خبر تطبيع نسبي- معاريف

الساعة 09:03 ص|26 مايو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: أوري سفير

          (المضمون: اذا كنا قد نجحنا في تطوير العلاقات مع ألد أعدائنا، المانيا، فان الامر ممكن مع جيراننا العرب في الشرق الاوسط ولكن الامر يتعلق ايضا بنا - المصدر).

          إن ما كان مفاجئا في زيارة الرئيس ريفلين الى المانيا في بداية أيار في الذكرى الخمسين على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، هو السطحية التي غطت فيها وسائل الاعلام زيارة رئيس اسرائيلي من خريجي بيتار في برلين. في النشرات الاخبارية لقطة قصيرة لريفلين وهو يخطو أمام جنود الجيش الالماني وانحنى انحناءة بسيطة للعلم الالماني.

          مناحيم بيغن بالتأكيد تقلب في قبره. خمسون عاما مرت على انشاء العلاقات بين الدولتين، فقط بعد عشرين سنة من الكارثة، خمسون عاما من التطبيع النسبي في العلاقات الدبلوماسية، الاقتصادية، الثقافية، الامنية والاجتماعية، التي تعتبر من أعقد العلاقات التي يمكن أن توجد.

          والدي المرحوم ليو سفير كان من قادة المفاوضات لانشاء هذه العلاقات. هو من مواليد المانيا، عاد الى مسقط رأسه كممثل لدولة اسرائيل. لقد عاش وخبر التكافؤ الثنائي في هذه العلاقات، وكمثقف لامع تعرف جيدا على عمق الابداع الثقافي الالماني، وكيهودي خبر مع عائلته الكارثة.

          دافيد بن غوريون كان من شق الطريق لاقامة علاقات مع المانيا الجديدة، في محادثاته مع المستشار الاول ما بعد الحرب، كونراد اديناور. اتفاق التعويضات في 1952 الذي أمّن لاسرائيل وللاسرائيليين تعويضات كبيرة كان مثارا للاختلاف مثلما هي العلاقات ذاتها مع المانيا الجديدة.

          في المجال السياسي تجذر مفهوم « علاقات خاصة »، الذي وفقا له أصبحت المانيا داعمة تقليدية لاسرائيل بدافع الشعور بالمسؤولية تجاه الماضي وربما المستقبل. المستشار برانت هو الذي وضع هذا المفهوم في الزيارة الاولى لمستشار المانيا للبلاد في 1973.

          في المجال الاقتصادي، المانيا اليوم هي الشريك التجاري الثاني لنا بعد الولايات المتحدة، مع صادرات اسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار في السنة.

          في المجال الامني، شمعون بيرس شق الطريق في 1957 في محادثاته مع وزير الدفاع الالماني فرانس شتراوس. منذ ذلك الحين والمانيا هي مزود مهم للسلاح، وهي تزود اسرائيل بغواصات ذات أهمية استراتيجية عالية.

          لكن في المجال الاجتماعي والثقافي حدث تطبيع ذو أهمية أكثر، هذا بدأ بتبادل الشباب والتوأمة بين المدن (يوجد لتل ابيب وحيفا خمس مدن توائم لكل واحدة). الفرقة الموسيقية والمسارح الالمانية المعروفة جاءت الى البلاد وخيرة فناني اسرائيل عرضوا في المدن الالمانية. اسرائيليون كثيرون يؤيدون فرق كرة القدم الالمانية وحتى المنتخب الوطني بطل العالم.

          بعد 70 سنة من اوشفيتس، فان برلين هي هدف سياحي شعبي، محط أنظار لزيارة اسرائيليين شباب كثيرين الذين يطمحون للانتعاش في الغربة.

          مفهوم أن اسرائيل لا تنسى ولا تغفر. الالمان الشباب ما زالوا يتعلمون عن الكارثة في المدارس وفي ايام ذكرى خاصة. الى جانب الذاكرة هناك تسامح اسرائيلي مع المانيا اليوم، ويسأل السؤال: كيف حدث هذا؟.

          الزمن الذي مضى هو جزء بسيط من المعادلة الجديدة. لقد كان وما زال هناك مصالح اقتصادية، نظرا للقوة الاقتصادية الالمانية. ايضا المصالح السياسية تلعب دورها، على ضوء تأييد المانيا ودورها المركزي في الاتحاد الاوروبي، هذا الى جانب الانتقادات المتزايدة على سياسة الاستيطان من جانب حكومة انجيلا ميركل. كان هناك ايضا قيادة شجاعة في الطرفين مكّنت من وجود هذه العلاقات الخاصة وكذلك التصالح. بن غوريون وبيرس من جهة وكونراد اديناور وويلي برانت من الجهة الاخرى، ورافق ذلك حب الاستطلاع المتبادل من الطرفين لقصص النجاح واستعداد الجيل الشاب لفتح صفحة جديدة.

          لقد تصرفنا بصورة صحيحة في الحالة الالمانية، في الحفاظ على الذاكرة وتطوير العلاقات الجيدة والمفيدة، سياسيا واجتماعيا. والسؤال هو هل نفس هذه العملية ممكنة ايضا بيننا وبين جيراننا العرب في المستقبل؟ الاجابة تتعلق ايضا بنا. اذا كنا قد نجحنا في التسامح مع أكبر أعداء شعبنا، اذا فان الامر ممكن، اذا قررنا ذلك، ايضا في الشرق الاوسط.