خبر بين سكرة القوة لاردوغان وبين سواء العقل لريفلين -معاريف

الساعة 10:20 ص|08 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بين سكرة القوة لاردوغان وبين سواء العقل لريفلين -معاريف

بقلم: بن كسبيت

 (المضمون: خطاب رؤوبين ريفلين في هرتسليا أمس يعتبر مفصليا كونه تحدث بصراحة وجرأة حول ما يدور في داخلنا، لكنه في نفس الوقت لم يُقدم الحلول الكافية - المصدر).

1.اذا فقد اردوغان بالفعل الاغلبية في البرلمان وتجاوز الاكراد نسبة الحسم، فان الانتخابات في تركيا أمس تشكل ليس أقل من حدث مفصلي ايجابي، يقطع مسلسل طويل وقمعي لاحداث مفصلية دموية وسلبية في منطقتنا. حقيقة أن اسراع اردوغان باتجاه تحويل تركيا الى دكتاتورية اسلامية قد كُبحت بطريقة ديمقراطية (على العكس من الحالة المصرية حيث حدث الامر هناك بفضل اسلحة الجيش)، وهذا يثبت أنه يمكن فعل هذا الامر بطريقة اخرى. لقد حدث هذا في تونس. فهناك ايضا تم كبح الاسلاميين في الانتخابات الديمقراطية، لكن تركيا مهمة أكثر، ديمقراطية أكثر ورمزية أكثر فيما يتعلق بنا.

لا، نهاية اردوغان لم تظهر بعد في الأفق، والأسلمة المتسارعة لتركيا لم تقل بعد كلمتها الأخيرة، لكن اردوغان والتابع الروحاني له، رئيس الحكومة دبوت اوغلو، فهما أمس حدود القوة. فقد بدآ بالاحتفال بشكل مبكر، وسكرة القوة تسببت لهما بالاعتقاد أن الجمهور سيذهب خلفهما الى كل مكان وفي جميع الاحوال. وقد اخطآ. هذه أنباء ممتازة.

2. لدينا يوجد رئيس مختلف تماما. وعلى عكس التوقعات (بما في ذلك توقعاتي) فقد تحول رؤوبين ريفلين منذ زمن الى بالغ في السن والمتحمل الوحيد للمسؤولية والعقلانية حول طاولة القيادة. خطابه أمس في « مؤتمر هرتسليا » الذي حظي باسم « خطاب القبائل » يمكن أن يعتبر خطابا مفصليا.

قال ريفلين بصوت عالٍ ما نقوله جميعا ونهمس به في السر. اسرائيل تغيرت. من دولة فيها اغلبية ثابتة وثلاث – اربع أقليات تدور حولها، تحولنا الى دولة كلها أقليات، قبائل وتيارات منفصلة عن بعضها البعض في أفضل الحالات، أو شجار الواحد مع الآخر في الحالات الأقل جودة.

هذا واقع، يقول الرئيس، يجب التعود عليه واستغلاله. هناك ما يمكن فعله، محظور أن نفقد الأمل، ويمكن تحويل التعددية الى أفضلية. ما كان ينقصني في خطاب الرئيس ريفلين هو توصيات حقيقية للعمل، مثل التي يمكن للرئيس، المواطن رقم واحد، أن يوصي بها.

مثل ماذا؟ النداء للحريديين مثلا بزيادة خروجهم للعمل وتجندهم في الجيش. النداء للعرب بالاقتراب أكثر من المجتمع الاسرائيلي، والمساهمة في الخدمة المدنية، وبدء المشاركة في ما يحدث هنا بدلا من الانفصال. ريفلين يحظى بتأييد واسع في هذين الوسطين، العرب والحريديين، وأعتقد أن كلمات حازمة أكثر منه تستطيع انشاء الفرق. 

3. في نيويورك، في مؤتمر « جيروزاليم بوست »، وجد نفسه كل من رئيس الموساد السابق مئير دغان وقائد الاركان السابق غابي اشكنازي مُعرضين للمساءلة العلنية. المذيعة في الحوار الذي شاركا فيه، الصحفية الناجحة كارولاين غليك، وجهت اليهما اتهامات خطيرة. حيث منعا، بحسبها، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من مهاجمة ايران بين 2010 – 2011، ورفضا تنفيذ الأوامر، وبسببهما وصلنا الى ما نحن عليه، حيث تجاوز الايرانيون خط اللارجعة.

لقد شاهدت هذا الحدث في الانترنت وكنت مستعدا لمجموعة منفذي الاعدام في نهايته. لكن مشكلة غليك وادعاءاتها أنها غير واقعية. وفي ردودهما كشف اشكنازي ودغان نوعا من التناقض المسلي بينهما: قال اشكنازي إنه لم يكن أمر كهذا، وقال دغان إن الأمر كان غير قانوني.

لو كانت غليك قد قرأت كل ما نشر حول هذا الأمر خلال سنوات، لكانت فهمت أن الأمر، « تحفز الجهاز » الذي أُعطي لرؤساء الاجهزة الامنية في نهاية جلسة « السباعية »، كان غير قانوني. لا يمكن تجنيد الاحتياط بمستوى واسع من غير قرار المجلس الوزاري المصغر – الحكومة.

بعد أن أوضح كل من دغان، اشكنازي، ديسكن ويادلين الامر لنتنياهو واهود باراك، تراجع الاثنان عن القرار واختفى الأمر من برنامج العمل اليومي. لهذا فان دغان على حق (أمر غير قانوني)، واشكنازي ايضا على حق (لم يُعط الأمر في نهاية المطاف).

لكن هذا مهم فعليا. الأمر الذي لم تأخذه غليك في الحسبان هو أنه ليس هناك قائد اركان أو رئيس موساد يستطيع رفض قرار المستوى السياسي. اذا كان نتنياهو وباراك قد عقدا المجلس الوزاري المصغر كما يطالب القانون، واتخذا القرار، لكان قد نُفذ. وهذا ايضا ليس مهما. الأمر المهم هو أن الرؤساء الاربعة للاذرع الامنية قد تحرروا خلال 2011، والفرصة الحقيقية لنتنياهو لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية كانت في 2012. فقد كان لديه في حينه رؤساء اجهزة مستجدين وفاقدي الأمن (غانتس، بردو، كوهين وكوخافي). وكان لديه وزير دفاع حربي (باراك)، ولم يكن هناك رئيس فعال، واوباما كان في نهاية حملة انتخابية جديدة، وكانت اسرائيل قادرة على قصف واشنطن ايضا.

نهاية 2012 كانت توقيت مثالي لضرب المنشآت النووية الايرانية. فلماذا اذا لم يضرب؟ قد يكون السبب أنه كان سيضرب اوباما بدلا من ذلك في محاولة لاسقاطه من خلال المراهنة على ميت رومني. أو قد يكون خاف (كالعادة). الادعاءات التي توجهها غليك للعسكريين، يجب عليها أن توجهها لمتخذي القرارات: نتنياهو وباراك.