خبر الاعتقال الإداري للفلسطينيين تعريفة ومدى مشروعيته.. عبدالكريم شبير

الساعة 11:39 ص|06 يونيو 2015

 

الخبير بالقانون الدولي

 

   ان الاعتقال الاداري يعتبر سياسة ممنهجة تتبعها دولة الاحتلال الصهيوني ضد المناضلين الفلسطينيين لقمعهم وردعهم وتعذيبهم من خلال الاعتقال الاداري وتحت ادعاءات امنية باطلة لا أساس لها من الصحة أو الواقع، واليوم يوجد العشرات بل المئات من المناضلين الفلسطينيين بسجون الاحتلال الصهيوني وعلى رأسهم المناضل الكبير عدنان خضر الذي اسس معركة الامعاء الخاوية كوسيلة نضالية ضد هذه السياسة العقابية الممنهجة والتي تمارس ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ولتعرف على الاعتقال الإداري لابد من التطرق إلى تعريف الاعتقال الإداري وأساسه ومدي مشروعية:

     الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمة أو محاكمة، حيث يصدر وزير الجيش الاسرائيلي أو من ينوب عنه، قرار إداريا باعتقال أحد المناضلين الفلسطينيين، بناء على توصية من أحد ضباط الأمن الاسرائيلي المبنية على تقارير أمنيه سرية لا يمكن كشفها حسب اعتقاد رجال الأمن الاسرائيلي.

    إن اساس الاعتقال الإداري، وجد في القانون الدولي على سبيل الاستثناء حيث يجوز لدولة الاحتلال وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة الاعتقال الإداري لمواطني الدولة المحتلة وذلك في حال وقوع الضرر المحقق ويتم تجديد أمر الاعتقال لمرتين فقط، ويتم تنفيذه في حدود ضيقة ولا يحق ممارسته كعقاب جماعي. كما أنه وجد في قانون الطواري لعام 1945 الذي وضع في عهد الانتداب البريطاني والذي أصبح ملغيا بعد انتهاء الانتداب كما أن الاحتلال الاسرائيلي أصدر أمرين عسكريين واحد بقطاع غزة والآخر بالضفة الفلسطينية.

  أن الاعتقال الإداري يتم بدون تهمة وبدون محاكمة عادلة، ويعتمد على ما يسمى الملف السري والتذرع بوجود أدلة سرية لدى جهاز الأمن الإسرائيلي (الشين بيت)، و لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية أن يجدد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة حيث يتم استصدار أمر إداري لفترة أقصاها ستة شهور في كل أمر.

وبناء عليه فأن المحامين الفلسطينيون يقفون عاجزون أمام هذا النوع من الاعتقال التعسفي، حيث لا يمكنهم الدفاع عن موكليهم بسبب عدم وجود محاكمة عادلة وأن التهمة سرية، والمحكمة تجري دون السماح للمحامين بالاستماع للشهود أو سماع الأدلة الداعية للاعتقال، مع أن القانون ينص على تحويل المعتقلين الإداريين لإجراءات القضاء الطبيعية، وفي حالة نقص الأدلة الكافية الموجهة ضدهم يجب أن يطلق سراحهم فوراً.

وبهذا يعتبر الاعتقال الإداري يعتبر شبح مرعب للمناضلين الفلسطينيين، كونه لا يستثني أحداً ويطول الصغير والكبير والمرأة والرجل وأعضاء المجلس التشريعي وناشطون في حقوق الإنسان والأكاديميون.

ويصف المعتقلون مرحلة انتهاء الفترة الأولى من الاعتقال الإداري بأنه الأصعب والأقسى، حيث يعيشون حالة عصبية وخشية من التجديد الذي يأتي فجأة وفي آخر لحظة وفي ساعة الإفراج أحيانا، وينعكس اثار ذلك الاعتقال على عائلة وأطفال الأسير الذين يكونون على أحر من الجمر بانتظار الإفراج عن ابنهم بانتهاء مدة الاعتقال الإداري، وليشكل تجديد الاعتقال الإداري صدمة لهم وحالة من القهر والتعذيب والمعاناة.

إن الاعتقال الاداري يعتبر سلب قسري للحرية والإنسانية وتحايل على قوانين ، ونداءات ومطالب حقوق الإنسان التي اعتبرت الاعتقال الإداري حاله استثنائية لا يجوز التوسع فيها ويجب وقف التعامل به، ولكن حكومة الاحتلال الصهيوني تضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية والإنسانية والقيم الاخلاقية والشرائع السماوية التي تحرم اعتقال أي شخص بشكل تعسفي ودون إجراء أي محاكمة عادلة له.

إن الاعتقال الإداري إجراء مرتبط بالوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحركة الاحتجاج الفلسطيني على استمرار الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية.

  وهو بهذه الصورة يعتبر عقاب وإجراء سياسي يعبر عن سياسة صهيونية لحكومية دولة الاحتلال الصهيونية باستخدامها الاعتقال الإداري كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين وهو محظور بهذا الشكل الذي تستخدمه قوات الاحتلال في القانون الدولي الانساني، وقد استخدم ضد العديد من الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية للاعتقال الإداري مع كافة الشرائح المختلفة من الجمهور الفلسطيني، سواء نشطاء حقوق إنسان، أو عمال، او طلبة جامعيون، أو محامون، أو أمهات معتقلين، أو تجار  وخلافة.

    إن إصدار أوامر الاعتقال الإداري دون تحديد عدد مرات التجديد للمعتقلين الإداريين من سكان الضفة الفلسطينية يكون بيد الحاكم العسكري الإسرائيلي للمنطقة. ويمنح القانون الصهيوني للقائد العسكري صلاحية إجراء أية تعديلات على الأوامر العسكرية المتعلقة بالاعتقال الإداري بما يتناسب والضرورة العسكرية، دون الأخذ بالحسبان أية معايير للقانون الدولي لها علاقة بحقوق المعتقلين الإداريين.

 

    أن القوانين العسكرية الإسرائيلية المتعلقة بأوامر الاعتقال الإداري ترجع إلى قانون الطوارئ الانتدابي لعام 1945. ويستند القائد العسكري الإسرائيلي في غالبية حالات الاعتقال الإداري على مواد سرية بموجب التعديل الثاني للأمر بشأن الاعتقال الإداري ( تعليمات الساعة)( تعديل رقم 2) 1988 ( رقم 1254 بالضفة ورقم 966 بقطاع غزة)، وهي بالأساس مواد البينات ضده، والتي تدعي السلطات الاحتلال الإسرائيلية عدم جواز كشفها حفاظا على سلامة مصادر هذه المعلومات، أو لأن كشفها قد يفضح أسلوب الحصول على هذه المواد. وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية بالقدس في حالات عدة، جواز إمكانية عدم كشف هذه البينات، وعدم إلزام السلطة باحترام حق المشتبه به بالحصول على إجراءات محاكمة عادلة. بما يعد انتهاكا لحق المعتقل الإداري في إبلاغه بسبب إلقاء القبض عليه فمن حق كل شخص أن يبلغ بسبب إلقاء القبض عليه. وتنص المادة 9(2) من العهد الدولي المذكور « العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية » على ما يلي :« يجب إبلاغ كل شخص يقبض عليه بأسباب القبض عليه لدى وقوعه، ويجب إبلاغه على وجه السرعة بأية تهمة تُوجَّه إليه.

     أن انتهاك حق المعتقل الإداري في عدم التعرض للقبض عليه أو اعتقاله تعسفيا حيث تنص المادة 9(1) من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية« على أنه »لا يجوز القبض على أحد أو اعتقاله تعسفاً« ، وأنه » لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه« . وقد ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن مصطلح » التعسف« لا يعني فقط أن الإجراء »مخالف للقانون« ، بل يجب تفسيره تفسيراً أوسع ليتضمن بعض العناصر الأخرى، مثل عدم اللياقة والظلم وعنصر المفاجأة.

   أن محاكمة الفلسطينيين في محاكم عسكرية إسرائيلية لا تراعي أصول المحاكة العادلة المنصوص عليها قانونيا ودوليا والتي تحفظ للمعتقلين حقهم في المساواة أمام القانون، والمثول أمام محكمة مختصة ومستقلة وحيادية ومنشأة بحكم القانون.

 

   أن جلسات مراجعة الاعتقال الإداري تقع تحت مصنف الجلسات غير العلنية أي المغلقة والتي لا يسمح للجمهور أو لأفراد عائلة المعتقلين حضورها، أي يمثل المعتقل الإداري  فقط المحامي، ولا يكون في المحكمة إلا المعتقل، والقاضي، والمدعي العسكري، وممثل المخابرات في بعض الأحيان مما يشكل حرمانا للمعتقل من حقه في الحصول على محاكمة علنية حسب ما جاء بالمادة 14(1) من »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الحق في المحاكمة العلنية، باعتبار ذلك عنصراً أساسياً من عناصر المحاكمة العادلة. ويجب أن تكون القاعدة هي إجراء المحاكمة شفوياً وعلنياً، ويجب أن تعلن المحكمة، أياً كان نوعها، المعلومات الخاصة بوقت إجراء المحاكمة ومكانها.

 

تقوم النيابة العسكرية بإحضار المعتقل أمام القاضي خلال 8 أيام من يوم إصدار أمر الاعتقال الإداري، بينما بموجب القانون الإسرائيلي خلال 48 ساعة. وهذه المدة تخضع لصلاحية القائد العسكري المشرع له إجراء التعديلات كلما اقتضت الحاجة.

 

     إن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشين بيت) يأخذ بيده القانون وأن الجهاز القضائي يقوم بدور المنفذ للسياسات الأمنية ويحاول أن يضفي الطابع “ القانوني“ على سياسة الاعتقال الإداري (التعسفي).أي أن الجهاز القضائي لا يتسم بالجدية والموضوعية والاستقلالية، ويبقى إلى حد كبير متأثرا بالسياسات الأمنية وعرضة لتدخل الأجهزة الأمنية بذريعة أن المصلحة العليا الإسرائيلية تستوجب سياسة الاعتقال الإداري، رغم تعارضها مع مبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وحقوق الإنسان.

 

   ان هذه السياسة العقابية التي تتبعها سلطات الاحتلال الصهيوني تعتبر جرائم ضد الانسانية وبعد ان اصبحت فلسطين عضوا في المحكمة الجنائية الدولية يمكنها اليوم ومن خلال هيئة الاسري والهيئة الوطنية العليا التي شكلت لمتابعة جرائم قادة الاحتلال الصهيوني علي ابناء الشعب الفلسطيني تقديم قضية المعتقلين الاداريين الى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة ومعاقبة كل من ارتكب هذه الجريمة وتسبب بالأذى والضرر للمعتقلين الفلسطينيين وبهذا يمكننا من تدويل هذه القضية الوطنية وطرحها على القضاء الدولي وتحميل المجتمع الدولي المسؤولية القانونية والدولية .