطعام، وينشرون الاكاذيب ردا على التقرير. في حرب الاستنزاف هذه، يوجد للدولة دائما جنود أثر ومصادر أكثر.

 

          على العكس من الاسرائيليين، فان هناك مواطنين في دول اخرى يدركون الاعمال العنيفة الروتينية التي تقوم بها اسرائيل ويقوم بها الاف الجنود بشكل مباشر، وهذا الامر يستفزهم. وهم لا يستطيعون التصرف بشكل مفصل ضد كل عمل كهذا، لذا يقومون بجمع كل شيء، والنتيجة التي يرونها هي ارهاب دولة، والنتيجة هي النداء المركز للمقاطعة، هذا عمل توفيري وتأثيره كبير، يوجد هنا تفكير، جبروت الشبكات الاجتماعية، مظاهرات شبان مع الكثير من الطاقة، شعور بالغضب والاشمئزاز، اخلاص مع القليل من الاموال والمصادر بالمقارنة مع الافعال الاخرى.

 

          تقوم اسرائيل بتصدير الاحتلال، حولت دول العالم الى شركاء فعالين فيه. كيف؟ اموال الضرائب لمواطني الولايات المتحدة تمول المساعدات الامنية السخية والتعاون العسكري المكثف مع اسرائيل. اموال الضرائب لمواطنيهم ومواطني اوروبا ودول غربية اخرى تمول التعوض الجزئي على الاضرار المادية والصحية التي تتسبب بها السيطرة الاسرائيلية وعن طريق انعاش النظام العنيف القائم. غزة لا تنهار كليا، لان دول الغرب وقطر تقوم بنقل اموال الصدقات لمئات الالاف الذين تمنعهم اسرائيل من العيش وكسب القوت باحترام.

 

          ان تبرعات الغرب لا تشكل شبكة أمان للفلسطينيين، وانما شبكة أمان للمحظورات، للقيود والهجوم الاسرائيلي. التبرعات، حسب توزعها الحالي تأتي بدلا من عمل سياسي واضح وقاطع ضد الدولة الاسرائيلية والتي تقول جميع تقارير البنك الدولي انها السبب للكارثة الاقتصادية، ونحن نضيف بانها السبب للكوارث التي ستأتي ايضا. من المريح اكثر للدولة انفاق اموال مواطنيها على مياه ثمينة للقرى التي لا توجد فيها بنية تحتية. وتمويل بناء بيوت تم هدمها وقصفها للمرة الثالثة والرابعة، مريح اكثر من قول « توقف » لاسرائيل.

 

          ما الغرابة اذن بان ينتظم المواطنين الذين تمول اموال ضرائبهم هذا السكوت، كمحاربين مغواريين في الهجوم المقابل، الا وهو المقاطعة؟ هم غير راضون وهذا حقهم الدمقراطي والكامل بالتعبير عن رأيهم بالاستخدام الخاطيء لاموالهم. صحيح انه من غير المريح مواجهة كراهية المتظاهرين في فرنسا، بريطانيا، المانيا، وايطاليا، ومن المحرج سماع مواطنين كنديين واستراليين وامريكيين والذين لا زالوا يربحون كل لحظة امتيازات كونهم مستوطنين واحفاد مستوطنين ومالكي عبيد، سماعهم يقولون ان الحل هو تفكيك اسرائيل، ليس فقط انهاء احتلال 1967 ودمقراطة، لكن اسرائيل تتسبب بذلك لنفسها عندما تصمم على اثبات العلاقة المباشرة بين الطرد عام 1948 وبين سياسة اليوم. والاسرائيليين تسببوا بذلك لانفسهم بسبب اخلاصهم التجنيدي المحبب لجميع المهمات العنيفة لدولتهم.