خبر دولة دعاية- هآرتس

الساعة 08:40 ص|04 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

   (المضمون: تعيش اسرائيل في واقع خيالي حيث تعتقد أن باستطاعتها مثلما أجرت غسيل دماغ للاسرائيليين أنها ستغسل دماغ العالم وتُبقي على الاحتلال الى الأبد - المصدر).

          الدعاية ستغطي على كل شيء. لنقُل ارهاب، لنصرخ لاسامية، ولا شرعية، نتذكر الكارثة، نقول دولة يهودية، جي فراندلي، تنقيط، بندورة شيري، مساعدة نيبال، جوائز نوبل لليهود، انظروا ما يحدث في سوريا، الديمقراطية الوحيدة، الجيش الاكثر أكثر. لنقُل إن الفلسطينيين يتخذون خطوات أحادية الجانب، نطرح المفاوضات حول « حدود المستوطنات »، نطالب بالاعتراف بالدولة اليهودية ونشكوا من أنه « لا يوجد من نتحدث معه ».

          نتباكى بأن العالم كله ضدنا ويريد تدميرنا، ليس أقل من ذلك. نائبة الوزير تطلب من سويسرا المقاطعة، الوزيرة تعلن أن المقاطعة أمر مرفوض، نائب مدير عام وزارة الخارجية يوضح أنه بحاجة الى ميزانية اخرى، شلدون ادلسون يبادر الى لقاء طاريء في لاس فيغاس – ورغم كل شيء فان الدعاية ستغطي على كل شيء.

          سياسة النفي والانكار والانقطاع عن الواقع تصل الآن الى مرحلة خطيرة، ودرجة المرض تزداد خطورة. حينما يبدأ العالم في مشاهدة بوادر مشجعة من الصحوة للعمل، فان اسرائيل تتحصن في واقعها الخيالي وتقيم لنفسها المزيد من جدران الفصل. يعتقدون في اسرائيل أن ما نجح بشكل جيد في مجتمعنا ومحا تماما الوعي والمعرفة، سينجح أيضا في العالم. إن حملة غسل الدماغ التي نجحت هنا ستنجح في الخارج – وكل شيء عبارة عن « شرح »، وهي الكلمة الاسرائيلية المتخفية للدعاية، والميزانيات بالطبع.

          أعطوهم فقط رشاشات، رشاشات شرح وأموال، وسوف يشرحون للعالم الى أي مدى هو مخطيء والى أي مدى هي صادقة دولة اليهود، وأنه لا توجد لهم دولة اخرى. اجتماع في لاس فيغاس، عصف ذهني في القدس – وسيتنازل العالم عن مواقفه.

          هذه مرحلة معروفة مسبقا في مواجهة حملة دولية تهدف الى تحقيق العدالة والقانون الدولي: مرحلة النفي، والتمسك بقناعات مخطوءة، تقريبا غير واقعية، تقول إنه اذا أوضحت اسرائيل موقفها واستثمرت في ذلك المصادر الصحيحة، فان كل شيء سيكون على ما يرام. بكلمات اخرى: يستمرون في اسرائيل في التفكير أن العالم غبي (واسرائيل ذكية)، وأنه يمكن بيع أي شيء للعالم مثلما يمكن بيع أي شيء للاسرائيليين. وأن ادلسون سيشتري تأييد العالم مثلما يشتري السياسيون في الولايات المتحدة، نائبة السفير في دبلن ستُظهر للايرلنديين اللاساميين ما يجب أن تُظهره لهم.

          هذا خداع ذاتي بالطبع، وهو جزء من حملة الدعاية والاكاذيب. هناك أمور، كما قال ذات مرة السفير المتوفى يوحنان مروز، غير قابلة للشرح، وأحدها السلوك الاسرائيلي. لا يوجد شارح وغير دعائي يستطيع شرح استمرار الاحتلال. لا يوجد، لم يكن ولن يكون.

          صحيح أنه في دولة جميع دعائييها ينجح الامر منذ خمسين سنة تقريبا، واغلبية الاسرائيليين مقتنعون أن كل شيء جيد عندنا، وأن جيش الدفاع الاسرائيلي هو جيش أخلاقي وأن الاحتلال هو احتلال لا مناص منه، وأن اسرائيل تستطيع العيش الى الأبد على حد السيف وتُدير ظهرها للعالم، وتذل الفلسطينيين وتدمر غزة في كل عامين، وتطلق النار على الاطفال وتؤمن أنها على حق وأن العالم سيؤمن بذلك ايضا. وأن الدعاية يمكنها أن تحل محل السياسة الاخرى.

          أنه يمكن التلاعب بالعالم طول الوقت: وضع شروط جديدة كل عام أو عامين لانهاء الاحتلال، والادعاء أن البصقة هي شتاء. واتهام الفلسطينيين بكل شيء وتمويه الحقيقة البسيطة بأن الاحتلال هو اسرائيل. والقول للعالم بأننا نعيش بفضل التوراة والاقتناع بأن أحد ما سيتعاطى مع هذا بجدية. وأن ذكرى الكارثة ستفيدنا الى الأبد، وأن نبرر أي عمل اجرامي.

          هذا لن ينجح لفترة طويلة من الزمن. هذا لم في أي دولة على مدى التاريخ مهما كانت قوتها، ولم ينجح في الامبراطوريات الكبيرة. العدالة ستنتصر في النهاية، حتى وإن كان متأخرا. العدل يقول إن اسرائيل لن تستطيع الاستمرار في السيطرة الى الأبد على شعب آخر، حتى وإن تجند حاييم سبان بجلاله وبنفسه للعمل.