خبر المستفيدة: اسرائيل - معاريف

الساعة 09:49 ص|31 مايو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي ميلمان

1.صاروخ جراد الذي سقط يوم الثلاثاء ليلا على حديقة يفنه، الاطلاق بعيد المدى الاول من غزة منذ عملية الجرف الصامد في صيف 2014، كان حدثا محليا. تم احتوائه بسرعة. ايضا بفضل الحذر الذي يبديه حتى الان وزير الدفاع موشيه يعلون ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

الحادثة يجب ان لا تؤثر على الاهتمام للامور المهمة التي تحدث في الشرق الاوسط وتتصل بالامن القومي لاسرائيل، وهي الحروب في سوريا والعراق، والتي تقضي على الدولتين، أو ما تبقى منهما. وايضا اجراءات « الدولة الاسلامية » (داعش) في الاسابيع الاخيرة.

السبب وراء الاطلاق من غزة هو خلاف داخلي في الجهاد الاسلامي – بعض النشطاء رفضوا تعيين احد القادة المحليين في المنظمة-. اسرائيل وحماس والجهاد الاسلامي الذي دخل في خلاف مؤخرا مع الراعية ايران، لا يريدون التصعيد الذي قد يقود الى حرب رابعة في غزة. واسرائيل عمليا تتصرف في غزة على العكس من مصالحها الامنية. كانت اسرائيل تريد الوصول الى ترتيب بعيد المدى، لكن من المشكوك فيه ان الامر ممكن. ليس فقط بسبب الفجوات بين اسرائيل وحماس بل بسبب موقف الفيتو لرئيس مصر عبدالفتاح السيسي.

 

جنبا الى جنب مع البارزين في النظام، تزداد كراهية السيسي للتنظيم الاسلامي الذي يفقده عقله. وحسب النظام في القاهرة فان حماس والاخوان المسلمين هم نفس الشيء. ويتهم السيسي حماس بالتعاون مع انصار بيت المقدس، الذي قدم الولاء لداعش وغير اسمه الى « مقاطعة سيناء للدولة الاسلامية ». لا توجد مصادقة على الادعاء المصري حول هكذا علاقة. وبالتأكيد لا توجد مساعدة ممأسسة من قبل حماس للارهاب في سيناء.

 

اسرائيل لا تريد الحوار مع حماس، خوفا من غضب السيسي وبالتالي التأثير على التعاون الامني والاستخباراتي بين الدولتين.

 

2. تلقى الجيش السوري هذا الشهر ضربات قوية بعدة محاور، وحليفه رئيس حزب الله حسن نصرالله (من المخبأ) تحدث بشكل يدلل على الضغط الذي هو فيه بسبب انجازات المتمردين، بالذات داعش. تحدث نصرالله عن داعش بكلمات « تهديد وجودي » أما راعيه، قاسم سليمان، قائد قوات القدس في الحرس الثوري الايراني، انتقد تساهل الولايات المتحدة في الحرب ضد التنظيم السني في العراق.

 

ولكن رغم حزب الله وايران فلا زال مبكرا نعي نظام الاسد، ونهاية الرئيس السوري ليست قريبة بعد، ولكن وزير الدفاع السابق ايهود باراك الذي يعتبره مقربون انه ذات قدرة تحليلية فوق طبيعية، قال في اذار 2011 وبعد اندلاع الحرب الاهلية في سوريا بعدة اسابيع « أن الاسد سيسقط خلال ثلاثة اسابيع » ولكن مياه كثيرة سارت منذ ذلك الحين في نهر الفرات، والحرب الاهلية في سوريا مستمرة منذ 50 شهرا والنهاية لا تظهر في الافق.

 

فقد الجيش السوري مدينة تدمر جنوب شرق الدولة لصالح برابرة داعش، حيث تعود العالم على الافعال الشنيعة ولم يعد ينفعل منها. ولحقته خسائر ايضا في إدلب في الشمال من قبل جبهة النصرة (التابعة للقاعدة) ومجموعات متمردة اخرى. بالمقابل على جبهة جبال القلمون والمطلة على المعابر الحيوية للبنان، وليس بعيدا عن دمشق، نجح الجيش السوري وبالذات محاربو حزب الله صد هجوم المتمردين والسيطرة على عدة مواقع استراتيجية مهمة. ولجانب المعارك ضد جيش الاسد وحزب الله في القلمون، فان داعش والنصرة يحاربون بعضهم البعض.

 

تحظى تدمر على عناوين كبيرة في الصحافة العالمية، أهميتها العسكرية والاستراتيجية ليست كبيرة، والاهتمام نابع من رفرفة الاعلام السوداء على معالمها الاثرية. وهي اعلام داعش الذي يهدد بتدمير معالم أثرية من الفترة الرومانية والباقية في المكان.

 

المعلومات من تدمر متناقضة، نشرت داعش فيلم حول الاثار حيث يمكن تفسيره باتجاهين: الاول، انه وعد بعدم تدمير الاثار لانها آثار العصور الوسطى بل لانها كفر وتدنيس. الثاني، النشر قد ينبىء ببدء عملية التدمير في المكان. هذا المكان الذي أعلنت عنه الاونسكو قبل سنوات كمعلم حضاري عالمي. خوف العالم هو أن يقوم داعش بتدمير المكان كما فعل في الموصل بتدمير معالم ما قبل الاسلام في المناطق وفي مدينة النمرود، من الفترة الاشورية في العراق. وتحول المكان الى ساحة اعدام للاسرى الذين وقعوا في يد المنظمة.

 

          تدمر التي تقع في الصحراء كانت محطة نقل مهمة للتجارة بين سوريا والعراق وكانت تتصل بطريق الحرير لمركز آسيا. واليوم ايضا لا زالت مفترق مهم ومنها تتفرع الطرق الى حمص في الشمال ودمشق في الغرب. حيث تبتعد حوالي 230 كيلو متر. نجح داعش في اقامة مواقع صغيرة في معابر دمشق ومن هناك يطلق رجاله القذائف بين فينة واخرى باتجاه المدينة، ولكن لا يبدو ان التنظيم ينوي الانقضاض على المدينة العاصمة. بالمقابل، قائد جبهة النصرة محمد الجولاني اعلن هذا الاسبوع عن نيته قصف دمشق.

 

وضع الاسد صعب وهو يسيطر على ربع سوريا، دمشق ومركز حلب، والشوارع الرئيسية للمدن الكبرى والشواطيء والموانيء اللاذقية وطرطوس، مواقع المدينة العلوية التي ينتمي اليها. جيشه تضرر بشكل كبير في الحرب والاف الموتى وعشرات الاف الجرحى والهاربين. وفقد الجيش ايضا جزء كبير من الصواريخ الخاصة به بما في ذلك صواريخ سكاد التي باستطاعتها اصابة اسرائيل، ايضا سلاح الجو سحق في المعركة وهو السند الاساسي له، لكن الطائرات لا زالت تقلع وتلقي القنابل التي تصيب الابرياء من ابناء شعبه. نجح النظام في الحفاظ على خطوط الامداد ليس فقط داخليا وانما باتجاه الداخل ايضا. السلاح والذخيرة يدخل من ايران لدمشق والسفن الروسية تصل الموانيء، ولا توجد اهمية كبيرة لوجود حوالي 70 في المئة من اراضي سوريا تحت سيطرة المتمردين لانها صحراء في الشرق ومدن دير الزور والرقة التي اعلنها داعش عاصمة له.

 

ماذا على اسرائيل أن تفعل؟؟ حتى الان السياسة الاسرائيلية بعدم التدخل معقولة، حتى وان كانت غير اخلاقية تجاه مقتل شعب واقع بين الاطراف المتحاربة. وكما نشر في السابق فان اسرائيل تدخلت في سوريا فقط عندما قامت بعشرة ضربات جوية دون ان تعلن مسؤوليتها. ضد قوافل السلاح الجديد والمتطور بالذات صواريخ عالية الدقة كانت في طريقها الى حزب الله او عندما اطلقت النار من سوريا باتجاه اسرائيل هناك خطر بان تدفع هكذا ضربات الى الرد السوري، وايران وحزب الله، هذا لم يحدث حتى الان، لانه مثلما في غزة، جميع الاطراف لا تريد التصعيد.

 

يقال أن اسرائيل تزيد من علاقاتها مع المتمردين، وبالذات جبهة النصرة التي تسيطر تقريبا على الشريط الحدودي في هضبة الجولان باستثناء الحرمون الذي يسيطر عليه الان. نجح داعش في السيطرة على عدة قرى في هضبة الجولان، لكنها بعيدة عشرات الكيلومترات عن الحدود الاسرائيلية وقريبة اكثر من دمشق (المسافة بين دمشق والحدود الاسرائيلية 50 كيلو متر). وجبهة النصرة تحارب داعش في تلك القرى وتريد طرده منها.

 

          اسرائيل هي المستفيد الاكبر من الحرب الاهلية في سوريا ومن تهاوي الشرق الاوسط، حيث أن أعداءها يستنزفون بعضهم البعض ولا يوجد تقريبا اهتمام بمحاربة اسرائيل. لكن على الاجهزة الامنية ومتخذي القرارات اعطاء موقفهم في اليوم التالي حيث يظهر داعش أو النصرة اهتمام بالجار من الغرب، وتحضير سيناريو رد وعمل. آمل أن لا يحدث هذا.

 

          3. يوجد في تدمر ايضا مطار سقط في أيدي المتمردين، رغم أن الطائرات السورية هربت قبل سقوطه. قدامى سلاح الجو والاستخبارات في اسرائيل تذكروا هذا الاسبوع الدور المخيف والمهم الذي لعبه هذا المطار في الستينيات والسبعينيات وبداية الثمانينيات. فقد عملت في الكطار مجموعة طائرات ميغ 25 من انتاج سوفييتي، وكانت تقوم بطلعات وتصوير، ولم يكن لاسرائيل ردا مناسبا عليها. طائرة الميغ تعتبر منذ 40 عاما طائرة متقدمة ومخيفة والاكثر تطورا. وهي ذات محركين قويين وقدرة عالية على المناورة. وتسير بسرعة 2.8 ماك (ثلاثة اشعاف سرعة الصوت).

 

          بعد حرب الايام الستة وضعت عدة صواريخ ميغ في مصر وقام بتشغيلها طيارين روس حيث قاموا بحوالي 20 طلعة تصوير فوق سيناء دون أن يستطيع سلاح الجو الاسرائيلي اصابتها أو اسقاطها. بعد حرب يوم الغفران في 1973 منح الاتحاد السوفييتي طائرات ميغ لسلاح الجو السوري حيث تم وضع الطائرات في تدمر البعيدة 250 كم عن هضبة الجولان. المسافة الكبيرة نسبيا سمحت للطائرات بالاقلاع بهدوء نسبي دون أن تستطيع الاستخبارات الاسرائيلية رصدها، وهكذا نجحت الطائرات في الدخول الى المجال الجوي لهضبة الجولان والى حدود الخط الاخضر وتصوير أهداف ومواقع عسكرية استراتيجية.

 

          إن خيبة الأمل الاسرائيلية من قدرة الطائرات في مطار تدمر أدت في نهاية المطاف الى التخطيط لاسقاط هذه الطائرة المخيفة على أمل أن يؤدي ذلك الى انهاء الطلعات والتصوير. هكذا ولدت عملية « الفرخ » في عام 1982 للاستخبارات العسكرية وسلاح الجو. « كان هذا كمينا ناجحا »، قال الدكتور كيدار. في كانون الاول 2012 أحيى طيارو سلاح الجو القدامى الذكرى الثلاثين للعملية وتمت تغطية اللقاء في موقع الجيش الالكتروني ومجلة « الدفاع الاسرائيلي ». بطارية متحركة لصواريخ هوك نقلت سرا الى الجولان ووضعت في جبل الباروك على ارتفاع 2 كم تقريبا. وتم تحسين مدى الصواريخ الى مستوى الطيران الاقصى لطائرات الميغ.

 

          أطلق صاروخين باتجاه الطائرة وأصيبت، لكنها لم تسقط، وطائرات مقاتلة من نوع اف 15 أطلقت الصواريخ باتجاه طائرة الميغ واسقطتها.

 

          العملية نجحت وحققت هدفها حيث كف السوريين عن الطلعات الجوية من اجل التجسس فوق هضبة الجولان.

 

          4. في يوم الثلاثاء قام البروفيسور عمانويل سيون، وهو مستشرق ومختص في التاريخ الاسلامي، باعطاء محاضرة في مركز التعليم الامني القومي في تل ابيب حول ظاهرة « الدولة الاسلامية ». حسب قوله الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الاكبر عن نشوئها. عدد جرائم واشنطن، الدخول الى العراق في عام 2003، ومصاعب التغلب على حلفاء القاعدة (بقيادة الزرقاوي الذي هو جد داعش) وقرار اوباما الانسحاب كليا من الدولة. لكن امريكا ليست وحدها.

 

          وقد ذكر ايضا فترة صدام حسين الذي أقام في اطار حزب البعث ما سمي بـ « فدائيو صدام ».  وقد كانت قوة من المتطوعين الذين مروا بعملية أسلمة، وقد استخدم صدام الاسلام للتأثير على الناس. يقول عمانويل سيون أن لديه شريط يظهر صدام في أحد الاجتماعات مع اللجنة المركزية للحزب في عام 1986 حيث يطالب بالتخفي على شكل متدينين، لكن الامر تحول بشكل معاكس بعد سقوطه حيث توجهت تلك القوة المتطوعة الى القاعدة التابعة للزرقاوي، وهي تعمل اليوم الى جانب داعش وزعيمها أبو بكر البغدادي.

 

          الفرق بين داعش وغيره، حسب رأي عمانويل سيون، هو « انك لا تركز على مراكز القوة أو تدمرها أو تضر بالمصالح الاقتصادية للدولة، وانما تستفيد منها وبالذات في المحيط، والسلطة تفقد قدرتها على محاربتك ». ميزة اخرى لداعش هي استخدام العنف الشديد ضد العنف الشديد. وردة الفعل من قبل الغرب على قطع الرؤوس غير صادقة، « لأن هذه عقوبة المدخنين ». الغرب لا يهتم بالحلم الايديولوجي لاقامة دولة شريعة و« خلافة »، ويعتبر ذلك خدعة من اجل العلاقات العامة الناجحة.

 

          حسب رأيه فان داعش يسعى الى القوة ويقوم باستخدام العنف عن وعي، ليس فقط ضد السكان الشيعة بل ايضا ضد السنة الذين تحت سيطرته. ومن هذه الناحية فان سلطته تشبه سلطة زعيم الاتحاد السوفييتي جوزيف ستالين.