عبر آلاف الزيارات التطبيعية

خبر المسلمون والعرب يدعمون اقتصاد « إسرائيل » في القدس

الساعة 04:21 م|04 يونيو 2015

فلسطين اليوم

يبدو أن التطبيع العربي – الإسلامي مع الجانب الإسرائيلي يأخذ منحنيات تصاعدية خطيرة خاصة في ملف زيارة العرب والمسلمين للقدس المحتلة، ولا يخفى على احد ترويج الفكرة من قبل الجانب الإسرائيلي وأنظمة عربية من بينها السلطة الفلسطينية؛ والتي تستخدم أداة الفتاوى السياسية والدينية لجذب الزوار للمدينة المحتلة.

إحصائيات وأعداد صادمة عن زيارات العرب والمسلمين نشرتها صحيفة هآرتس « الإسرائيلية »، حيث بينت أن أعداد الوافدين المسلمين إلى مدينة القدس المحتلة، في العام الماضي 2014، من إندونيسيا وصل إلى ٢٦.٦ ألف زائر، ومن الأردن ١٧.٧ ألف زائر، و٢٣ ألف زائر من تركيا بالإضافة إلى ٩٠٠٠ زائر من ماليزيا، و٣٣٠٠ زائر من المغرب، إلّا أنه وفي الشهرين الأولين فقط من العام الحالي دخل ما يزيد عن ١٠ آلاف زائر مسلم إلى القدس، وتستمر الزيارة في المعدّل أربعة أيام من كل أسبوع.

 

ترويج فكرة الزيارات تأتي من قبل الجانب الإسرائيلي وأنظمة عربية من بينها السلطة؛ وتستخدم الفتاوى السياسية والدينية أداة لجذب الزوار للمدينة

وتشير الإحصائيات للعام 2015 بأعداد صادمة لزيارة المسلمين والعرب للقدس، حيث أن آلاف المسلمين يحجون إلى المدينة؛ الأمر الذي بدا يأخذ شكل الظاهرة العامة، في ظل ارتياح إسرائيلي عام من جهة، والسلطة الوطنية وبعض الأنظمة العربية من جهة أخرى.

وتشجع السلطة الفلسطينية وعدد من مشيخة القدس الزيارات التطبيعية للمدينة المحتلة، علماً ان أغلب الفتاوى الدينية الصادرة عن دور الإفتاء الإسلامية أكدت على حرمة الزيارة تحت عباءة الاحتلال الإسرائيلي.

وكان عباس دعا خلال القمة العربية إلى إيجاد حالة تواصل دائم مع القدس وأهلها وإخراجها من عزلتها، وانتقد بشدة الفتاوى التي تحرم زيارة القدس؛ قائلا :« إنه يجب التواصل مع القدس وليس تحريم زيارتها، فلا يوجد هناك نصوص في القرآن أو السنة، ولم يحصل في التاريخ أن مفتيا أو قاضيا أو رجل دين، حرم زيارة القدس، فكيف نحرمها؟! وقعت تحت احتلالات كثيرة ولم يأت شخص يقول حرام عليكم أن تزوروا القدس »، حسبما قال.

واتخذت الفصائل الفلسطينية -خاصة الإسلامية منها- موقفاً على عكس سابقه من الناحية السياسية والدينية حيث أنها ترفض الزيارات « التطبيعية » للقدس، لما لها فوائد عديدة لجانب الاحتلال الإسرائيلي وإضرار عام في المصلحة الإسلامية – العربية - الفلسطينية.

 وكان الاتحاد العالمي العلماء المسلمين، ومؤسسة الأزهر، ورابطة علماء فلسطين، وهيئة علماء فلسطين في الداخل والخارج، وجميع روابط علماء المسلمين أصدرت فتوى بتحريم زيارة غير الفلسطينيين إلى القدس في ظل الاحتلال الصهيوني، واعتباره تطبيعا مع الاحتلال الذي يمنح تلك التراخيص، وصدرت فتوى من عدد كبير من العلماء.

وعمقت الفتاوى السياسية والدينية الفجوة بين المعارضين للزيارات التطبيعية والقائلين بإباحيتها، ففي حين يرى مؤيدو هذه الزيارات أن من شأنها تقديم دعم سياسي ومالي لمدينة القدس، يرى معارضو هذه الزيارات أنها تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين الدول والشعوب العربية والإسلامية و« إسرائيل »، لأنها تتم بتأشيرات وتصاريح دخول صادرة عن الجيش الإسرائيلي.

ولا شك في أن المستفيد الوحيد من تلك الزيارات الإسلامية - العربية للمدينة المقدسة الاحتلال الإسرائيلي من ناحية اقتصادية وسياسية، وفقاً للصحف العبرية وتداعيات الزيارات.

صحيفة هآرتس العبرية؛ تقول :« عانى قطاع السياحة في مدينة القدس في العام الماضي، من انخفاض بنسبة نحو 20% في عدد ليالي المبيت في فنادق المدينة المحتلة ».

* هآرتس: زيارة المسلمون للمسجد الاقصي تحسن الاقتصاد الإسرائيلي

وتضيف:« وبحسب خبراء إسرائيليين فإن الوضع السياحي كان يمكن أن يكون أكثر سوءًا بكثير، لولا الارتفاع الكبير في عدد السياح من الدول الإسلامية والذي يقدّر عددهم بعشرات الآلاف ».

وتعوّل « إسرائيل » في إنقاذ السياحة الإسرائيلية في القدس على الوافدين من الدول العربية والإسلامية بهدف الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، إذ أن ارتفاع عدد الوافدين إلى القدس من الدول العربية والإسلامية في أعقاب فتوى تسمح وتشجّع زيارة القدس وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي، بعشرات الآلاف فقط أنقذ السياحة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة.

الخبير الاقتصادي الفلسطيني د. رجا الخالدي  أشار أن « الزيارات للقدس في الوقت والظروف الحالية يستفيد منها صاحب البنية التحتية الاقتصادية والسياحية الأقوى والأفضل، وهي الإسرائيلية في هذه الأيام ».

 

خبير اقتصادي: شركات السياحة الإسرائيلية في الغالب تكون هي المدبّرة لهذه الرحلات

 

وأضاف الخالدي في تصريحات صحفية أن « شركات السياحة الإسرائيلية عادة وفي أغلب الحالات تكون هي المدبّرة لهذه الرحلات حتى لو كانت الجهة الإسرائيلية خارج الصورة، وتستعين بشركات نقل عربية، أو فنادق عربية أو شركات سياحة عربية وسيطة ليس أكثر ».

 وتحتل اندونيسيا الأكثر زيارة للقدس المحتلة من بين الدول الإسلامية، بينما تحتل الأردن أول دولة عربية في أعداد الزائرين للمدينة.

ويدعم زوار المدينة السياحة والاقتصاد الإسرائيلي عبر تنشيط عملية الشراء، وإدخال العملات الصعبة إليها، خاصة أن أغلبهم يقيم في فنادق، ويشتري من أسواق، ويركب حافلات إسرائيلية، وذلك بتحريك متعمد من قبل المرشد السياحي الإسرائيلي.

 الخالدي: المستفيد من الزيارات في الوقت الحالي الاحتلال الإسرائيلي

 

ومن المعطيات التي تؤكد ان الفائدة من الزيارات تصبُ في مصالحة الاحتلال الإسرائيلي، أن الأخير يسهل عمليات الزيارة للقدس عبر المعابر والحواجز الإسرائيلية، وفي منح الزائر الفيزا بوقت قصير.

ونقلاً عن مسؤول في سلطات المعابر « الإسرائيلية » يقول أن « سلطات المعابر الإسرائيلية تسمح للزائرين بالدخول عبر معبر الكرامة (اللمبي) إلى الضفة، ثم إلى القدس بتصاريح خاصة وبلا ختم على جواز السفر كي لا يواجهوا صعوبات في سفرهم للدول العربية المختلفة جراء الختم الإسرائيلي »، الأمر الذي يعد تشجيعاً إسرائيلية مباشراً للزيارات وذلك بسبب الفوائد التي تعود على الاحتلال من تلك الزيارات.

 

 

 

زيارات مشبوهة

بدوره، أكد نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل كمال الخطيب أن الزيارات التطبيعية لا تصب إلا في مصلحة العدو الإسرائيلي من كل الجوانب خاصة السياسية والاقتصادية.

كما وأكد الخطيب في تصريح لـ« فلسطين اليوم » على موقف حركته من زيارة القدس الشريف والمسجد الأقصى؛ موضحاً أن موقفهم من موقف المجامع الفقهية المعتمدة لدى الأمة الإسلامية وهو حرمة الزيارة التي تأتي لتطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.

الخطيب: الزيارات التطبيعية لا تصب إلا في مصلحة العدو الإسرائيلي من كل الجوانب خاصة السياسية والاقتصادية


الشيخ كمال الخطيب

وقال الخطيب:« الزائر لمدينة القدس يخالف الآراء الدينية والمجامع الفقهية المعتمدة، علاوة على أنه يعطي سيادة لدى الاحتلال الإسرائيلي من خلال مروره بإذنه ومن خلال تأشيرته وحواجزه، ويدخلون المسجد تحت حمايته ».

وأضاف :« أن الاحتلال يهدف من وراء تطبيع العلاقات مع العالم الإسلامي وتلبيد مشاعرهم، والاستفادة السياسية من وراء تلك الزيارات ».

وعن المواقف التي تدعو لزيارة المسجد الأقصى خاصة تلك التي تصدر من أصحاب سلطة ومشيخة؛ قال:« الفتاوى الدينية المعتمدة حجة عليهم، ولا نريد ان نلمز في أحدٍ منهم ولكن نقول أن بعضَ منهم تأتي فتواه السياسية والدينية بشكل يتناغم مع وظيفته التي عين من أجلها ولا يستطيع الخروج عن سياسة تلك الجهات ».

وأوضح ان المنتظر من المسلمين لم يكن زيارة القدس سائحين، بل أن يأتوا إلى القدس فاتحين، لافتاً ان التذرع بأن الزيارات تأتي لدعم المقدسيين « حجة واهية حيث أنهم بإمكانهم تدعيم المقدسيين بطرق عديدة بعيداً عن الزيارات المشبوهة ».

وأشار أن الزيارات تخدم الاقتصاد والسياحة الإسرائيلية بشكل مباشر من خلال ان الزائر يدخل في برامج سياحية تتبع للاحتلال الإسرائيلي، ويقيم في فنادق، ويشتري من الأسواق الإسرائيلية، الأمر الذي يحسن ويدعم الاقتصاد الإسرائيلي في القدس المحتلة.